آخر الأخبارأخبار دولية

محاولة اغتيال الكاتب سلمان رشدي تكشف عن الأثر طويل الأمد للفتاوى الدينية


نشرت في: 17/08/2022 – 14:17

لا يزال الأثر الذي خلفته فتوى المرشد الإيراني الأعلى الراحل آية الله الخميني في 1989 بإهدار دم سلمان رشدي بسبب روايته “آيات شيطانية” واضحا وجليا، فقد تعرض الكاتب لمحاولة اغتيال في نيويورك الجمعة رغم مضي كل تلك السنوات على إصدارها. حتى إن مثل هذه الفتاوى باتت لعنة تلاحق كثيرا من المفكرين الذين ينظر المتشددون إلى كتاباتهم على أنها تطاول على الدين الإسلامي.

ظلت الفتوى التي أصدرها الزعيم الإيراني الأعلى الراحل آية الله روح الله الخميني عام 1989 بإهدار دم سلمان رشدي بسبب روايته “آيات شيطانية” تطارد العديد من الروائيين والمفكرين الليبراليين الذين اعتُبرت كتاباتهم أيضا تطاولا على الإسلام والنبي محمد.

ولم تكن محاولة اغتيال رشدي في نيويورك الجمعة الماضي حادثا عارضا. فالروائيون والأكاديميون والصحافيون، خاصة في الشرق الأوسط، الذين تجرأوا على انتقاد معتقدات إسلامية أو التشكيك فيها واجهوا تهديدات أو إدانات مماثلة من شخصيات دينية.

فمنهم من تعرض للقتل أو الاعتقال أو الجلد أو اضطر إلى الاختباء أو البقاء في المنفى. وحُظرت كتبهم أو اعتُبرت تجديفية من قبل مؤسسات دينية تمولها حكومات يعتبرها الغرب حليفة له ومدافعة عن الإسلام الوسطي مثل باكستان ومصر والأردن والسعودية.

وفي السنوات الأخيرة، استخدم متطرفون إسلاميون ودعاة متشددون وقادة جهاديون منصات التواصل الاجتماعي لتحريض المسلمين بجميع أنحاء العالم على قتل من يتهمونهم بالقدح في الدين والتطاول على النبي. فما هي الفتوى ومن يصدرها؟ وهل هي محددة زمنيا؟ من ينفذ فتوى إهدار الدم؟ وما موقف السلطات الدينية؟

  • ما هي الفتوى ومن يصدرها؟

الفتوى هي مرسوم أو قرار يتعلق بنقطة ما في الشريعة الإسلامية أو رأي صادر عن زعيم إسلامي كبير أو مرجع ديني أو مجلس علماء مؤهل.

ويمكن للفتوى أن تتناول مجموعة من القضايا وتشمل الأفراد. وقد تصدر فتاوى بإهدار دم من يُنظر إليهم على أنهم يتطاولون على دين الإسلام أو نبيه.

  • هل الفتاوى محدودة زمنيا؟

لا تزول الفتاوى رغم مضي الزمن نادرا ما يتم الرجوع عنها. فبعد 33 عاما من إعلان الخميني أن كتاب رشدي مسيء ورصد مكافأة في 1989 لمن يقتله، تعرض المؤلف للطعن عند ظهوره في فعالية بولاية نيويورك.

ودفع هادي مطر، وهو أمريكي شيعي من أصل لبناني يبلغ من العمر 24 عاما، ببراءته من تهم الشروع في القتل والاعتداء خلال مثوله أمام المحكمة السبت.

  • فتاوى إهدار الدم.. من ينفذها؟

على مدى العقود الثلاثة الماضية، أصدر بعض الدعاة والشخصيات الجهادية التي لها ملايين الأتباع فتاوى تدعو إلى قتل مسلمين تم تكفيرهم، والتحريض على ذلك عبر مقاطع فيديو وخطب وتصريحات.

وينفذ هذه الفتاوى متشددون وخلايا نائمة وأتباع يريدون تلبية نداء مرجعيتهم وتنفيذ واجب ديني. ففي 14 أكتوبر/تشرين الأول 1994، طعن أحد المتطرفين الكاتب المصري الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ عدة طعنات في رقبته، في محاولة لتنفيذ فتوى أصدرها عمر عبد الرحمن، الذي كان أحد رجال الدين السنة البارزين في الجماعة الإسلامية.

وأصدر عبد الرحمن فتواه أثناء محاكمته في سجن أمريكي بتهمة الضلوع في مؤامرة تفجير في نيويورك، وقال إنه يجب قتل محفوظ معتبرا أن روايته “أولاد حارتنا” التي كتبها عام 1959 بها تطاول على الإسلام.

وألقي القبض على منفذ محاولة قتل محفوظ، وفي أثناء استجوابه اعترف بأنه لم يقرأ كتبه قط، لكنه أقدم على محاولته تلك بناء على فتوى أصدرها شيخه المتشدد.

  • ما موقف السلطات الدينية من الفتاوى؟

هناك خط ضبابي يفصل بين الإسلام المتشدد والإسلام المحافظ الذي تديره الدول. وفشلت حكومات عربية متحالفة مع الغرب في كبح جماح سلطاتها الدينية وتعاليمها، أو توفير الحماية لكتاب ومفكرين وضعهم المتشددون على قائمة الموت.

على سبيل المثال، حظر الأزهر الممول من الدولة والذي يمثل أعلى سلطة إسلامية في مصر كتاب محفوظ قبل وقت طويل من الهجوم عليه، بتهمة الإساءة للإسلام من خلال تصوير شخصيات ترمز للنبي محمد.

وفي 8 يونيو/حزيران 1992، قُتل الكاتب الليبرالي المصري فرج فودة برصاص اثنين من أعضاء الجماعة الإسلامية بعد أن اتهمه الأزهر بأنه “عدو للإسلام” و”مرتد”.

ويشير بعض المثقفين العلمانيين إلى أن الإدانة العلنية من قبل علماء الأزهر ترقى لمستوى حكم الإعدام، ويقولون إن المتشددين يعتبرون مثل هذه الأحكام رخصة لقتل من هو محل الاتهام.

  • ماذا عن الوهابية؟

وتستند منظومة القضاء في السعودية إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وقضاتها رجال دين من المذهب الوهابي السني شديد المحافظة. ووفق التفسير الوهابي للشريعة، توجب جرائم دينية مثل الكفر والردة عقوبة الإعدام.

وهناك عدد كبير من الفتاوى أصدرها رجال دين سعوديون وتطالب بمحاكمة وسجن أو إعدام كتاب ومدونين وأصحاب أعمدة صحفية وناشطين بتهمة كتابة مقالات “زندقة” وردة.

وقد أثارت مثل هذه الفتاوى في المملكة ردود فعل حادة وتهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واضطر بعض الكتاب إلى إزالة منشوراتهم وإصدار اعتذارات علنية والاستتابة. وتعرض آخرون للجلد والسجن.

فرانس24/ رويترز


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى