آخر الأخبارأخبار محلية

الفيول الإيراني “المجاني”.. هل هو عرض “جدّي وعملي”؟!

مجدّدًا، عاد الحديث في الأوساط السياسية عن “الفيول الإيراني”، على وقع الطرح الجديد الذي قدّمه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، حين أعلن أنّه “حاضر” ليأتي بهذا “الفيول” لمعامل الكهرباء، مشترطًا لذلك أن تعلن الحكومة أنّها “جاهزة لاستقباله”، لكي لا يصل ويبقى مقابل الشواطئ اللبنانية.

لم يتأخّر وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، على عادته، في “الترحيب” بالطرح، قائلاً إنّ معامل إنتاج الكهرباء بحاجة لكل ليتر فيول، وإنّ الوزارة ترحّب بـ”أي هبة تأتي من أي دولة صديقة في العالم”، وكاشفًا أنّ الوزارة “جهّزت مواصفات الفيول اللازم لمعامل الإنتاج”، على أن تعمّمها على المعنيّين، وفق قوله.

وفيما جاء تعليق فياض، الذي يحمّله كثيرون أساسًا مسؤولية جوهرية في عرقلة خطط منع القطاع الكهربائي من الانهيار، مطابقًا للتوقعات، فإنّ ما فاجأ كثيرين تمثّل في بيان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي طالب الحكومة بالموافقة على العرض الذي قدّمه السيد نصر الله، ولو من بوابة “التشكيك” بإمكانية حصول مثل هذا الأمر.

هل العرض جدّي؟

لعلّ ما بدا واضحًا من بيان جعجع، المُستغرَب بالنسبة إلى كثيرين، هو أنّه “تشكيكي” بجدية العرض، حيث تعمّد الحديث عن ضرورة عدم ترك الشعب اللبناني “عرضة للأقاويل التي لا ترتكز إلى أي أساس من الصحة”، على حدّ وصفه، مذكّرًا بما حصل في موضوع المازوت، “وانتهى الأمر بباخرتين أم ثلاث، ووصلت إلى الناس مدفوعة باستثناء تبرعات قليلة جدًا طالت بعض المؤسسات الاجتماعية كالتبرعات التي تقوم بها أي جمعية خيرية”.

ولم يكن جعجع وحده من شكّك بـ”جدية” الطرح، حيث اعتبر كثيرون أنّ هذا الطرح بات يتكرّر في كلّ مناسبة، لإدراك المعنيّين به، وعلى رأسهم “حزب الله” وإيران، أنّه لن يلقى القبول من الأطراف المعنيّة في السلطة، خصوصًا أنّه ليس الأول من نوعه، وكأنّ هناك من يريد أن يرمي الكرة في “ملعب” غيره، وخصوصًا بعد “الشعبوية” التي لجأ إليها الوزير السابق جبران باسيل حين خرج بـ”الحلّ السحري” القائم على طلب الفيول من إيران في حديثه المتلفز الأخير.

لكن، رغم هذه الشكوك، يجزم الدائرون في فلك “حزب الله”، أنّ العرض “أكثر من جدّي”، وأنّ إيران “جاهزة” لترجمته على أرض الواقع، علمًا أنّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان سبق أن تقدّم به بصورة رسمية خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، وبالتالي فهو ليس مجرّد “حبر على ورق” كما يحاول البعض تصويره، وأنّ كلّ ما تنتظره طهران هو “جواب رسمي” على العرض من جانب الحكومة، لتباشر تزويد اللبنانيين بعشر ساعات من الكهرباء. 

هل العرض “عملي”؟

لكن، حتى لو كان العرض “جديًا”، وفقًا للفرضية التي يروّج لها الفريق المحسوب على إيران في لبنان، ثمّة سؤال آخر يُطرح، قد يكون أكثر أهمية برأي كثيرين، فهل مثل هذا العرض “عملي” فعلاً؟ هل يمكن للبنان أن “يغامر” بقبول الفيول الإيراني، سواء كان مجانيًا أم مدفوعًا، وهو ما قد يشكّل خرقًا لنظام العقوبات الدولية المفروضة على إيران، ولا سيما أنّ عرض طهران عمره سنوات، وليس وليد الأزمة الحالية؟

يقول العارفون إنّ مثل هذا العرض لا يمكن أن يكون “عمليًا”، لأنّ من يطرحونه يدركون قبل غيرهم، “استحالة” تنفيذه، بالنظر إلى العقوبات المفروضة على إيران، ما يعني أنّ شراء الفيول منها، أو حتى قبوله مجانًا، سيعرّض لبنان لعقوبات هو بمنأى عنها في الظروف العادية، فكيف بالحريّ في الظروف الحالية، وهو يحتاج لدعم المجتمع الدولي ومساندته، لتجاوز المحن التي يمرّ بها، على كثرتها وخطورتها.

لكنّ المدافعين عن العرض يتحدّثون عن “وسائل” ممكنة، لا للتحايل على العقوبات، ولكن للقفز فوقها، مشيرين إلى أنّ لبنان يمكنه أن يطلب “إذنًا” من الولايات المتحدة لإعفائه من العقوبات على إيران، في “امتياز” سبق أن حصل عليه العراق مثلاً، إلا أنّ العارفين يستبعدون مثل هذا “السيناريو” في الواقع اللبناني المنقسم على نفسه، علمًا أنّ هناك من يعتبر أنّ الهبة الإيرانية ستكون “مشروطة”، وهو ما قد لا يناسب لبنان، المتمسك بعلاقات ممتازة مع محيطه العربي.

في المحصّلة، رغم الطنّة والرنّة التي أحدثها المقترح الإيراني الذي نقله الأمين العام لـ”حزب الله”، ثمّة من لا يعتبر أكثر من “ملهاة جديدة” للبنانيين، في وقت قد يكون المطلوب قبل الخوض في أي “متاهة” من هنا أو هناك، الانكباب على معالجة جادة ومسؤولة للأزمات الكبرى التي يتخبّط فيها اللبنانيون، حتى لا يجدوا أنفسهم في قلب “جهنّم”، كما بشّرهم رئيس الجمهورية ميشال عون…

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى