آخر الأخبارأخبار دولية

“التغير المناخي بات قضية حياة أو موت”

نشرت في: 21/07/2022 – 16:42

تشهد العديد من الدول في منطقة البحر الأبيض المتوسط خصوصا موجة قيظ مصحوبة بحرائق مدمرة، ربطها مختصون مباشرة بظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية. فما أسباب وانعكاسات هذه الظواهر العنيفة؟ هل فشلنا في الوقاية وما أسوأ السيناريوهات المستقبلية وكيف تمكن مواجهتها؟ وما دور أزمة الطاقة الحالية التي تشهدها المنطقة؟ أسئلة يجيبنا عليها أحمد الدروبي مدير الحملات لدى منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تواجه دول عدة في أوروبا الغربية وشمال أفريقيا موجات حر شديدة وحرائق عنيفة تسببت في سقوط قتلى وأدت إلى دمار هائل في الغطاء الغابي وأيضا في الممتلكات والبنى التحتية.

فمن البرتغال إلى اليونان ومن المغرب إلى تونس، تم تسجيل درجات حرارة قياسية وأيضا اندلاع حرائق لا يزال رجال الإطفاء يعملون لحد الساعة على مكافحتها منذ اندلاعها قبل أيام.

  • أوروبا الغربية.. قيظ وحرائق مدمرة

وتخطت درجات الحرارة في بعض دول أوروبا الغربية 40 درجة مئوية، في إطار نمط عالمي عزاه العلماء والمختصون بشكل كبير لتغير المناخ بسبب الأنشطة البشرية.


01:23

ففي إسبانيا، أعلنت السلطات الأربعاء عن تسجيل أكثر من 500 وفاة مرتبطة بموجة القيظ، التي أدت إلى اندلاع حرائق مدمرة وارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات قياسية. وقال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إن “حالة الطوارئ المناخية هي واقع وتغير المناخ يقتل”.

وفي إيطاليا، انتشرت حرائق الغابات في عدة مناطق هذا الأسبوع بسبب استمرار ارتفاع درجات الحرارة. وارتفع عدد المدن التي أعلنت حالة التأهب القصوى لمواجهة موجة الحر من خمس إلى تسع مدن، ومن المتوقع ارتفاع عدد المدن إلى 14 الخميس، بينها روما وميلانو وفلورنسا، على أن يبلغ العدد 16 مدينة الجمعة. ومن المتوقع أن تصل درجة الحرارة إلى 40 في شمال ووسط البلاد.


01:38

وفي اليونان، غطت سحب كثيفة من الدخان السماء فوق جبل بينتيلي على بعد نحو 27 كيلومترا شمال أثينا، حيث يحاول المئات من الإطفائيين و120 عربة إطفاء و15 طائرة محملة بالمياه إخماد الحريق.

وفي فرنسا، حيث يكافح رجال الإطفاء في منطقة جيروند الجنوبية الغربية منذ 12 يوليو/تموز لاحتواء حرائق الغابات الضخمة، قال وزير الزراعة مارك فيسنو إن هناك حاجة لاستثمار المزيد من الأموال لمواجهة مثل هذه التهديدات.

  • حرائق في المغرب وتونس

وفي الضفة الجنوبية للمتوسط، أرسلت الجزائر نحو 30 شاحنة إطفاء مجهزة إلى المعبر الحدودي أم الطبول لمساندة جارتها الشرقية في جهود إخماد الحرائق التي اندلعت الثلاثاء بجبل برج السدربة جنوب العاصمة تونس. وقال المتحدث الرسمي باسم الحماية المدنية التونسية الأربعاء، إنه تمت السيطرة بنسبة تفوق 80 بالمئة على الحريق الذي طال مساحة 3000 متر مربع. وأوضح أن أعلى قمة جبل برج السدرية ما زالت مشتعلة وستقوم وحدات الجيش الوطني بطلعات جوية لإخمادها، مشيرا إلى أن باقي وحدات الإطفاء تواصل جهودها لإخماد الحريق وإطفاء الجيوب النارية، حسب مراسل فرانس24 نور الدين مباركي.


كما أعلنت الجزائر الأربعاء أنها لبت طلب تونس وقرر الرئيس تبون “الإرسال الفوري لحوامتين كبيرتين تابعتين للقوات الجوية و20 شاحنة للحماية المدنية من النوع الكبير، إلى تونس، لمساعدة إخواننا التونسيين في إخماد الحرائق”.


وفي المغرب، واجهت السلطات حريقا كبيرا في إقليم العرائش حيث سجلت وفاة شخص على الأقل وتضرر نحو 4660 هكتارا، والتهمت ألسنة النيران النصف منها تقريبا. وتم إجلاء 1325 أسرة موزعة على 19 قرية. وتشهد المملكة منذ أيام موجة حر خانقة إذ قاربت درجات الحرارة 45 درجة مئوية فيما تعاني فيه البلاد من جفاف استثنائي وشحا في المياه.

  • تلوث غاز الأوزون

وفي ظل تفاقم حدة الظواهر المناخية والكوارث الطبيعية الناجمة عنها، حذر برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي “كوبرنيكوس” الثلاثاء من أن موجة الحر التي تجتاح أوروبا حاليا ويرافقها جفاف حاد، تفاقم من مخاطر نشوب حرائق وتزيد التلوث بغاز الأوزون.

ويتشكل غاز الأوزون حين تتفاعل انبعاثات من الوقود الأحفوري وملوثات أخرى من صنع الإنسان، بوجود ضوء الشمس. والأوزون هو غاز دفيء رئيسي وأحد مكونات الضباب الدخاني الحضري ويضر بصحة الإنسان ويمنع عملية التركيب الضوئي في النباتات.

حوار مع أحمد الدروبي مدير الحملات لدى منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

  • ما أسباب الظواهر المناخية العنيفة التي تضرب دول المتوسط؟

لقد وصلنا مرحلة لا يمكن فيها لأحد أن ينكر آثار التغيرات المناخية التي تتزايد سنويا. نرى في كل عام أرقاما قياسية جديدة فيما يخص درجات الحرارة وأعداد الحرائق. وقد أكد العلماء وما جاء أيضا في تقرير لجنة IPCC الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، بشكل نهائي وقاطع بأن ما يمر به كوكب الأرض سببه التغيرات المناخية. وإلى جانب الحرائق لدينا أيضا الفيضانات وظاهرة البرد والجفاف.

كما أن الكوارث الطبيعية المناخية باتت تزيد في قسوتها وورودها بشكل أكبر وهو ظاهرة ستتزايد مع الوقت. وصلنا إلى درجة واثنين بالعشرة أعلى من المتوسط لما كان قبل الثورة الصناعية. هدفنا ألا نتخطى أكثر من 1,5 درجة والتي إن بلغناها ستكون الآثار أكبر وأكثر وخامة. وفي حال ارتفعت درجات الحرارة بدرجتين فإن التداعيات ستتضاعف ووتيرة التغيرات المناخية ستزداد قسوة. وحتى ولو التزمت الدول بتعهداتها سنصل إلى أكثر من درجتين ونصف، إذاً فنحن في خطر. إن آثار التغيرات المناخية ليست متعلقة بالعواصف والعوامل الجوية فقط، بل إن لها آثارا مختلفة ومتفاقمة مثل آثارها على المحاصيل الزراعية بشكل مباشر، وفي منطقتنا تأثرت المحاصيل خلال السنوات الماضية ويمكن أن يحدث هذا أكثر مستقبلا. كما أن أزمات الغذاء في العالم ستتفاقم بنسبة كبيرة مستقبلا.

  • ما انعكاس الظواهر المناخية العنيفة على الحياة اليومية للسكان؟

كوكب الأرض معقد وظواهره متداخلة ومرتبطة، إذ إن أي تغيير بسيط في النظام البيئي قد يؤدي إلى آثار عديدة في أماكن مختلفة وبأشكال متنوعة. وأكثر المجتمعات المتأثرة بالكوارث الطبيعية هي تلك المهمشة والتي تواجه صعوبات أكثر في حياتها اليومية، كما هو الحال في البلدان النامية والسكان المهمشين في تلك الدول الذين لا يملكون خدمات صحية، وأيضا كل من يقطن في المناطق الصناعية وكذا النساء والأقليات والشباب الذين يكبرون في ظل أوضاع أصعب وهو ما يؤدي لتفاقم مشاكل مثل ظاهرة الهجرة.

  • هل فشلنا في الوقاية ويجب أن نعتاد على درجات حرارة مرتفعة؟

للأسف يجب أن نكون مستعدين لمواجهة ظروف جوية بوتيرة أكثر حدة وبأعداد متزايدة. نعم، لقد فشلنا في الوقاية لدرجة كبيرة ويمكن أن نصل إلى مراحل أشد وأسوأ بكثير. يجب أن نتخذ خطوات حاسمة بالأخص من طرف الدول الصناعية التي سببت هذه المشاكل المرتبطة بالتغيرات المناخية مثل الولايات المتحدة وأوروبا بالأخص، وهي الدول الصناعية تاريخيا أي دول الشمال والتي يجب أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية. ثم إن أكثر الدول المتأثرة هي الدول النامية ويجب هنا على الشمال أن يتحمل الأضرار والخسائر التي تشهدها دول الجنوب إن من الناحية المالية والمادية والمعرفة والتكنولوجيا، حتى تتمكن تلك المناطق من التأقلم والتعامل مع تلك الخسائر والأضرار. يجب أيضا تطوير مسارات بديلة غير معتمدة على الكربون. هناك دول مثل الصين التي لم تكن تاريخيا من بين الملوثين، ولكنها أصبحت من أكثر الدول التي تسبب انبعاثات وينبغي عليها أن تنفذ انتقالا عادلا وسريعا” في المجال البيئي ومواجهة التلوث.

  • ما دور أزمة الطاقة وقطع إمدادات الغاز الروسي؟

الدول الأوروبية التي وجدت نفسها في أزمة طاقة بسبب العقوبات الغربية المفروضة على روسيا وحظر الغاز والنفط من هذا البلد الذي يشن منذ 24 فبراير/شباط عملية عسكرية في أوكرانيا، لا تلتزم فعليا بالانتقال إلى الطاقة النظيفة ويرى بأن التداعيات يمكن أن تكون كارثية. ويتحدثون عن بدائل للغاز الروسي، والكارثة أنهم يتجهون نحو أفريقيا ويدعون الدول الأفريقية للاستثمار في مشاريع جديدة للوقود الأحفوري عبر شركات أوروبية. تلك المشاريع للأسف تربط اقتصادات الدول الأفريقية بالوقود الأحفوري لعقود قادمة، فبناء مشاريع الوقود الأحفوري مثل الآبار والمحطات لا يكون لنشاط يستغرق خمس سنوات فقط بل لعقود من الزمن، ستكون للأزمة الروسية-الأوروبية تداعيات كارثية على الدول الأفريقية”.

  • ما هي أسوأ السيناريوهات المتوقعة مستقبلا وما سبل مواجهتها؟

أرى ألّا أمل لتحقيق أي تقدم في هذا مجال البيئة ومكافحة التغيرات المناخية، من دون ضمان تحقيق الانتقال البيئي السريع ووقف الاعتماد على الوقود الأحفوري، وكلما تأخرنا تفاقمت المشكلة. يمكن أن ترتفع درجات الحرارة بشكل غير محدد والقضية هي أننا تخطينا نقطة اللاعودة. ستكون الحياة على كوكب الأرض صعبة على الجميع لكن خصوصا سكان المنطقة العربية. نرى ظاهرة التصحر في شمال أفريقيا والعراق ونرى أن دول الخليج تشهد زيادة في متوسط درجات الحرارة هو ضعف المتوسط العالمي، كما أن هناك آثارا كبيرة على القطاعات الزراعية كما هو الحال في مصر، ولعل المشكلة الأكبر في المنطقة العربية هي المياه كما يحدث في الأردن الذي بات تحت خطر الفقر في المياه وهي مشكلة تتفاقم، الموضوع ليس فقط مشكلة أمن بل قضية حياة أو موت.

مع الذكر هنا بأن الظواهر المناخية العنيفة التي تشهدها دول العالم لن تتكرر بالضرورة بوتيرة سنوية، على الرغم من ذلك فإننا سنشهد مواسم صيف أسوأ ومواسم شتاء أسوأ كما ستتأثر المواسم والدورات الطبيعية للجو، إذ يمكن أن نشهد مواعيد مواسم متغيرة مثل موعد بداية ونهاية فصل الصيف، كما يمكن أن نرى شتاء قارسا جدا وآخر يشهد جوا دافئا وللاثنين تداعيات سيئة على قطاع الزراعة والدورات المناخية الأخرى.

 

أمين زرواطي

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى