آخر الأخبارأخبار محلية

التاريخ يعيد نفسه… هل نعود 32 سنة إلى الوراء؟

إلتقت مواقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، العائد من الحج، مع مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشاره الراعي، لجهة تخوّفهما من “تطيير” الإستحقاق الرئاسي بعد تعطيل الحكومة المتعمّد، والذي باتت الآعيبه مكشوفة للقاصي والداني.

فالمفتي دريان، كما البطريرك الراعي، ينطلقان من خلفية وطنية وليس طائفية، وهما يلتقيان في الخشية من فراغ رئاسي طويل، على رغم القلق الذي تعيشه كل من الطائفتين السنّية والمارونية.  
فالسنّة قلقون من تهميش دورهم من خلال تعطيل الحكومة أولًا، ومن ثم تغييب القرار السنّي والمساهمة في إختيار الرئيس المقبل للجمهورية ثانيًا، لا سيما بعد “تهشيل” الرئيس سعد الحريري وتيار “المستقبل” وتغييبهما نيابيًا وسياسيًا، خصوصًا أنه كان للحريري الدور الأساسي في تأمين الغطاء السنّي لإنتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، وتأمين غطاء سنّي لعهده في سنواته الثلاث الأولى.  

أمّا الموارنة غير المعنيين بتشتّت أحزابهم وتياراتهم والمنقسمة والمتخاصمة والمتسابقة على الكرسي الرئاسي، فقلقون على أن تأتي أنصاف الحلول والتسويات، ولو متأخرة، على حسابهم بعد تهميش دورهم كطائفة موحدّة ومتضامنة. 
ولأن المشهدية الرئاسية تطفو على سطح التطورات المتسارعة فإن لا شيء يلوح في أفق تحريك الملف الحكومي، حيث لم يتبّلغ الرئيس نجيب ميقاتي بصفته رئيسًا مكّلفًا من الدوائر المعنية في القصر الجمهوري تحديد أي موعد جديد مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي لا يزال يشترط على الرئيس المكّلف، قبل تحديد موعد له، أن يحمل معه تشكيلة حكومية مختلفة عن تلك التي حملها إليه عقب الإستشارات النيابية غير الملزمة، وإن كان الحديث غير المباشر وغير العلني بدأ يأخذ بعض النواحي الإيجابية لجهة “تطرية” الجو لناحية تقديم بعض التسهيلات للخروج بتشكيلة ممكنة ترضي جميع الأفرقاء، من دون أن يكون في هذه الطروحات الجديدة ما يوحي بأن ثمة شروط قد توضع على الرئيس المكّلف، بعدما تبيّن للجميع أنه لن يرضخ لما يسمى “شروطًا”، إقتناعًا منه بأن الدستور واضح عندما تحدّث عن العملية التشاركية في تشكيل الحكومة. فهذا الأمر مرفوض شكلًا ومضمونًا، لأنه يتعارض مع صلاحياته الدستورية بتسمية الوزراء، وهو بالتالي يتصرّف من موقع حرصه على صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عنها في الدستور والمحصورة بالعملية التشاورية. وأي أمر آخر يُعتبر تجاوزًا لحدّ السلطة، وتجاوزًا للنصّ الدستوري وروحيته. وهذا ما لا يمكن القبول به “لا عَ الطاير ولا عَ الغاطط”. 

 فالرئيس ميقاتي، كونه رئيسًا مكّلفًا ورئيسًا لحكومة تصريف الأعمال، يقوم بواجباته الوطنية بالقدر الذي يجيزه الدستور في ما خصّ المفهوم الضيّق لتصريف الأعمال، وهو جمع أمس الأول أكثر من نصف الوزراء المعنيين بالأزمة المالية وأزمة القطاع العام، حيث إتُخذت تدابير سريعة ومبدئية تمهيدًا لقرارات لاحقة مرتبطة بإقرار الموازنة العامة في مجلس النواب. 
من هنا يمكن القول إن الملف الحكومي بعدما كان يُعتبر وراء الجميع أصبح متقدّمًا، ولو بنسب متفاوتة، خصوصًا مع بدء العدّ العكسي للتحضير جدّيًا للإستحقاق الرئاسي، وكل كلام مغاير لهذا المنطق يمكن إعتباره تضييعًا للوقت والجهد.  
فإذا لم يصر إلى تذليل بعض العقبات والتفكير بمصلحة البلد قبل أي شيء آخر فإن حكومة تصريف الأعمال باقية لتدير مرحلة ما بعد رئاسة عون إذا حصل الفراغ، بغض النظر عن فوضى الفتاوى الذي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة،  والتي من شأنها أن تدخل البلاد في متاهات غير محسوبة النتائج، وكأن التاريخ يعيد نفسه إذا عدنا بالزمن أثنتين ثلاثين سنة إلى الوراء. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى