الأزمة المالية تعطّل نقل الموقوفين من السجون إلى المحاكم
وتعاني سجلات النيابات العامة وقضاة التحقيق والمحاكم من تراكم الدعاوى وارتفاع أرقامها، مقابل تراجع الإنتاجية والتأخير في إصدار القرارات والأحكام، في ظلّ ظروف قاهرة ما زالت ترخي بثقلها على واقع القضاء، منها اعتكاف القضاة والموظفين وجائحة «كورونا» التي تسببت بالإقفال لأشهر طويلة. وشدد المصدر القضائي على أن «توقّف الجلسات في هذا الوقت يضرّ بالقضاة الذين يحضرون إلى مكاتبهم لإنجاز الملفّات الملحّة جداً، كما يلحق ضرراً أكبر بالموقوفين الذين تجاوزت مدة توقيفهم الاحتياطي الحدّ الأقصى»، كاشفاً عن أن «عشرات الجلسات تعطلت منذ بداية الأسبوع، وهذا ما يعمّق الأزمة الإنسانية للموقوفين، ويزيد من الاختناق القضائي وتراكم الملفّات»، معتبراً أن «تجاهل المسؤولين لهذه النواحي الإنسانية غير مقبول».
وتشهد السجون اللبنانية اكتظاظاً هائلاً، باعتبار أن عدد نزلائها يفوق قدرتها الاستيعابية بثلاثة أضعاف، وأضاف المصدر القضائي: «يفترض أن تكون صدرت عشرات الأحكام قبل عطلة عيد الأضحى، وكان من شأنها أن تفضي إلى إطلاق سراح عشرات السجناء، لكنّ التعطيل بقي سيّد الموقف»، مذكّراً بأن «بين الموقوفين من لديهم حالات صحيّة لا تحتمل التأخير وتعرّض حياتهم للخطر في ظروف توقيف صعبة، وتراجع العناية الطبية في السجون وأماكن التوقيف». وتتولّى سرية السوق في قوى الأمن الداخلي مهمّة نقل الموقوفين من السجون إلى قصور العدل في المحافظات كافة، للمثول أمام المحاكم وقضاة التحقيق، وقد حالت عوامل متعددة دون إتمام هذه المهمّة بشكل فوري ومنتظم. وأوضح مصدر أمني مطلع على هذا الملفّ أن «مشكلة السوق تنحصر بجزئها الأكبر بموقوفي سجن روميه المركزي»، مبرراً ذلك بـ«تعطّل غالبية الآليات التي تنقل الموقوفين». واعترف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، بأن المشكلة تتمثّل في أن 70% من الآليات المخصصة لنقل السجناء متوقفة نهائياً بسبب الأعطال الميكانيكية، وهناك 5 شاحنات (boxes) فقط صالحة وتستخدم لهذه المهام، بينها اثنتان متفرغتان لنقل الموقوفين إلى جلسات غسيل الكلى، وآليتان لنقل الموقوفين إلى المحكمة العسكرية، وآلية واحدة مخصصة لنقل السجناء إلى كل قصور العدل، وتابع: «لذلك نتفهّم الصرخة المحقّة لكن هذا هو واقعنا»، لافتاً إلى «عدم توفّر الأموال بـ(فريش دولار) لإصلاح الآليات المعطلة والتي تزيد على الـ200 ألف دولار».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متابعة أن «نقل الموقوف بات يخضع للواسطة حتى لا تتأخر محاكمته ويطول زمن اعتقاله»، ولم يخفِ المصدر الأمني وجود ضغوط واتصالات من هذا النوع، إلا أنه أكد أن «القاعدة المعتمدة في ظلّ هذه الأزمة، عدم إحضار موقوف جميع الجلسات، مقابل تعطيل سَوْق آخر إلى كلّ الجلسات، نحن نعتمد مبدأ المداورة». وأوضح أن «ما بين صيف 2021 وصيف 2022 جرى تكليف سرية السوق بـ250 ألف عملية سوق، نفّذنا 60% منها، والباقي تعطلت بسبب جائحة كورونا وقطع الطرق وإضراب القضاة والأعطال التي طرأت على الآليات وغياب الإمكانيات المالية لإصلاحها».
مصدر الخبر
للمزيد Facebook