بعد إجبارهن على وضع لولب رحمي خلال مراهقتهن… مئات النساء ما زلن يعانين من آثار نفسية
نشرت في: 08/08/2022 – 14:59
آلاف النساء من شعب الإنويت في غرينلاند ما زلن يعانين من صدمة إجبارهن على وضع لولب رحمي في سن المراهقة بهدف الحد من الإنجاب. وهؤلاء النساء ضحية سياسة تهدف إلى الحد من معدل المواليد في المنطقة المحيطة بالقطب الشمالي. وتأتي شهادات النساء في مرحلة تعيد فيها الدانمارك وغرينلاند التي أصبحت تتمتع بحكم ذاتي منذ العام 2009، مناقشة علاقتهما التاريخية.
فُرض على بريتا مورتنسن، على غرار آلاف الشابات المنتميات إلى شعب الإنويت في غرينلاند، تركيب لولب رحمي عندما كانت تبلغ 15 عاما.
وكانت مورتنسن إحدى ضحايا سياسة تهدف إلى الحد من معدل المواليد في المنطقة المحيطة بالقطب الشمالي التي لا تزال الدانمارك تحكمها رغم أنها لم تعد من مستعمراتها.
وتقول مورتنسن “شعرت بألم كبير جدا عند تركيب اللولب”.
ويشير تحقيق أجرته هيئة الإذاعة الوطنية الدانماركية “دي آر” إلى أن حوالي 4500 امرأة خضعن لهذا الإجراء الطبي.
واضطرت مورتنسن للخضوع له عام 1974 بعدما تركت منزل عائلتها للمرة الأولى بسبب عدم وجود مدارس ثانوية في إيلوليسات، وهي قرية صيد تقع على طرف الجزيرة الغربي، كانت تسكن فيها، فرأت في الانتقال إلى الدانمارك فرصة لإكمال دراستها.
وتقول مورتنسن وهي تقف أمام المنزل الذي ولدت فيه “ذهبت… إلى مدرسة داخلية وعندما وصلت قالت لي المديرة إنه علي تركيب لولب رحمي فرفضت”، مضيفة أن المديرة أكدت لها حينها أنها ستخضع للإجراء الطبي رغم رفضها. ولم يُطلب إطلاقا من والديها اللذين كانا في منطقة تبعد آلاف الأميال إعطاء موافقتهما ولم يُبلغا حتى بأن على ابنتهما الخضوع لهذا الإجراء.
وفي أحد أيام فصل الخريف، أذعنت المراهقة في نهاية المطاف وتولى الطبيب تركيب وسيلة منع الحمل هذه لها.
وتقول مورتنسن (63 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية إن “اللولب كان خاصا بالنساء اللواتي سبق أن أنجبن أطفالا لا بالفتيات الشابات من سني آنذاك”.
ويوضح الأستاذ المساعد في جامعة كوبنهاغن أن ما عزز هذا الموقف “هو الأفكار التي تتمحور على أن سكان غرينلاند يفتقرون إلى المستويات الثقافية”، مضيفا أن “اللولب الرحمي لم يتطلب أي جهد من نساء غرينلاند ليكون فعالا على عكس أنواع أخرى من وسائل منع الحمل”.
الخجل
بعد تعرضها لهذا الإجراء الذي كان بمثابة “اعتداء”، التزمت مورتنسن الصمت، غافلة عن أن فتيات أخريات من غرينلاند يتشاركن معها المصير نفسه داخل المدرسة الداخلية في يوتلاند غرب الدانمارك. وتقول “شعرت بالخجل. ولم أخبر أحدا بما حصل حتى اليوم”.
وتشارك مورتنسن حاليا في نقاشات محدودة غالبا ما تُنظم من خلال مجموعة على فيس بوك أنشأتها طبيبة نفسانية كانت ضحية تركيب لولب رحمي كذلك وتضم أكثر من سبعين امرأة.
وتأتي شهادات النساء في مرحلة تعيد فيها الدانمارك وغرينلاند التي أصبحت تتمتع بحكم ذاتي منذ العام 2009، مناقشة علاقتهما التاريخية.
وفي آذار/مارس، قدمت الدانمارك اعتذارا لستة ينتمون إلى إنويت ودفعت لهم تعويضات لأنها سحبتهم في الخمسينات من منازلهم للمشاركة في تجربة تهدف إلى تكوين نخبة من الناطقين بالدانماركية في المنطقة القطبية الشمالية.
وتعتبر بريتا مورتنسن أن النساء اللواتي أجبرن على وضع وسائل منع الحمل يستحققن اعتذارا وتعويضا كذلك. وتقول “ينبغي تعويضنا عن الضرر الذي ألحق بنا، نحن الفتيات اللواتي أجبرن على وضع لولب رحمي”.
عقلية استعمارية
وتقول نايا ليبيرث التي تولت إنشاء المجموعة إن الهدف منها هو “الدعم المتبادل بين نساء تجمعهن علاقة أخوية لكيلا تشعر أي منهن بأنها وحيدة، خصوصا مع إعادة التطرق للصدمة التي تكتمن عليها لسنوات عدة”. وتستهدف المجموعة تحديدا النساء اللواتي لم يستطعن الإنجاب.
وتوضح أن عددا كبيرا من النساء لم يكن على دراية بأنهن يضعن وسيلة منع حمل، ولم يكتشفن ذلك إلا بعد معاينتهن من أطباء في الأمراض النسائية في غرينلاند.
وتشير ليبرث إلى أن اللولب الرحمي “عادة ما يوضع أثناء عملية إجهاض من دون إبلاغ النساء بوجوده”.
ويقول المؤرخ سورين رود إن الحملة الدانماركية في أواخر الستينات شكلت جزءا من عقلية استعمارية استمرت حتى ما بعد انتهاء الاستعمار رسميا سنة 1953.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook