غضب وانتقادات غربية لتصريحات رئيس الوزراء المجري حول “الاختلاط العرقي”
نشرت في: 29/07/2022 – 18:00
انتقدت الولايات المتحدة ودول أخرى والجالية اليهودية تصريحات رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرف فيكتور أوربان، الذي دافع الخميس عن “وجهة نظر ثقافية” مجرية في الجدل الذي سببه خطاب حاد له السبت، عبّر فيه رئيس الوزراء القومي المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل ومعارضته الشديدة للهجرة عن رفضه لـ”مجتمع متعدد الأعراق”، ملمحا أيضا بوضوح إلى غرف الغاز النازية خلال انتقاده لخطة بروكسل خفض الطلب الأوروبي على الغاز.
أثار رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان غضب الولايات المتحدة ودول أخرى والجالية اليهودية في بلده، بعدما دافع الخميس عن “وجهة نظر ثقافية” مجرية في الجدل الذي سببه خطاب حاد له قبل أيام ضد “الاختلاط العرقي”.
وكان أوربان (59 عاما) رئيس الوزراء القومي الذي عادة ما يطلق تصريحات مثيرة للجدل ويعارض الهجرة بشدة، رفض السبت فكرة “مجتمع متعدد الأعراق”. وقال: “لا نريد أن نكون عرقا مختلطا” قد يمتزج بـ “غير أوروبيين”. قبل أن يلمح بشكل واضح إلى غرف الغاز التي أقامها النظام النازي، ما أثار انتقادات شديدة من ناجين من محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية والجالية اليهودية.
“وجهة نظر ثقافية” مجرية
ودافع الخميس عن فكرته، وتحدث في مؤتمر صحافي بفيينا عن “وجهة نظر ثقافية” مجرية. وقال أوربان: “أحيانا أتحدث بطريقة يمكن أن يساء فهمها، لكنني طلبت من المستشار (النمسوي كارل نيهامر) أن يضع المعلومات في سياق ثقافي”. وتابع: “في المجر تمثل هذه العبارات وجهة نظر ثقافية وحضارية”.
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس نقلا عن بيان صادر عن ديبوراه ليبستات الممثلة الخاصة لواشنطن بشأن قضايا مناهضة السامية، إن أي “خطاب من هذا النوع لا يغتفر (…) بعد أكثر من 75 عاما على الهولوكوست”، محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية. وأضافت ليبستات أنها شعرت “بقلق عميق” من “خطاب يستحضر بوضوح الإيديولوجية العرقية النازية”، مؤكدة أن “التصريحات (…) لا تعكس القيم المشتركة التي تربط الولايات المتحدة بالمجر وتشكل أساس العلاقة بين شعبينا”
وفي تصريحاته السبت بترانسلفانيا الرومانية التي تضم جالية مجرية كبيرة، قال رئيس الوزراء المجري الذي أدلى بتعليقات مماثلة في الماضي ولكن من دون استخدام كلمة “عرق” حسب خبراء، إن البلدان “التي تعيش فيها شعوب أوروبية ومن خارج أوروبا لم تعد أمما. هذه الدول لم تعد سوى تجمعات شعوب”.
غضب لجنة “أوشفيتز” الدولية
وبالنسبة إلى تلميحه لغرف الغاز فقد ورد في انتقاده لخطة بروكسل خفض الطلب الأوروبي على الغاز بنسبة 15 بالمئة. وقال ساخرا: “لا أرى كيف يمكنهم إجبار الدول الأعضاء على القيام بذلك، على الرغم من وجود خبرة ألمانية في هذا المجال، كما تبين في الماضي”.
وأثارت هذه التصريحات غضب اللجنة الدولية لأوشفيتز التي دعت الاتحاد الأوروبي إلى “النأي بنفسه عن توجهات عنصرية من هذا النوع”، ودفعت عالمة الاجتماع جوجا هيغيدوس التي تعمل مستشارة له منذ فترة طويلة، إلى تقديم استقالتها الثلاثاء. وقالت هيغيدوس التي نجا والداها من الهولوكوست، في رسالة نشرتها وسائل الإعلام المحلية إنها تدين “موقفا مخزيا” و”نصا محض نازي جديرا ب(يوزف) غوبلز”، في إشارة إلى المسؤول السابق للدعاية الألمانية النازية.
بدوره، رد أوربان بالتشديد على “سياسة حكومته في عدم التسامح مطلقا عندما يتعلق الأمر بمعاداة السامية والعنصرية”، كما ورد في رسالة نشر نصها. وقال: “لا يمكنك جديا اتهامي بالعنصرية بعد تعاون استمر عشرين عاما بيننا”.
كما عبرت الجالية اليهودية المجرية أيضا عن غضبها. وكتب كبير الحاخامات روبت فروليش على فيس بوك، مؤكدا أن “الإنسان العاقل (…) هذا العرق واحد وغير قابل للتجزئة”.
وفي صفوف السياسيين، قال وزير الخارجية الروماني بوغدان أوريسكو إن مثل هذه “الأفكار (…) غير مقبول”. أما المفوضية الأوروبية فقالت إنها “لا تعلق إطلاقا على تصريحات السياسيين الأوروبيين”. لكن الناطق باسم التكتل إيريك مامر أكد أنه “من الواضح أن الاتحاد الأوروبي لديه عدد من القيم المنصوص عليها في المعاهدات وينفذ سياسات تتعلق بهذه القيم وبنود المعاهدة هذه”.
“الدفاع عن أوروبا المسيحية”
ومنذ عودته إلى السلطة في 2010، أدخل فيكتور أوربان تغييرات على بلده عبر تنفيذ إصلاحات “غير ليبرالية” أساسها “الدفاع عن أوروبا المسيحية”. وقد حمل خصوصا على المهاجرين الوافدين من أفريقيا والشرق الأوسط والمنظمات غير الحكومية التي تساعدهم ما زاد من صعوبة الحصول على اللجوء وأدى إلى إقامة سياج عند الحدود.
وتحدث المستشار النمساوي الخميس عن هذا الجدل الجديد في بداية المؤتمر الصحافي منددا “بشدة بكل أشكال العنصرية ومعاداة السامية”. وأكد أنه بحث مع أوربان في هذا الموضوع “بصراحة تامة”. ورد فيكتور أوربان “نحن على اتفاق تام”، مؤكدا أنه “فخور” بسياسة “عدم التسامح” التي تنتهجها المجر.
وانتهز رئيس الوزراء المجري الفرصة لينتقد سياسة الاتحاد الأوروبي في مواجهة النزاع في أوكرانيا. وتعارض المجر خصوصا خطة التخفيض المنسق لاستهلاك الغاز التي أقرت الثلاثاء ردا على انخفاض الشحنات الروسية. وقال: “إذا بدأنا في فرض قيود على منتج فهذه علامة على أننا في وضع صعب”. مضيفا: “نحن نتجه نحو اقتصاد حرب وإذا استمرت هذه الحرب فإن الركود أمر لا مفر منه”، داعيا المفوضية الأوروبية إلى اختيار “استراتيجية” جديدة.
وكان فيكتور أوربان يقوم بأول رحلة له إلى أحد شركاء المجر في الاتحاد الأوروبي منذ إعادة انتخابه في أوائل أبريل/نيسان. وأكد مسؤول بأن النمسا دولة محايدة تسعى لأن تكون جسرا بين أوروبا الغربية والشرقية وحريصة على عدم تهميش المجر.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook