آخر الأخبارأخبار محلية

معطيات عسكرية في لبنان تُخيف إسرائيل.. معلومات تسرُد ما ستشهدهُ الحرب!

بدا واضحاً “تراجع مُستوى التصعيد” في اللغة التي تحدّث بها الإسرائيليون مؤخراً بشأن لبنان وملف ترسيم الحدود البحريّة. ففي الوقتِ الرّاهن، ما يتبيّن بشكل علني أنّ المسؤولين الإسرائيليين أرادوا بثّ أجواءٍ إيجابيّة بشأن ملف الترسيم، في حين أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أعطى، أمس الإثنين، إجابة مُباشرة عن نيّة تل أبيب في إبرام اتفاقٍ حدودي بأقرب وقتٍ مُمكن، وقال: “مستعدون للتوصل لاتفاق مع الحكومة اللبنانية بشأن الحدود البحرية، ونأمل ألا يجرّنا حزب الله إلى صراعٍ مُسلّح”. 


فعلياً، لا يُمكن أبداً إغفال “الإيجابية” الإسرائيلية التي برزت مؤخراً كما أنه لا يُمكن التعاطي معها بِسطحيّة. ففي الواقع، ما تُظهره المعطيات العديدة أنّ هناك خشية حقيقية داخل تل أبيب من حصولِ حربٍ فعلية، ولهذا شاءت القيادة الأمنية أن تُشيع أنباءً عن تطورات جيدة في ملف ترسيم الحدود مع لبنان، وذلك من أجل إراحةِ الجبهة التي تشهدُ استنفاراً كبيراً على مختلف المستويات. إلا أنه في المقابل، ردّ الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين على كل التسريبات الأخيرة، معتبراً في اتصالٍ أجراه، أمس، مع نائب رئيس مجلس النواب الياس أبو صعب، أن كل الأخبار التي يجري ترويجها من هناك وهناك، تندرجُ في إطار التكهنات.


في غضون ذلك، تشيرُ تقارير إسرائيلية عديدة إلى أنّ المسؤولين الأمنيين في تل أبيب باتوا يستشعرون الضغط المتأتّي من استعدادات “حزب الله” للانخراط بأي مواجهة عسكرية، وذلك في حال لم ينَل لبنان حقوقه على صعيد الثروة النفطية بأسرعِ وقتٍ ممكن. فعلى الصعيد العسكري، يبدو واضحاً أنّ إسرائيل مُتأهبة على أكثر من جبهة، سواء في البحر أو الجو أو البر، لكنّ الأمر الذي يُخيفها بدرجة كبيرة هو عدم وضوحِ تفاصيل لحظة الصفر المرتبطة بأيّ صراعٍ مُسلّح. 


وسط ذلك، قد يكون الاستنفارُ الإسرائيلي المُتصاعد على الحدود الشماليّة مع لبنان، سببه معلومات استخباراتية عن تحركات فعليّة لـ”حزب الله” في الميدان. وهنا، فإن هذا الأمر يتقاطع مع مُعطيات غير عادية، إذ كشفت معلومات خاصة بـ“لبنان24” أنّ “حزب الله أجرى مُناورة عسكرية وتدريبات مؤخراً عند الحدود الجنوبية، وذلك في منطقة قريبة جداً من الشريط الحدوديّ”. 


بحسب المصادر، فإن “هذه التدريبات استمرّت لأكثر من أسبوع تخللها إستخدام أسلحةٍ متنوعة، كما أنها ركّزت على تقنيات هُجوميّة عديدة”.  


كذلك، أشارت معلومات “لبنان24” إلى أن هناك تعبئة داخلية في “حزب الله” عنوانها الاستنفارُ العام في كافة القطاعات الأساسية ضمنه، لاسيما النسائية منها. وبحسب المصادر، فإنّ “النفير العام” قد أُعلِن داخلياً، في حين أن هناك استعدادات لوجستية وتقنية قد اتخذت في حال حصول أيّ مُواجهة.  


ما الذي يُخيف إسرائيل هذه المرّة؟ 


في خطابٍ مفصلي له، أمس الإثنين، خلال احتفالية مركزية في ختام فاعليات الـ”40 ربيعاً” في الضاحية الجنوبية لبيروت، قلّل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من أهمية التهديدات الإسرائيلية بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية، معتبراً أن كل الكلام الإسرائيلي لا قيمة له.  


مع هذا، فإن نصرالله ثبّت مجدداً حق لبنان في الدفاع عن ثرواته، فاتحاً المجال أمام “المقاومة” لتحقيق ذلك باعتبارِ أن معادلة الرّدع فرضت ذلك. 


من دون أدنى شك، تعتبرُ المعركة القادمة – إن حصلت – الأقسى بالنسبة للجيش الإسرائيلي، إذ ستكونُ مفتوحة على كافة السيناريوهات، في حين أنها لن تتركّز على بقعة جغرافية محددة. وبمعنى آخر، فإنّ “حزب الله” لن يحصر أي نزاعٍ مُسلح هذه المرة ضمن الحدود البرّية، بل سيمتد الصراع إلى الجو والبحر، وهذا الأمر يُؤرق إسرائيل بشدّة.  


بشكل مباشر، لم يختبر الجيش الإسرائيلي في أي حربٍ سابقة مع “حزب الله” تقنيات جديدة يُمكن أن تقلبَ اللعبة رأساً عقب. فمن جهة، تدخلُ على الخط الصواريخ الدقيقة، ومن جهةٍ أخرى يبرزُ صاروخ “نور” وهو كروز مضاد للسفن – إيراني الصنع، فضلاً عن صاروخ باليستي آخر يُسمى “فاتح – 110” والذي يتراوح مداه بين 250 و300 كلم. أما الأمر الأهم فهو أنّ ذلك الصاروخ له رأس حربي يصلُ إلى 500 كيلوغرام، وهو موجّه بنظام الـ”GPS”، ما يعني أن “حزب الله” قادر على تحديد الهدف الذي يريدهُ عن بُعد.


وبالإضافة إلى تلك الترسانة الضخمة من الصّواريخ، تخشى إسرائيل لحظة “إنهاك” جيشها على أكثر من جبهة. ففي حال فتح “حزب الله” معركة على أكثر من صعيد، عندها ستكون الأهداف متنوعة بين البحر والبر والجو. وبذلك، قد تجدُ تل أبيب صعوبة في حصرِ الأهداف التي قد تطالها صواريخ “حزب الله”، في حين أنّ السيناريو المُرتبط بالحرب الجوّية التي قد تخوضها إسرائيل، بات مُختلفاً عن سابقاته.  
اليوم، وأكثر من أيّ وقتٍ مضى، تشيرُ التقديرات الإسرائيلية إلى مخاوف من إسقاط طائراتٍ حربية، وهي خطوة تعني ضربة كبرى لسلاح الجو الإسرائيلي، وذلك بمعزلٍ عن الضربة الحتميّة التي ستطال منصات الغاز التابعة لتل أبيب في عمق البحر.  


هنا، فإنّ طريقة التعامل الإسرائيلية مع أي حرب ضدّ لبنان ستشهد تبدلات كبيرة، وفي حال حصلت انتكاسات على صعيد سلاح الجو بشكل خاص، فإنّ إسرائيل ستكون قد مُنيت بهزيمة كبرى باعتبار أن لعبة الحرب البريّة لن تكون في صالحها أبداً. 


على مدى السنوات الماضية، تمكّن “حزب الله” من اكتسابِ خبرات جديدة في حرب العصابات إثر مشاركته في الحرب ضدّ المجموعات الإرهابية في سوريا. هناك، اختبر الحزبُ تكتيكاتٍ عسكرية أضافت إليها معارف جديدة حول كيفية أخذ زمام المبادرة لشنّ هجومٍ برّي والعودة فوراً إلى نقطة الانطلاق في ظلّ تغطية ناريّة. وعملياً، الأمرُ هذا يرتبطُ بوحدات خاصّة ستؤدّي تلك المهمة، في حين أنّ أساس أي معركة بريّة يحتاجُ إلى دراسة ميدانية عميقة لساحة القتال، وهذا الأمرُ يُدركه الجيش الإسرائيلي تماماً. ولهذا، فإنّ مغبة الاندفاع نحو شنّ توغل برّي في جنوب لبنان سيكون “مقتلاً” جديداً للدبابات الإسرائيلية، ما يعني تماماً انكساراً جديدة على الصعيد العسكري الإسرائيلي.  


اختبارٌ جديد للقبّة الحديدية 


وخلال المعركة الأخيرة التي شهدها قطاع غزة مطلع شهر آب الجاري، شهد نظام “القبّة الحديدية” اختباراً جديداً، وقد كشفت إسرائيل أن النظام سجّل نجاحاً بنسبة 95% في اعتراض صواريخ حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية.  


ومنذ سنوات عديدة، تعملُ تل أبيب على تحسين معدل نجاح “القبة الحديدية” التي نشرتها اعتباراً من العام 2011. وبعد كلّ معركة كانت تُشنّ ضد قطاع غزة، تعمدُ إسرائيل إلى تطوير النظام أكثر فأكثر وبشكل تصاعدي. 


في المُقابل، فإن أي معركة ستُخاض ضد “حزب الله” تختلفُ تماماً عن الحروب التي كان تُخاض على قطاع غزة. فمن جهة، فإنّ قدرات “حزب الله” الصاروخية تفوق بآلاف المرات قدرات “الجهاد الإسلامي”، كما أنها تتخطى بقوة كبيرة التقنيات الموجودة بحوزة حركة “حماس”. 


باعترافات إسرائيلية، فإن القدرات الصاروخية لـ”حزب الله” شهدت نقلة نوعيّة منذ العام 2006، تاريخ حرب تمّوز التي شنت على لبنان. إضافة إلى ذلك، فإنّ التحذيرات البارزة مؤخراً تكشف أن أي نزاعٍ مع لبنان سيشكلُ تحدياً كبيراً لنظام القبة الحديدية، بمعنى أنه من الصعب جداً إثبات نسب نجاح النظام ضدّ صواريخ “حزب الله” المُتطورة. أما الأمر الأهم فيرتبط بأن كمية الصواريخ الكبيرة التي قد يُطلقها الحزبُ في أي معركة قد تكون هائلة مُقارنة مع قدرات القبة الحديدية، الأمر الذي سيؤدي إلى سياسة انتقائية في التصدّي للصواريخ، وبالتالي التخلي عن اعتراض الكثير منها في بعض الأحيان وذلك من أجل إبطاء معدل استهلاك مخزون الصواريخ الاعتراضية الذي تمتلكه إسرائيل.  


في خلاصة الأمر، ما تكشفه كافة المعطيات تشيرُ إلى أن الحرب المقبلة لن تكون سهلة أبداً، إذ ستكشفُ عن تبدلات كبيرة على الصعيد العسكري، وبالتالي ستنسف الكثير من النظريات المرتبطة بالمعارك البرية نظراً لدخول تقنياتٍ متطورة على الخط.. والمرحلة الآتية كفيلة بكشف كل ذلك.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى