التيار الوطني الحر: امتحان الأسابيع الأخيرة
فانتخاب باسيل رئيساً يكاد يكون من المعجزات، ليس فقط بسبب العقوبات الأميركية أو الموقف الفرنسي منه أو التطويق العربي له، بل بسبب حسابات الداخل ومواقف الأطراف الإسلامية والمسيحية منه. ولأنه يدرك ذلك، ويدرك أن حليفه حزب الله ليس قادراً على إيصاله، كما فعل مع عون، كان الرهان أن يتحول في الأشهر الأخيرة إلى ناخب أوّل بدل أن يكون مرشحاً أول. لكن ما يجري حتى الساعة أن باسيل يتصرف على العكس تماماً. فهو يمارس لعبة داخلية محض لتأمين الاستمرارية التي تنتهي مع نهاية العهد، ولا سيما في طريقة إدارته ملف تشكيل الحكومة، مستخدماً الأسلوب نفسه الذي مارسه سابقاً. في حين أن شروط اللعبة اليوم مختلفة تماماً عما كانت عليه قبل العهد وخلاله. حتى إن ثمة من راهن على أنه سيدوّر الزوايا الى الحد الأقصى فيضمن الحكومة الجديدة بأيّ ثمن حتى لا تكون حكومة تصريف الأعمال وريثة عون، بغضّ النظر عن أي سيناريوات متخيّلة لاحتمال بقائه في بعبدا. لكن ما حصل هو العكس تماماً، بعدما أعطى الأولوية لدوره الآني على حساب الاستحقاق المقبل.
يدرك باسيل أنه أصبح معزولاً في الداخل، من دون حلفاء، وأن فوزه «العجائبي» بالانتخابات النيابية ليس مبنياً على صخرة ثابتة، وأن ما حصده من أرقام، بدعم حلفائه، لا يستطيع أن يعوّل عليها في فرض موقعه مع بداية عهد جديد، حتى لو كان الرئيس المقبل أقرب حلفاء حزب الله. رغم ذلك، فإنه مستمر في القفز فوق كل الاعتبارات التي لم تعد أوراقاً رابحة في الأسابيع الأخيرة للعهد. فعلى طريقة «لو دامت لغيرك لما آلت إليك»، فإنّ ما ورثه باسيل والتيار على سنوات من قواعد غير عونية المنشأ، يعرف تماماً أنها لن تحافظ على ولائها له، مهما كان اسم الرئيس المقبل للجمهورية. كل ما يضمنه له حزب الله من صفقة أو سقف سياسي وحضور ولو عبر تعيينات وحصص، ينتهي عند باب القصر الجمهوري.
لكن الامتحان الأصعب يكمن في تركيبة التيار. معارك التيار الداخلية في الانتخابات النيابية عكست واحداً من مظاهر الصراعات التي انكشفت الى الملأ من دون أيّ رادع، حتى مع وجود مظلّة عون. لكن مشهد التيار سيتبدّل حكماً، لأن العونية التي عاشت سنوات منذ التسعينيات أمر مختلف تماماً عن الباسيلية. هناك نواب وقيادات عونية تنتظر اللحظة المناسبة في 31 تشرين الأول لغايات بعيدة عن غايات الآخرين، وهناك كذلك تصفية حسابات داخلية وعائلية وكثير من المطبّات على الطريق بعد سقوط مظلّة رئاسة الجمهورية.
في موازاة كل ذلك، وهو ما يدركه باسيل وعلى أساسه يواصل عناده حول التسويات المطروحة، لا يزال أداء التيار على الإيقاع ذاته. فالثقة بأن الحزب باقٍ مهما تغيّرت المعادلات، في محلها، والتيار سيبقى بعد خروج عون من بعبدا مع كتلة مسيحية وإن نقصت على الطريق. لكنّ التحدّي يكمن في ما سيكون عليه التيار بعد 31 تشرين الأول، ومدى قدرة قيادته على اجتياز امتحان نهاية العهد.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook