“ضربة كبرى” ستطال إسرائيل بسبب لبنان.. 4 معلومات تكشفُ موعد الانتكاسة!
بشكلٍ واضحٍ وغير عادي، باتت سيناريوهات المواجهة العسكريّة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيليّ تتعزّز بقوّة، بعدما دخل ملف ترسيم الحدود البحرية مرحلة ضاغطة.
بالنسبة لـ”حزب الله”، الأمورُ مفتوحة على كل السّيناريوهات، في حين أنّ الإرباك الإسرائيلي يزدادُ شيئاً فشيئاً، خصوصاً أن المعركة التي قد تُخاض مع لبنان لن تكون كتلك التي تمّ خوضها في غزّة الأسبوع الماضي. ففي الواقع، أصبحت تل أبيب أمام اختبارٍ صعب من جديد، في حين أن التخبّط يزدادُ بشدّة وسط تكتّم كبيرٍ جداً عن الموقف الذي من الممكن اتخاذه في حال حصول أي خضة أمنية خلال شهر أيلول المقبل.
آخر فصول التخبّط الإسرائيلي برزت مؤخراً بشكل واضح عندما تمسّكت وسائل الاعلام الإسرائيلية بخبر نُشر في لبنان قبل يومين ويفيد بأنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قد تلقى رفضاً إسرائيلياً بشأن الطرح اللبناني المرتبط بالترسيم. ومع أن هذا الكلام حمل مُغالطات كبرى في مضمونه، فإن مسارعة هوكشتاين للتواصل مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ونفي مضمون الخبر المُنتشر، إنما يحمل دلالة واضحة على أن هناك مسعى أميركياً واضحاً لتبديد أي سلبيّة قد تعترض الملف.
بحسب مصادر مواكبة لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية، فإنّ “إسرائيل تخشى اليوم أي سلبيّة على خط الملف باعتبار أن أي أمرٍ يمكن أن ينقلب ضدّها فوراً، وما يظهر هو أن الأميركيين يسعون لكسرِ الجمود القائم عبر رسائل مباشرة كتلك التي أرسلها هوكشتاين إلى بو صعب مؤخراً والتأكيد على أن الأمور إيجابية”.
وقبل حربِ غزة بيوم واحد أي قبل 10 أيام، طرأ كلام إسرئيلي عن “إيجابية” بشأن ملف ترسيم الحدود، إذ قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار يوم 4 آب أن “تل أبيب قدمت عرضاً جديداً بشأن ترسيم الحدود”، وأضافت: “أعتقد أنه اقتراحٌ جيد، وسيجعل لبنان مُنتجاً للغاز”.
في مضمون كلام الحرار الذي نشرته صحيفة “إسرائيل هيوم” والذي سبق الخبر الذي انتشر في لبنان عن رفض العرض الذي قدمته بيروت بشأن الترسيم، فقد غابت تماماً أي إشارة واضحة بشأن ماهية العرض الإسرائيلي الجديد، لكن الأهم في تصريح الحرار هو الدلالة على أن الأمور إيجابيّة على الرغم من الأجواء المضطربة والضبابية التي نُقلت عن اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأخير بشأن ترسيم الحدود، وذلك قبيل بدء العدوان على غزة مطلع آب الجاري.
بالنسبة للمصادر التي تواكب ملف الترسيم، فإن العرض الإسرائيلي الجديد يجب أن يكون مرتبطاً بعناوين أساسية أولها وهو السماح للبنان بالتنقيب عن الغاز وانتاجه، على أن يكون ذلك خلال سنوات. أما العنوان الثاني فيرتبط بالخط 23 إذ من الممكن أن توافق إسرائيل تماماً على إقراره كاملاً للبنان مع جعل البلوك رقم 8 كاملاً ضمن الحصة اللبنانية باستثناء بعض الأطراف منه التي قد تطالب إسرائيل بها وجعلها تحت إشراف شركة دولية تنتج الغاز هناك وتعطي نسب أرباح متساوية بين لبنان وإسرائيل.
هنا، فإن الكلام بهذا الشأن يبقى في إطار التوقعات المستندة إلى تفاصيل الطروحات السابقة التي نُقلت إلى المسؤولين اللبنانيين، في حين أن معلومات “لبنان24” تشير إلى أنّ الوسيط الأميركي سيعود إلى بيروت قبل نهاية آب الجاري وسيحملُ في جعبته الطرح الإسرائيلي الجديد والذي سيكون بمثابة ورقة ضغطٍ على لبنان من ناحية الوقت، ومن الممكن أن يقبل لبنان بأي خطوةٍ جديدة مرتبطة باقتراح واضح وذلك لتجنّب معركة أو حربٍ كبيرة.
ماذا عن حجم الرّد الإسرائيلي في حال حصول “خضّة أمنية”؟
من دون أدنى شك، فإن رسائل التهدئة الأميركية ما زالت طاغية على المشهد خصوصاً أن واشنطن تطالب باستمرار بإبعاد المنطقة عن أي صراعٍ مُحتمل. كذلك، فقد تبين مؤخراً أن دولاً أوروبية نشطت أيضاً على الخط مع إسرائيل من خلال مطالبتها بإيجاد حلول لأزمة الغاز المستجدة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية. إلا أنه وسط كل ذلك، يُطرح السؤال التالي: كيف يمكن أن يكون حجم الرد الإسرائيلي في حال حصول “خضّة أمنية”؟
خلال الأسبوع الماضي، جاءت معركة غزّة لتنفيس الاحتقان الإسرائيلي بعض الشيء بشأن ملف ترسيم الحدود، ومن أجل اختبارِ بعض القدرات العسكريّة.
لحسن حظ تل أبيب، لم يكن ردّ حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية على قدرٍ عالٍ من التأثير، الأمر الذي دفع بالقيادة الأمنية الإسرائيلية لاعتبار هذا الأمر بمثابة انتصارٍ لها، بينما الحقيقة في مكان آخر.
وواقعياً، فإن الرد العسكري الفلسطيني لم يُضاهِ ما فعله جيش العدو، كما أنه لم يحمل في طياته أيّ شروط يُمكن فرضها بالقوّة على أي طاولة للمفاوضات.
في ما خصّ لبنان و “حزب الله”، فإن ما يبدو هو أن إسرائيل تحسبُ ألف حسابٍ لما قد يجري، وهو أمرٌ تكشفه التقارير الإسرائيلية الأخيرة التي تتحدّث عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد يقف أمام مرحلة صعبة جداً ودقيقة. فمن جهة، تسعى إسرائيل إلى تأمين الغاز من حقل كاريش خلال الشهر المقبل، كما أنها تحاول في الوقت نفسه حماية هذه العملية من تهديدات “حزب الله”. أما الأمر الذي تبيّن أنه الأكثر صعوبة بالنسبة لإسرائيل فهو في كيفية الرّد على عملية قد ينفذها “حزب الله” ضد منصات الغاز على طول الشاطئ الفلسطيني المُحتل. هنا بيت القصيد بالنسبة لتل أبيب، إذ أن أي ضربة يُمكن أن ينفذها الحزب ستكون بمثابة انتكاسة موجعة للإسرائيليين، وهو أمرٌ سيجعل إسرائيل أمام خيار الردّ بضربةٍ غير معروفة الحجم حتى الآن.
إلى هذه الساعة، فإن السيناريو المتوقع هو أن ترد إسرائيل بقصفٍ محدود ضمن الأراضي اللبنانية على ألا يمتدّ هذا الأمرُ لوقتٍ طويل. عندها، قد يلجأ “حزب الله” إلى تسديدِ ضربات صاروخيّة باتجاه العمق الفلسطيني المُحتل، ما يعني أن المواجهة ستعود إلى إطارها التقليدي، علماً أنه ليس من مصلحة إسرائيل اتخاذ عنصر توسعة الصراع لاعتبارات عديدة:
أولاً، إن تل أبيب تعلم تماماً مدى تأثير الدخول في حربٍ خلال الفترة الراهنة على مشروع استخراج الغاز الذي تحتاجه أوروبا بفارغ الصبر في ظلّ الحرب الأوكرانية – الروسية.
ثانياً، ترى إسرائيل أن أي انخراطٍ في معركة مباشرة قد يؤدي إلى نتائج عكسية غير محسوبة بالنسبة لها. ففي حال حصل ذلك، قد يُبادر “حزب الله” إلى إعلان استهداف منشآت حيوية إسرائيلية بشكل كامل، الأمر الذي يعني أن اقتصاد إسرائيل سيتأثر بقوة بينما الضربة الأكبر ستكونُ لقطاع الغاز والنفط الإسرائيلي.
ثالثاً: على الصعيد العسكري، ما تظهره سرديات التقارير الإسرائيلية يكشف عن وجود خوفٍ لدى الجيش الإسرائيلي من انكشاف ثغراتٍ كبيرة خلال أي عدوان ضدّ لبنان. فمن دون أدنى شك، باتت تعلم القيادة الإسرائيلية بأن الصواريخ التي يمتلكها “حزب الله” بإمكانها أن تخرق القبة الحديدية التي تستخدمها، ما يعني انعداماً لعنصر الأمان العسكري الذي يُعوّل عليه الإسرائيليون في المستوطنات. ولهذا، إن حصل هذا الأمر وسقطت “أسطورة القبة الحديدية” التي يتغنّى بها جيش العدو، عندها سيكون الانقلاب الداخلي في إسرائيل أقسى وأعمق من أي حربٍ تُخاض مع الخارج. وحُكماً، الأمور هنا ستخرج عن السيطرة في حال قرر “حزب الله” استخدام صواريخ دقيقة، في حين أن الخسارة ستكون أعمق وأكبر استراتيجياً.
رابعاً: الخوف الأكبر يتركز في إمكانية حصول أي اعتداء على منصات الغاز الإسرائيلية خلال أي لحظة، سواءً من خلال قصف صاروخي أو عبر طائرات من دون طيار، أو حتى عبر فرق “كومندوس بحري” تابعة لـ”حزب الله”. وفعلياً، فإن الأمور هذه يجري التحذير منها باستمرار في الداخل الإسرائيلي، وإن حصلت فإن الكلفة على إسرائيل ستكون مرتفعة بينما الرّد الذي سيجري تنفيذه في لبنان والخسائر المترتبة عنه لن تضاهي أبداً الخسائر التي ستتكبّدها إسرائيل في حال ضُرِبت المنصات التابعة لها. أما الأمر الأخطر، فهو أنّ إسرائيل ستغرق بشكل كبير في مراجعة جديدة لقدراتها العسكرية التي ستنكشف على حقيقتها. ففي حال استخدم “حزب الله” صواريخ تحت الماء، عندها لن يكون هناك قدرة إسرائيلية على ضبطها أو التقاطها، ما يعني أن “الأسطورة العسكرية” للجيش الذي لا يُقهر ستسقطُ مجدداً.
وسط ذلك، طرح مراقبون وخبراء إمكانية حصول “هجوم سيبراني” قد ينفذه “حزب الله” أو إيران ضد منصات الغاز الإسرائيلية. هنا، قد يشكل هذا الأمر خضّة أمنية كبيرة لإسرائيل وسيجعل كل التقنيات والمعلومات المرتبطة بالتنقيب تحت قبضة “حزب الله” وفرقه التقنية التي استطاعت قبل سنوات عديدة اختراق طائرات الاستطلاع الإسرائيلية.
ما الحل إذاً؟
إنطلاقاً من كل ما سبق، ما يتبين بشكل قاطع وحازم هو أن خسائر إسرائيل كبيرة جداً على مختلف الأصعدة. ولهذا، فإن “المُكابرة” التي تعتمدها قد لا تُجدي نفعاً في حين أن تكلفة توسعة الحرب ستكون باهظة جداً.
ولهذا، فإن الحل الوحيد لتجنّب الحرب يقضي في التوصل إلى تسوية بأقرب وقتٍ ممكن، ومن الممكن أن تعمد إسرائيل في هذا الإطار إلى اعتبار انتزاعها لحقل كاريش نهائياً لصالحها بمثابة انتصار من دون أي حرب. كذلك، بإمكان حكومة لابيد أن تصوّر ملف إنجاز ترسيم الحدود بمثابة خطوة جريئة في الوقت الحرِج. أما في المقابل، فإن لبنان سيكون قد نال ما يريد نيله، شرط أن تكون تلك الأمورُ مفنّدة باتفاقٍ واضح وصريح مرفق بضمانة دوليّة وأميركية بالدرجة الأولى.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook