قطاعات تدهورت وأخرى صمدت… عن واقع الانتاج في لبنان وتأثره بالازمة!
يعيش لبنان ازمة اقتصادية ومالية تكاد تلامس حد الانهيار الشامل، ومع ذلك فإن ثمة قطاعات انتاجية ما زالت تعمل وتقدم فرص عمل جدية للباحثين عن وظيفة، الامر الذي “فَرمل” وصول نسبة البطالة إلى حدود القضاء على الاقتصاد اللبناني بشكل كامل.
“لا مناص من الاعتراف بأن سوق العمل في لبنان يعاني اليوم من ازمة كبيرة، فالوقائع كلها تشير إلى تراجع كبير في معدلات التشغيل بسبب الازمة الاقتصادية الحادة التي نعيشها منذ عام 2019 “، هذا ما يوضحه الباحث الاقتصادي والخبير في شؤون المعلوماتية في وزارة العمل “زهير فياض” في حديثه لـ “لبنان 24”.
فياض يعيد الازمة إلى اسباب بنيوية وغير بنيوية.اما عن الاسباب البنيوية فيقول: “قبل الانهيار الاقتصادي عام 2019 لعب لبنان على مدى 30 عاماً دوراً اقتصاديا بارزا في المنطقة، وكان هذا الدور قائما على الاقتصاد الريعي، وقد بدأ يخف تدريجيا في السنوات الاخيرة إلى ان وصل ألى مرحلة اضمحل فيها بشكل شبه كامل، وذلك يعود إلى تطورات حصلت في دول الخليج في الاونة الاخيرة كان من نتائجها تراجع القطاع الخدماتي في لبنان والذي كان يؤمّن فرص عمل للبنانيين”.
“أما الاسباب غير البنيوية فهي مرتبطة” برأي فياض “بعوامل عدة ابرزها ازمة الدين العام وازمة التضخم، لتأتي ازمة “كورونا” وتفاقم المشكلة”.
خريجون بلا عمل
تحويل الازمات الى فرص
وأضاف: “بالرغم من هذه الايجابية فإن هذه القطاعات مازالت تواجه ازمات عدة مثل ازمة الطاقة وعدم توفر البنية التحتية الحديثة لاسيما في مجال الطرقات والاتصالات الامر الذي يحد من قدرتها على المنافسة”.
واكد فياض ان هذا النجاح الجزئي في منع الانهيار الشامل يعود الفضل فيه للقطاع الخاص الذي نجح في سد بعض الفراغات”.
البطالة بالارقام
يجيب فياض:”هناك دراسة احصائية قامت بها ادارة الاحصاء المركزي في لبنان بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبالتنسيق مع وزارة العمل على مدى عامين، وكان الهدف منها احتساب تقديرات حديثة حول واقع العمالة في لبنان على المستوى الوطني وعلى مستوى المحافطات، وهي اعلنت نتائجها في مؤتمر صحافي عقد الشهر الماضي، وقد شمل المسح الذي اجري 459 اسرة استجاب منهم 444 اي ان حجم الاستجابة بلغ حوالي 52 % وهي شملت اشخاص لبنانيين وغير لبنانيين مقيمين في عدة مناطق من لبنان”، موضحاً ان “نتائج الدراسة اشارت الى انخفاض نسبة النشاط الاقتصادي في لبنان في السنتين الاخيرتين فهو بعد كان 8.48 % عام 2018 تراجع إلى 4.43% عام 2022
وبحسب الدراسة ايضاً ان نسبة 30% من العاطلين عن العمل هم من الذين فشلوا في ايجاد فرصة عمل لهم خلال مدة سنتين من بحثهم عن عمل، كما ان هناك 19 % لم يوفقوا في ايجاد فرص عمل لهم خلال مدة سنة من بحثهم عن عمل، مما يعني ان نصف العاطلين عن العمل في لبنان سنة 2022 هم من صفوف البطالة الطويلة الامد، كما جاء في نتائج المسح ايضاً ان نسبة العمالة في صفوف الشباب الذين تترواح اعمارهم بين 15 و 24 سنة قد تراجعت من 30 % عام 2019 إلى 9.17 % عام 2022، كما سجلت الارقام ارتفاعاً في نسبة البطالة عند الفئة العمرية نفسها في العامين الاخيرين فهي بعد كانت حوالي 3.23% عام 2018 اصبحت اليوم 8.47% في العام 2022″.
نتائج الدراسة ايضا اشارت الى ارتفاع في مقياس نسبة الطاقات والقوى العاملة التي لا يتم استغلال قدراتها في سوق العمل بالقدرة التشغيلية المطلوبة، والذي ارتفع خلال العامين الاخيرين من 64.2 % الى 29.4%، كما تشير الدراسة ايضاً الى ان نسبة الشباب الذين هم بحاجة إلى فرص عمل تترواح اليوم بين 65 الى الى 75% .
فياض يشير اخيراً الى ان ارتفاع في معدل البطالة العامين الاخيرين فهو بعد ان كان 11.4 % في عام 2019 اصبح اليوم 29.6 % اي ان ما يقارب ثلث القوى العاملة في لبنان باتت عاطلة العمل في العام 2022.
القطاعات الانتاجية وولادة الفرص
بدوره، يؤكد الخبير في اسواق العمل هشام ابو جوده ان “سوق العمل في لبنان يعاني من بطالة كبيرة بسبب الانهيار المالي والاقتصادي الحاصل اليوم في لبنان، والذي تكاد تصل نسبته إلى 40 % بحسب قوله، وهو يؤكد في حديث لـ “لبنان 24”: بالرغم من هذه الازمة فإن فرص العمل مازالت متوافرة في عدد من القطاعات الانتاجية مثل قطاعي الزراعة والصناعة وقطاع الخدمات وخاصة للشباب، مضيفاً: “بالرغم من هذه الفرصة المتاحة فإن ثمة مشكلة اساسية تعيق التقدم في هذا المجال، وهي تتمثل في ان معظم اليد العاملة الشابة في لبنان غير مؤهلة تقنيا وفنيا للعمل في قطاعي الزراعة والصناعة بسبب السياسات التربوية المتبعة، والتي لم تعط التعليم المهني والتقني الاهمية الذي يستحق واتجهت الى التركيز على التعليم الاكاديمي في الجامعات، ما ادى الى حصول عدم موائمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل.
ابو جوده اشار الى انه” بالرغم من الانهيار المالي الذي نعاني، والذي طال كل القطاعات فإن القطاعات الانتاجية قامت بتعديل رواتبها مؤخراً بحيث اصبحت تتناسب الى حد كبير مع الظروف المالية التي نعيشها”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook