دعا “للزحف نحو تندوف” واعتبر “وجود موريتانيا خطأ”.. الداعية المغربي أحمد الريسوني يثير غضب الجزائر ونواكشوط
نشرت في: 18/08/2022 – 17:15
تتوالى ردود الفعل في الجزائر وموريتانيا على تصريحات الداعية المغربي أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التي قال فيها إن موريتانيا والصحراء تتبعان للمملكة المغربية، ودعا “إلى الزحف” نحو تندوف. الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين سارع إلى التبرؤ من تصريحات رئيسه، فيما ردت الجزائر رسميا على هكذا تصريحات. أما الريسوني فقد حاول التخفيف من حدة الجدل، مؤكدا أن أقواله أخرجت من سياقها.
“العلماء والدعاة في المغرب مستعدون للجهاد بالمال والنفس (…) والزحف بالملايين إلى مدينة تندوف الجزائرية”. تسبب هذا التصريح لرئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين المغربي أحمد الريسوني في موجة تنديد عارمة رسمية وحزبية لدى جيران المملكة في الجزائر.
ففي حوار مع موقع “بلانكا بريس” المغربي، قال الريسوني أيضا: “وجود موريتانيا نفسها خطأ، فضلا عن الصحراء، على المغرب أن يعود إلى ما قبل الغزو الأوروبي”، ما أثار غضب الجار الموريتاني أيضا.
وتأتي تصريحات الريسوني في خضم احتقان كبير في العلاقات بين الرباط والجزائر منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل نحو عام، قررت بعدها الجزائر إغلاق مجالها أمام كل الطائرات العسكرية والمدنية المغربية، وبررت في بيان رسمي حينها قرارها بمواصلة الرباط “استفزازاتها وممارساتها العدائية”.
غضب في الجزائر
ولم تتأخر ردود فعل عن المجتمع المدني والسياسي وحتى الديني بالجزائر في الصدور، حيث أعربت حركة مجتمع السلم الإسلامية عن استغرابها من تصريحات الريسوني ووصف زعيمها عبد الرزاق مقري ما بدر عن “الدكتور أحمد بالسقطة الخطيرة والمدوية من عالم من علماء المسلمين، يفترض فيه الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية، لا أن يدعو إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين، وفق ما سماه الجهاد بالمال والنفس”.
واعتبرت حركة “البناء” الإسلامية أن “تصريحات الريسوني صدمت مشاعر الجزائريين، وكثير من شعوب المنطقة المغاربية كالموريتانيين والصحراويين. بخطابه المتعالي، وأسلوبه الاستهتاري المثير وغير المسؤول والمتطاول على سيادة الدول وكرامة شعوبها”.
فيما عبر رئيسها، عبد القادر بن قرينة، عن “استيائه من التصريحات المثيرة للفتن بين الشعوب”.
أما جبهة التحرير الوطني، التي تمتلك أكبر كتلة برلمانية، فاعتبرت في بيان أن “كلام الريسوني جاء ليعيد إنتاج خطاب نظام المخزن المغربي، بخصوص ما يسمى الحقوق التاريخية المزعومة في أراضي دول الجوار”.
كما صدر تعليق رسمي من السلطات الجزائرية عن تصريحات الريسوني وذلك عبر بيان للجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية الأربعاء، قالت فيه إن حديث رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني “تضمن تحريضا واضحا ودعوة صريحة إلى الاعتداء على سيادة الدول، وقد سولت له نفسه، ظلما وعدوانا، إثارة خطاب الكراهية، والدعوة إلى إشعال نيران الفتنة بين شعوب المنطقة ودولِها وحكوماتها”.
هيئات موريتانيا ترى في تصريحات الريسوني استفزازا
في موريتانيا، الجارة الجنوبية للمغرب، نددت هيئة العلماء الموريتانيين بالتصريحات المستفزة للريسوني، “الذي ذكر فيه بمواقف بعض الإخوة المغاربة من استقلال موريتانيا”.
وأضافت الهيئة أن “هذا النوع من الدعوات تطاول على سيادة بلادنا ولا يرضي الأشقاء في المغرب ونعتب على صاحبه في موريتانيا”.
من جانبه، اعتبر وزير الإعلام السابق سيدي محمد ولد محمد في منشور على صفحته في فيس بوك أن ما ورد على لسان الريسوني “أمر لا يستحق الرد في مضامينه، لكون الرجل لا يمثل وزنا رسميا أو اعتباريا مهما في المغرب، ولأن وجود موريتانيا يشكل حقيقة تاريخية امتدت على هذا الفضاء ما بين الأندلس شمالا وبلاد السودان جنوبا.. كما هي حقيقة قائمة اليوم على الأرض بحكم الشرعية الدولية وجهود أبنائها وتضحياتهم، ولا نستجدي في ذلك اعترافا من أي كان.”
من جانب جبهة “البوليساريو”، فقد اعتبر “المجلس الأعلى للأئمة الصحراويين” تصريحات أحمد الريسوني بمثابة “دعوة صريحة إلى العدوان، والتصريح باستباحة دماء شعوب مسلمة ودول قائمة.. وتبريرا لعدوانهم الذي تسبب في تشريد الشعب الصحراوي وتهجيره من أرضه ظلما وعدوانا وإراقة دماء الآلاف من الصحراويين، وإثارة الفتنة مع دول مستقلة منذ عقود من الزمن”.
اتحاد العلماء المسلمين يتبرأ من تصريحات رئيسه
هذه الردود الغاضبة في دول المنطقة دفعت الأمين العام للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يوجد مقره في العاصمة القطرية الدوحة علي القره داغي، إلى التبرؤ من تصريحات رئيسه أحمد الريسوني، مؤكدا أن رأيه يمثله وحده ولا يمثل علماء المسلمين.
وجاء في بيان صادر عن القره داغي، “إن ما تفضل به الريسوني في مقابلته التلفزيونية أو في غيرها، حول الصحراء هذا رأيه الخاص قبل الرئاسة، وله الحق في أن يعبر عن رأيه الشخصي مع كامل الاحترام والتقدير له ولغيره، ولكنه ليس رأي الاتحاد”.
كما اضطر أحمد الريسوني إلى تأكيد أن كلامه أخرج من سياقه، حيث قال في تصريحات جديدة أدلى بها لموقع “اليوم 24” المغربي أن كلامه لم يفهم بالشكل الجيد، وأشار إلى أنها “كانت في واد بينما كانت الحملة ضدها في واد آخر”.
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إنه “كان يتحدث بمنطق التاريخ والشرع والحضارة في حين كانت الردود عليه بمنطق سياسي تولاها أشخاص لهم مواقع سياسية بدأت تنكشف”.
وأضاف “لم يكن وراء تصريحاتي أي حسابات سياسية، ولا أشغل أي منصب سياسي وليست لدي أي علاقة مع أصحاب المناصب السياسية”.
عمر التيس
مصدر الخبر
للمزيد Facebook