آخر الأخبارأخبار محلية

مَن المسؤول عن إنفجار المرفأ… وهل من أملٍ في تحقيق العدالة؟


مرت سنتان على إنفجار مرفأ بيروت، الذي دمّر العاصمة وقتل أكثر من 200 شخصٍ وجُرح الالاف فيه، فيما لا تزال العدالة بعيدة المنال، وخصوصاً لهؤلاء الذين فقدوا أحباءهم، وخسروا منازلهم ومحالهم. للوهلة الاولى، وعند رؤية المشهد السوداويّ، شبّه الكثيرون ما حصل بالانفجار النوويّ، أو بقنبلة “هيروشيما”، فالصورة كانت حزينة جدّاً، وبشكل خاص بعدما خسر اللبنانيون جنى عمرهم في المصارف، وضربت الأزمة الإقتصاديّة والمعيشيّة حياتهم.
 
ومنذ الانفجار، طُرحت عدّة أسئلة من المواطنين المحزونين على عاصمتهم وأفراد عائلاتهم ورفاقهم الذين قضوا في الحادثة، من المسؤول عن الكارثة؟ ومن أتى بالنيترات ولصالح من؟ وهل يُمكن أنّ تتحقّق العدالة؟ وماذا عن القضاء والتدخّل السياسيّ فيه؟ وفيما كان اللبنانيون يحيون الذكرى الثانيّة يوم أمس، شاء القدر أن تنهار أجزاء إضافيّة من الاهراءات، التي يرى فيها أهالي الضحايا أنّها الشاهد الوحيد على ما جرى في تلك الليلة الأليمة من 4 آب، بينما يعتبر البعض الاخر، أنّها يجب أنّ تُهدم، لما تُشكّله من خطرٍ كبيرٍ على الموظفين في مرفأ بيروت، بالاضافة إلى المارين على الطريق المحاذية، وساكني المناطق القريبة.
 
وأبعد من موضوع صوامع القمح، هل يُعقل أنّ يتمّ تغيير المحقق العدلي في جريمة المرفأ إذا استدعى أمنيين وسياسيين ووزراء سابقين إلى التحقيق، وسط المطالبة المستمرة بعزل القاضي طارق البيطار الذي أتى بعد قرار إزاحة القاضي فادي صوّان؟ وأيضاً، هل يُعقل تعطيل التحقيق وتقديم طلبات ردّ وكفّ يدّ المحقق العدليّ بأعداد غير مسبوقة، في سابقة تُعدّ خطيرة في تاريخ القضاء، من دون محاسبة أو تغريم من يُقدّم هذه الدعاوى؟ وهل يُعقل أنّ حادثة بهذا الحجم، أنّ تُقسّم اللبنانيين بين مُؤيّدين للتحقيقات، وبين رافضين للمجرى الذي تسير به؟ وهل من الطبيعيّ أنّ يحصل إنشقاق بين صفوف أهالي الضحايا في هذا الموضوع، وهم أولياء الدمّ وأكثر الذين يُعانون من ضياع الحقيقة؟
 
كذلك، فإنّ التحقيقات متوقفة ، في حين، كُثرت المستندات والبرقيات والمراسلات القضائيّة والأمنيّة المسّربة إلى وسائل الإعلام، وإلى أهالي الضحايا، وهي لم تُؤخّر ولم تُقدّم في مجريات التحقيقات التي لا تزال مُعطّلة. فالجدير بالذكر أنّ أيّام تعطيل عمل البيطار تخطّت تلك التي تابع فيها التحقيق. ويقول مراقبون إنّ من طالب بالقضاء المحليّ يُعرقله ويُخوّنه في الوقت عينه. ويسألون ما الذي حققه القضاء منذ الجرائم التي ارتكبت منذ الحرب الأهليّة، وصولاً إلى الاغتيالات الجديدة بعد 14 آذار 2005؟ أمّا للمطالبين بتحقيق دوليّ، ففي موضوع إغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقد طالت المحاكمات، وصدرت القرارات، فيما العدالة لم تُطبّق، في ظلّ الانقسام بين متّهم لمحكمة العدل الدوليّة بالتسييس، وبين مُرحّبٍ بأحكامها.
 
ويُشير مراقبون إلى أنّه من دون إستقلاليّة القضاء لا جدوى من البحث عن الحقيقة. وإذا استمرّت التعيينات القضائيّة وفق التوزيع الطائفيّ والسياسيّ، وإذا استمر السياسيون بالتدخّل في عمل القضاء في كلّ شاردة وواردة، فإنّ العدالة لن تتحقّق في قضيّة المرفأ. وقد سبق الذكرى الثانيّة للانفجار، إنتخاب مجلس النواب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ويقول المراقبون إنّ هناك محاولات مستمرة لنقل قضيّة المرفأ إلى هذا المجلس، إلّا أنّه لا يُمكن تحقيق هذا الأمر من دون موافقة محكمة التمييز، واتّخاذها القرار بنقل القضيّة من البيطار إلى المجلس الأعلى. ويرى خبراء في القانون، أنّ هذا المجلس غير مؤهل بالنظر في هكذا جريمة كبرى، وصلاحياته تقتصر على الإخلال بالواجبات الحكومية والوظيفيّة، ولا تصل لحدّ أن يكون معنيّاً بجرائم جزائية كإنفجار المرفأ.
 
وأمام هذا التعطيل الممنهج لعمل القضاء، وتبادل الاتّهامات والمسؤوليّات حول من كان السبب وراء الإنفجار، نرفع الصلاة على أرواح الضحايا، مع الرجاء في أنّ تتحقّق عدالة الارض مهما طالت، لا عدالة السماء، وأنّ تكون قضيّة المرفأ إنطلاقة نحو المحاسبة الفعليّة في كلّ الجرائم التي تُرتكب بحقّ اللبنانيين.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى