العراق على صفيح ساخن وسط مخاوف من تحول الأزمة السياسية حول رئاسة الحكومة إلى تصادم في الشارع
نشرت في: 29/07/2022 – 12:41آخر تحديث: 29/07/2022 – 12:42
يعيش العراق منذ أسابيع على صفيح ساخن على خلفية تعذر انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة، ما يثير المخاوف من انزلاق أمني أو فوضى سياسية، فضلا عن تدخل خارجي لا يحمد عقباه. وقد امتد الصراع بين التيار الصدري و”الإطار التنسيقي” (أي التكتل البرلماني الشيعي البارز بزعامة نوري المالكي) إلى الشارع، بسبب تعيين الأخير الوزير السابق محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة الجديدة. وإلى جانب المعركة الشرسة داخل البيت الشيعي يضاف الخلاف بين المكونات الكردية، التي تحتفظ برئاسة الجمهورية، حول تعيين رئيس للبلاد.
يشكل اقتحام مئات المتظاهرين لبرلمان العراق الأربعاء استعراضا جديدا لقوة زعيم التيار الذي يتزعمه مقتدى الصدر، ليزيد الضغط على خصومه السياسيين.
وتتخبط البلاد في مأزق سياسي بعد عشرة أشهر على الإنتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، فلا يزال العراق من دون رئيس جديد للجمهورية، ولم يكلف رئيس جديد لتشكيل الحكومة بعد. وسط هذه التعقيدات، هل هناك خطر من تصعيد إضافي قد يكون أكثر عنفا؟
يعود منصب رئيس الوزراء في العراق تقليديا إلى شخصية شيعية يجري اختيارها بالتوافق بين القوى السياسية الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي. لكن مقتدى الصدر، صاحب التأثير الكبير على المشهد السياسي في العراق، أراد تغيير هذه القاعدة بعد فوز تياره بـ73 مقعدا في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول التشريعية. وحاز بذلك أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، وأراد أن يكون تياره هو من يسمي رئيس حكومة “أغلبية” إلى جانب حلفائه.
وبعد أشهر من المفاوضات، ترك الصدر لخصومه في الإطار التنسيقي، تحالف قوى شيعية، مهمة تشكيل الحكومة بعدما قام بخطوة مفاجئة بسحب نوابه من البرلمان. ويضم الإطار خصوصا كتلة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة للحشد الشعبي، وهي فصائل شيعية مسلحة موالية لإيران باتت منضوية في الدولة.
وتطلب الأمر أشهرا طويلة من الأخذ والرد، لكن الإطار التنسيقي أعلن الإثنين محمد شياع السوداني مرشحه لرئاسة الحكومة، وهو وزير ومحافظ سابق، يبلغ 52 عاما، ومنبثق من الطبقة السياسية التقليدية. ويعتبره الصدريون كذلك مقرباً من نوري المالكي.
في ظل هذا السياق السياسي، اقتحم مئات من مناصري التيار الصدري البرلمان الواقع في المنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة وتضم مقار حكومية وسفارات الأربعاء، احتجاجا على ترشيح السوداني.
ويرى المحلل السياسي العراقي علي البيدر أن الصدر في هذه الخطوة يقول لخصومه أن “لا حكومة ولا خطوات دستورية واستحقاقات انتخابية ما لم يوافق الصدر عليها”. وتابع أن الصدر أوصل رسالة “أنه حاضر بقوة وأنه جزء فاعل عبر الجماهير في المشهد السياسي العراقي وعلى الجميع احترام مواقفه وآرائه”، مضيفا أنه أظهر أيضا “القناعة المطلقة بأنه لا يمكن تمرير أي شيء من دون مباركة الصدر”.
ويرى الأستاذ في جامعة بغداد إحسان الشمري أن “الرسالة الأهم مما حصل هي أن الخارطة السياسية المقبلة، مهما كانت، لن تمضي طالما كان التيار الصدري خارج البرلمان العراقي”. بدوره، يشرح الباحث ريناد منصور من مركز أبحاث Chatham House أن الصدر يأمل “استخدام قوة الشارع لإسقاط محاولات خصومه في تشكيل الحكومة”، موضحا “نحن أمام أطول مسار لعملية تشكيل حكومة” شهدته البلاد.
في هذا السياق المتوتر، تزداد الأصوات المتحدثة عن احتمال الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة تعيد خلط الأوراق، وتأتي بـ329 نائبا جديدا. وقد يكون ذلك حلا يسهل قبوله من التيار الصدري الذي لم يعد ممثلا داخل البرلمان. لكن الأمر دونه تعقيدات عديدة.
ويرى ريناد منصور أن “الصدريين يأملون أنهم بتقديم أنفسهم كقوة معارضة وليس كحزب في الحكومة، يستطيعون جذب مزيد من الأصوات”. أما البديل، فسيكون “برلمانا غائبا” تحت ضغط التيار الصدري، كما يشرح إحسان الشمري.
ويضيف أن “جزءا من استراتيجية الصدر هو تطويق البرلمان وقد يكون هناك اعتصام داخله إذا ما أصر الإطار على مرشحه” أو “عصيان مدني”. وحذر من أن اقتحام البرلمان ليس سوى “خطوة أولى”، مضيفا أن “الرسالة كانت واضحة أن الصدر وأتباعه مستعدون أن يذهبوا إلى أبعد من ذلك”.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook