نتائج الطعون.. جزء من بلورة المرحلة المقبلة
اثار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مسألة بت المجلس الدستوري بالطعون المقدمة اليه من قبل المتضررين من نتائج الانتخابات النيابية في دوائر متعددة، معتبراً ان ضغوطا تمارس على المجلس لكي يعطي التقدم للفريق المتحالف مع “حزب الله” ليمتلك بعد ذلك الاكثرية النيابية بشكل صريح وواضح. لكن جعجع الذي لا يزال يتعامل مع نفسه بأنه رئيس لاكثرية نيابية تعارض الحزب فتح اشتباكا سياسيا مع المجلس الدستوري من دون ان يكون لديه اي فائدة عملية.
لا يمتلك جعجع عمليا اكثرية نيابية، حتى أن “فريق الثامن من اذار” لديه افضلية كبيرة بالتحالف مع كتل من خارجه مثل نواب المستقبل الحاليين وبعض النواب المستقلين، وعليه، فهو مع بعض التحالفات يستطيع ضمان الاكثرية النيابية. اضف انه حتى لو تم احتساب نواب 8 اذار و”التيار الوطني الحر” حصرا فإن حاجة هذا الفريق لعدد قليل من النواب ليفوز بالاكثرية لا يعني ان الطرف الآخر المقابل يمتلك اكثرية متماسكة، والاهم ان “القوات اللبنانية” لا تربطها علاقة جيدة بغالبية الكتل النيابية التي تصطف في مواجهة الحزب.
هكذا لا يبدو ان خسارة جعجع ستكون حقيقية في حال استطاع الحزب وحلفاؤه الفوز بأكثرية النصف زائدا واحدا في البرلمان بسبب قرارات المجلس الدستوري، فهو بالاصل لا يرأس او يشارك بأي اكثرية حقيقية ليخسرها. كذلك فان الدوائر التي ذكر جعجع ان المجلس الدستوري يتعرض لضغوط من اجل الحكم لصالح حلفاء “حزب الله” فيها، ليست دوائر ستصاب القوات داخلها بخسارة نيابية، فالخاسر الاكبر سيكون نواب المجتمع المدني وبعض النواب المستقلين.
في المحصلة، ادخل جعجع، بالرغم عدم وجود اي مصلحة مباشرة له، قضية الطعون في البازار السياسي، موحيا أنها قضية اساسية في الكباش السياسي الحاصل، فهل يمكن لفوز قوى الثامن من اذار بثلاثة او اربعة نواب قلب موازين القوى داخل المجلس النيابي والحياة السياسية النيابية؟
بحسب مصادر مطلعة فإن مسار الطعون الذي لا يزال داخل اروقة المجلس الدستوري لا يمكن لوحده ان يشكل فارقا في موازين القوى التي حددتها الانتخابات النيابية الاخيرة، لكنه في الوقت نفسه قد يشكل مؤشرا لمصير التوازنات بعد التسويات السياسية المتوقعة في المنطقة حول الساحة اللبنانية التي ستدخل خلال اسابيع في دوامة الاستحقاقات المصيرية، من الترسيم الحدودي البحري الى انتخابات رئاسة الجمهورية.
لن تكون لفوز قوى الثامن من اذار بنواب اضافيين اهمية فعلية في التوازنات الداخلية، في حال لم يترافق ذلك مع تطورات جدية في موضوع التلاقي الاقليمي حول الساحة اللبنانية بشرط ان يعطي هذا التلاقي والتوافق افضلية سياسية لحزب الله ويتيح له ايصال حليف له لرئاسة الجمهورية، اذ ان اي تسوية تقلل من نفوذ الحزب داخل المؤسسات ستحوّل النواب الجدد الى عبء على فريقهم السياسي.
لا يبعد لبنان كثيرا عن تسوية كبرى خصوصا ان تزاحم الملفات والاستحقاقات سيدفع بإتجاه تسريع الاتفاق الاقليمي والدولي حول الساحة اللبنانية، يحصل ذلك بالتوازي مع المفاوضات الايرانية الاميركية والخليجية الايرانية والسورية التي باتت تتجه بشكل حاسم نحو تسويات تخفف التوتر وتنهي الاشتباكات الاقليمية بشكل شبه كامل.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook