إليزابيث بورن تعرض برنامج حكومتها السياسي أمام البرلمان في جلسة “محتدمة”
نشرت في: 06/07/2022 – 13:46
بعد يومين من الكشف عن التشكيلة الحكومية الجديدة في فرنسا بقيادة إليزابيث بورن في صيغتها الثانية، إثر تعديلها في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، تعرض رئيسة الوزراء الأربعاء برنامج حكومتها أمام البرلمان، في اختبار تترقبه الأوساط السياسية بعد الهزيمة التي مني بها الرئيس إيمانويل ماكرون في الاقتراع، ووسط استياء المعارضة من رفضها إخضاع حكومتها للتصويت على الثقة، لافتقارها لغالبية مطلقة.
تعرض رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن الأربعاء على نواب البرلمان برنامج السياسة العامة لحكومتها، في جلستين تنعقد الأولى أمام الجمعية الوطنية عند الساعة 13,00 ت غ، ومن ثمة أمام مجلس الشيوخ عند الساعة 19,00.
وستتجنب بورن خلال عرضها برنامج الحكومة طلب نيل الثقة بعد أن اضطرت إلى اللجوء للتعديل الوزاري إثر نتائج انتخابات يونيو/حزيران التي فقد فيها تحالف تيار الوسط بزعامة ماكرون سيطرته على البرلمان، وفي ظل عدم وجود الأغلبية المطلقة ومخاطر التأجيج من المعارضة وخصوصا تحالف اليسار الراديكالي والخضر.
مغامرة غير مضمونة وغير إلزامية
وهذا التوجه في السياسة الفرنسية لرئيسة الوزراء يناقض ما كان معمولا به عند أغلب أسلافها من رؤساء الوزراء السابقين، حيث أن بورن لا تريد أن تتحمل تداعيات التصويت على منح حكومتها الثقة، مخاطرة بذلك بتسميم النقاشات.
ويعد التصويت على نيل الثقة للحكومة أمام البرلمان غير إلزامي حسب ما نصت عليه المادة 50-1 من دستور البلاد. ومنذ 1959، لم يقدم سوى سبعة رؤساء وزراء من أصل 27 سواء من تيارات اليمين كما اليسار على التصويت لنيل ثقة البرلمان. وفي السياق، قال الناطق باسم الحكومة أوليفيه فيران إن بورن: “لن تسعى إلى الحصول على ثقة البرلمانيين”، موضحا أنه وبعد تعداد الأصوات: “نحن غير متأكدين من أن ظروف نيل هذه الثقة ستكون متوافرة”.
وبالنسبة للخبير في العلوم السياسية برونو كاوتريس، فليس أمام إليزابيث بورن قبل كل شيء ميزة “الخيار”، لأنها ستخاطر مرتين إن اختارت التصويت على منحها الثقة، أولهما “السقوط” حيث إن حكومتها لا تملك سوى أغلبية نسبية فقط في الجمعية الوطنية، والثاني هو نيل الثقة من خلال امتناع نواب التجمع الوطني عن التصويت (اليمين المتطرف).
وأضاف مصدر حكومي، أنه وبالنسبة للخيار الثاني، فإن الرأي العام الفرنسي “سيتلقى بشكل سيء للغاية حصول منح الثقة في ظل امتناع الجبهة الوطنية عن التصويت”.
إلى جانب ذلك، فإن نوابا عدة عينوا الإثنين كوزراء في الحكومة وليس بمقدور من سيحلون مكانهم، تولي منصبهم في الجمعية الوطنية قبل شهر، ما سيحرم المعسكر الرئاسي من أصوات إضافية.
تراجع القدرة الشرائية ومواجهة موجة سابعة من كوفيد-19
وخلال هذا الاختبار المحفوف بالمخاطر، ستدافع إليزابيث بورن على طريقة عملها وبرنامجها في آن واحد. وعلى رأس الأولويات مشروع القانون المنتظر حول سبل تعزيز القدرة الشرائية والذي سيناقش في مجلس الوزراء ثم البرلمان بدءا من 18 تموز/يوليو، في وقت بلغ فيه التضخم في يونيو/حزيران 5,8 بالمئة، وهو معدل غير مسبوق منذ نحو أربعين سنة.
لكن المشروع الأول الذي سيدرسه البرلمان بدءا من 11 يوليو/تموز سيكون مشروع القانون الصحي الذي يسمح بالإبقاء على إجراءات مكافحة وباء كوفيد-19، في حين تواجه فرنسا ارتفاعا جديدا في عدد الإصابات، حيث أعلن وزير الصحة فرانسوا برون خلال جلسة في الجمعية الوطنية الثلاثاء، بأن حصيلة الإصابات اليومية بفيروس كورونا “ستتخطى مئتي ألف”.
وقال الوزير في مستهل نقاش بشأن قانون حول الأمن الصحي إن الموجة السابعة من التفشي الوبائي “تشهد في الأيام الأخيرة تزايدا” وسجلنا ما معدله نحو 120 ألف إصابة (يومية) في الأسبوع الأخير، ومن المتوقع أن تتخطى الحصيلة اليومية مئتي ألف إصابة هذا المساء”. وصرح الوزير أمام لجنة القوانين غداة تعيينه، بأنه في مواجهة التفشي المتسارع للفيروس “علينا حماية السكان واليقظة إزاء تداعيات هذا الارتفاع الكبير على النظام الصحي”.
نقاشات محتدمة ومساع لإسقاط الحكومة
وسيكون أمام الحكومة مهمة تمرير إصلاحاتها من دون غالبية مطلقة تحت قبة الجمعية الوطنية وفي مواجهة معارضة غاضبة. حيث لم ترض التشكيلة المؤلفة من 41 عضوا بينهم 20 امرأة قوى المعارضة الأساسية. فحركة فرنسا الأبية اليسارية ترى بأن الحكومة الجديدة ليست “حدثا مهما”، فيما قالت لوبان زعيمة التجمع الوطني الذي حقق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات التشريعية، إن ماكرون “يتجاهل مرة جديدة قرار صناديق الاقتراع وإرادة الفرنسيين برؤية سياسة جديدة”.
وتمخضت حكومة بورن بعد مداولات كثيفة، وهي تضم الكثير من الحلفاء الوسطيين للمعسكر الرئاسي، لكن دون أن تستدعي شخصيات من اليسار أو اليمين. ورأت الحكومة الفرنسية أن الثقة ستبنى “بصبر نصا بعد نص” مع تعذر تشكيل حكومة ائتلافية بسبب رفض “الأحزاب الحكومية” التقليدية المشاركة فيها حسبما قال ماكرون.
ومن المنتظر أن تكون النقاشات التي ستعقب كلمة بورن محتدمة، بعد أن أعلن تحالف اليسار الثلاثاء عن تقديم مذكرة الأربعاء عند الساعة 12,30 ت غ ضد الحكومة. وقدم الموقعون هذه المذكرة على أنها “مذكرة اعتراض” حيال رئيسة الوزراء التي لم تطلب التصويت على الثقة.
لكن لإسقاط الحكومة يجب أن تحصل المذكرة على غالبية مطلقة وهذا مستبعد. ضمن هذا الإطار، أعلنت كتلة التجمع الوطني بشكل خاص بأنها لن تشارك في التصويت موضحة “نحن لسنا هنا لتعطيل كل شيء وتدمير كل شيء نحن هنا لاقتراح حلول” وفق ما أوضح الناطق باسمها سيبستيان شينو. بدوره، صرح أوليفييه مارليكس رئيس كتلة حزب الجمهوريين اليميني: “لن نشارك في السباق فقط لإثارة أكبر ضجة ممكنة” مشددا على أنه ينتظر من بورن “تغيير النهج” و”الإصغاء أكثر” إلى الأصوات المعارضة.
ويكتسي خطاب بورن أمام البرلمان طابعا هاما حيث يعد مؤشرا حول التوجهات التي تريد السلطة التنفيذية انتهاجها خلال الأشهر القادمة.
أمين زرواطي/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook