آخر الأخبارأخبار دولية

أنس جابر… مسيرة ملهمة لتونسية بلغت المجد في “رياضة الأثرياء”


نشرت في: 09/07/2022 – 08:07

ببلوغها نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب، حققت التونسية أنس جابر المصنفة الثانية عالميا إنجازا تاريخيا عربيا وأفريقيا في هذه الرياضة التي بقي التميز فيها طويلا حكرا على الأوروبيات والأمريكيات. وتأمل جابر فتح الباب لشباب من القارة السمراء والعالم العربي لتحقيق إنجاز مماثل. لكن مسيرة “وزيرة السعادة” التونسية لم تكن مفروشة بالورود وكان عليها تجاوز الخيبات والتحلي بالمثابرة والتحدي لتحقيق حلمها.

“أريد أن أرى المزيد من اللاعبين العرب والأفارقة في البطولة. أحب اللعبة وأريد أن أشاركهم التجربة” بهذه الكلمات، عبرت التونسية أنس جابر عن فخرها بتأهل تاريخي لنهائي بطولة كبيرة مثل دورة ويمبلدون لكرة المضرب.

وبلوغ القمة في الرياضة التي يعتبرها كثيرون “حكرا على الأثرياء” لم يكن سهلا لابنة مدينة قصر هلال الساحلية جنوب العاصمة تونس. فقد تطلب الأمر منها اللعب عشر سنوات في صفوف محترفات اللعبة لكي تصبح رقما صعبا في تنس السيدات “تخشى” نجمات اللعبة مواجهتها على حد تعبيرها.

بداية جابر، المولودة سنة 1994، مع الكرة الصفراء كانت في محافظة سوسة الساحلية شرق البلاد في ملاعب فنادق في المنطقة السياحية، ثم انتقلت إلى ملعب “نادي حمام سوسة” في ذات المحافظة.

“روجيه فيدرر السيدات”

أول من تولى تدريب “وزيرة السعادة التونسية” كان نبيل مليكة الذي يقول إنه كان من الواضح منذ البداية امتلاكها موهبة فريدة وشخصية قوية “تحاول أن تكون المتميزة” على بقية رفاقها من البنات والأولاد كذلك.

ويضيف مليكة الذي رافق جابر في التدريب خلال سنوات البدايات “كانت لها قدرات تحكم كبيرة في الكرة، حتى أن مدربين آخرين حاولوا استقطابها لكرة اليد، وفعلا فكرت أنس بجدية في تغيير اختصاصها لكن تمسكت ببقائها في رياضة التنس”.

ويذكر مليكة بدايات أنس جابر قائلا: ”كانت شعلة من الحماس وكثيرة الحركة تحاول دوما أن تظهر أنها الأفضل في التحكم في اللعبة… تضعني دوما في إحراج مع بقية زملائها. كنت احتار بين المرور إلى مستوى أقوى من التدريب أو انتظار رفيقاتها كي يلحقن بمستواها وبنسقها”.

انتقلت جابر في سن الثانية عشرة إلى العاصمة تونس للتدرب في المعهد الرياضي بالمنزه (حكومي يضم نخبة الرياضيين) لتبدأ مشوارا جديدا في حياتها. كان يرافقها آنذاك عمر العبيدي وهو لاعب تنس محترف ويدرب حاليا هذا الاختصاص في نادي حمام سوسة.

يؤكد عمر العبيدي أنه كان متيقنا من بلوغها المستوى العالمي، مضيفا “أتذكر أننا كنا نلقبها روجيه فيدرر”، نسبة إلى أسطورة التنس السويسري.

وتابع “واجهتها خلال التمارين، فرمت كرة ساقطة حاولت اللحاق بها، لكني سقطت وكُسرت يدي”. منذ ذلك التاريخ “تلقبني بالخبيزة (باللهجة التونسية تعني المغلوب)”.

قدمت أنس نفسها للعالم للمرة الأولى بفوزها ببطولة رولان غاروس العريقة للناشئات سنة 2011 في تتويج جعلها محط أنظار المهتمين باللعبة أملا في نحت مسيرة كبيرة للاعبة من خارج القارتين الأوروبية والأمريكية المهيمنتين على اللعبة.

خيبات سنوات الاحتراف الأولى

في العام الموالي، بدأت أنس في اكتشاف المستوى العالي باللعب مع المحترفات، لكنها لم تحقق النجاح المنشود، ولم تصل إلى نادي المئة، ما جعلها تشارك في بعض الدورات الكبيرة ببطاقة دعوة.

وخفت بريق أنس لسنوات طويلة في بدايتها الاحترافية، حيث أن لاعبات التنس يصلن في المعتاد لقمة مستواهن في سن مبكرة بين 18 و22 عاما، على غرار السويسرية مارتينا هينغيز والبلجيكية جيستين هينان والروسية ماريا والأمريكية سيرينا ويليامس والمصنفة أولى عالميا حاليا البولندية إيغا شفيونتيك غيرهن كثيرات.

وتقول أنس في أحد تصريحاتها السابقة، إنها ملت من التواجد في مرتبة متأخرة في الترتيب العالمي لمحترفات اللعبة. وضاعفت من جهدها في التدريب وحسنت من لياقتها لتحقق حلمها في دخول ترتيب العشر الأوائل لمحترفات اللعبة في 2021.

وبالفعل نجحت أنس سنة 2017 في دخول نادي أفضل 100 لاعبة في العالم، ونجحت في بلوغ أول نهائي لها في المحترفات بدورة موسكو المفتوحة سنة 2018.

قطف ثمار المثابرة

ثمار عمل أنس التي تبلغ اليوم 28 ربيعا، بدأت في الظهور بالتحديد في 2020 عندما دخلت نادي أفضل 50 لاعبة في العالم ببلوغها ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة كأول بطولة كبرى تصل فيها لدور الثمانية، لتبلغ بعدها الدور الرابع في بطولة رولان غاروس.

وتعتبر سنة 2021 سنة الإقلاع في مسيرة جابر ببلوغها ربع نهائي ويمبلدون في 2021. وفوزها بأول لقب في مسيرتها في بطولة بيرمينغهام ذات العام لتبلغ في نهاية المركز السابع عالميا، وهو ما كان طموحها المعلن في بداية الموسم.

ولعل 2022 كانت سنة السعد لـ”وزيرة السعادة التونسية” بتوالي النتائج الجيدة التي جعلتها تصل للمرتبة الثانية عالميا، حيث فازت ببطولتي مدريد من فئة 1000 نقطة وبرلين من فئة 500 نقطة، وبلغت نهائي بطولة روما، وها هي اليوم تستعد لخوض نهائي بطولة ويمبلدون العريقة.

إلهام الشباب العرب والأفارقة

تؤكد أنس أن طريقها لم تكن معبدة بالورود، حيث قالت بعد مرورها بربع نهائي ويمبلدون: “أريد أن أكون مصدر إلهام للاعبات التنس ليس فقط في تونس بل في أفريقيا والعالم العربي، ثقوا في أنفسكم أنا لست منحدرة من عائلة ثرية لذلك كفوا عن إيجاد التبريرات واذهبوا للعمل واستمتعوا باللعبة”.

وبعد بلوغها نصف النهائي وقبلها تأخرها بمجموعة في مباراة صعبة، أكدت جابر أن الاستسلام كلمة لا توجد في قاموسها “أحيانا يكون قلب الطاولة صعبا جدا من الناحية الذهنية خصوصا عندما تواجه لاعبة لا تجعل الأمور سهلة عليك في المجموعة الثانية، لكن أعتقد أنه بخوض مباريات كثيرة وتعلم كيفية اللعب بطريقة أحسن وعدم الاستسلام أبدا يساعدك أو يساعدني شخصيا على الفوز بالمجموعتين الثانية والثالثة”.

يُعرف عن أنس أن لديها أسلوب لعب خاص في طريقة التعامل مع منافساتها خلال المباراة، وتبحث عن تقديم العروض الجميلة “هي تكره اللعب بنسق واحد، تبحث دائما على خلق الفرجة بتنويع اللعب بتسديدات تفاجئ بها الخصم، وخصوصا منها عبر الكرات الساقطة”، حسب مليكة الذي يؤكد أنها “فعلا ملكة الدروب شوت منذ زمن”.

التحدي القادم لأنس هو الوصول للمرتبة الأولى عالميا، وهو هدف لا تخفيه أنس عن دائرة مقربيها، لكن يبقى عليها قبل ذلك الفوز في نهائي ويمبلدون لتخلد اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة الصفراء.

 

عمر التيس


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى