ميقاتي أراد أن يلحق باسيل على باب الدار
أضحتني كثيرًا تلك التسريبات التي تقول أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل يحرّض الوزراء “المحسوبين عليه” لتقديم إستقالاتهم.
وأُسأل لماذا كل هذا الضحك وسط هذا الكمّ من المآسي التي لا يمكن معها سوى البكاء، لأن في هذه التسريبات ما يفضح “تعففه”، وأنه لا يريد شيئًا لنفسه، بل كل ما يفعله إنما يصّب في خانة المصلحة العامة ليس إلا.
ويُقال إن من بين الأسباب التي دفعت الرئيس نجيب ميقاتي إلى الإسراع في تقديم تشكيلته أنه أراد أن يضرب الحديد وهو حامٍ، بمعنى أنه أراد أن يصدّق أن النائب باسيل، الذي كان آخر من إستشارهم الرئيس المكّلف، لا يريد شيئًا لنفسه، وأنه لن يضع أي شرط، بإستثناء إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالطبع.
فبعد هذا الكلام الباسيلي، الذي لم يمضِ عليه سوى ساعات قليلة صعد الرئيس ميقاتي إلى قصر بعبدا حاملًا تشكيلة متطابقة مع هذا الكلام الذي كان سمعه للتو، وهو مسجّل في محضر رسمي. أراد أن يلحقه إلى باب الدار.
لم تمرّ لحظات على زيارة ميقاتي للقصر الجمهوري حتى أصبحت التشكيلة في يد الإعلام، الذي نشرها بناء على تعليمات واضحة من الجهة المسرّبة بضرورة نشرها كما هي وبخط الرئيس ميقاتي.
لم تمرّ ساعات حتى فضح باسيل نفسه بنفسه، وكشف عن نواياه الحقيقية،خصوصًا أن دوائر القصر الجمهوري سارعت إلى نفي أن تكون هي من قامت بتسريب التشكيلة الميقاتية.
وعليه، وإستنادًا إلى كل هذه “الحركشات الباسيلية” غير المفهومة الأهداف وغير الواضحة المرامي، يستمرّ الجمود الحاصل بمسار التشكيل ،خصوصًا اذا استمرت محاولات التعطيل والعرقلة التي تمارس من حين إلى آخر، وكأن البلاد تعيش أفضل أيامها، أو كأن لا أزمة طحين، ولا أزمة كهرباء، ولا أزمة دواء، ولا أزمة مستشفيات، ولا أزمة وطن يغرق بمشاكله التي لها أول وليس لها آخر كل يوم أكثر من اليوم الذي يسبقه.
نوايا باسيل وتوجهاته إزاء الرئيس المكلف ليست جديدة على المستوى الشخصي، إنما على المستوى الوطني ومصير الوطن، فإن هذه المواقف لا توحي بكثير من التفاؤل، ولا توحي بإمكانية تحقيق أي تقدم ملموس في مسار التشكيل.
لا يريد النائب باسيل أن يقتنع ان قواعد تشكيل الحكومة المعتادة التي كان ينتهجها على مدى السنوات الأخيرة قد تبدلت عما كانت عليه من قبل، ولم تعد أساليب الضغط والابتزاز التي كانت تُستخدم في السابق تحقق شروطه التعجيزية، بل أصبحت معظمها بلا جدوى، بل على العكس أصبح لها نتائج عكسية.
فإذا تمعّن باسيل قليلًا في المتغيرات الناجمة عن الانتخابات النيابية الاخيرة، وقرب انتهاء ولاية الرئيس عون، ووجود الرئيس المكلف على رأس حكومة تصريف الأعمال، لأمكنه التصرّف بواقعية أكثر، وذلك بترك مسار التأليف محصورًا فقط بين أيدي من أناط بهما الدستور هذه المهمّة.
فإذا تُرك الرجلان على “دينهما” لأمكنهما التفاهم على تشكيلة “الممكن” في أقل من 24 ساعة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook