آخر الأخبارأخبار محلية

مَنْ يستفيد من الفراغ؟

تعمل القوى السياسية ببطء من اجل الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية، فجزء من هذه القوى مستسلم لفكرة الفراغ وغير مقتنع بجدوى الذهاب نحو كباش سياسي ومشاورات مكوكية، لانها، من وجهة نظر هذه القوى، لن تؤدي الى اي اتفاق قبل تبدل او حسم المسار العام في المنطقة. لكن حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها لا يزال، بالرغم من التباطؤ الحاصل، امرا ممكنا بسبب تقاطع مصالح قوى محلية واقليمية حول فكرة رفض الفراغ.

يساهم الفراغ، برأي كثر من المعنيين السياسيين، بزيادة سرعة الانهيار الاقتصادي والمالي، لانه يؤدي الى المزيد من انعدام الثقة بالواقع السياسي وهذا له تأثيراته على الحيز الاقتصادي ما قد يؤدي ايضا الى فوضى اجتماعية وتفلت امني في اكثر من منطقة ومدينة. كل ذلك يدفع عددا من الدول والقوى السياسية الى التخوف من الفراغ والسعي لتجنبه.

تتوافق كل من ايران وفرنسا وحتى الولايات المتحدة الاميركية على فكرة رفض الفوضى في لبنان، وان كانت خلفية كل دولة مختلفة عن الاخرى، الا ان تقاطع المصالح هذا يجعلهم يفضلون عدم الذهاب الى فراغ رئاسي طويل، بل الوصول الى تسوية تضمن الحد الادنى من مصالح كل الاطراف لتمرير المرحلة المقبلة..

في الداخل اللبناني ايضا تبدو القوى التقليدية، كحركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة وتيار المستقبل، ممن يفضلون الذهاب الى انتخابات رئاسية سلسة بشرط الا تؤدي الى ايصال رئيس يشبه، بخصاله السياسية، الرئيس ميشال عون، بمعنى انه لا يؤمن بالتوازنات التي كرست بعد الطائف ويرغب بالقيام بتغييرات سياسية جذرية.

ترغب هذه القوى برئيس تكون قادرة على التعايش معه، بمعنى اوضح ان يكون من صلب النظام السياسي اللبناني وترغب ايضا بعدم الذهاب الى الفراغ لان الفراغ سيهدد بشكل جدي اسس هذا النظام، وسيساهم بتعميق الازمة السياسية الى حدود تصبح المعالجة فيها تتطلب تغييرات جذرية. 

من هنا تظهر القوى المستفيدة من الفراغ، وعلى رأسهم التيار الوطني الحر، الذي يستطيع التعايش بشكل كبير معه على اعتبار ان الواقع السياسي سيفشل في ايجاد بديل سهل عن الرئيس عون، بمعنى ان تجاوز القوى السياسية لفكرة الرئيس القوي سيكون صعبا، وهذا ما يجعل التيار، ومع مرور الوقت في الفراغ، يحسن ظروفه التفاوضية لانه سيصبح مفتاح الحل الرئاسي. 

كما ان التيار لن يكون منزعجا من مشاهدة التصدعات في جسم النظام السياسي الذي لم يستطع التعايش معه بعد. وكذلك “حزب الله”، فبالرغم من ان اعتبارات كثيرة تحكمه وتجعله لا يعارض الوصول الى تسوية رئاسية سريعة، ومنها التوترات المتجددة مع اسرائيل وتفاقم ازمة بيئته الاقتصادية، الا انه في الوقت نفسه سيكون اكبر المستفيدين من الذهاب نحو انغلاق الافق السياسي والذهاب بإتجاه نقاش عميق في اصل النظام وفي التعديلات الدستورية التي قد تؤدي، برأيه، الى تحسين حضوره ومكتسباته داخل الدولة ومؤسساتها. 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى