بعد مسيّرات “كاريش”… هل ترّد إسرائيل عسكريّاً على “حزب الله”؟
وقد جدّدت الحكومة بعد إجتماع الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، ووزير الخارجيّة في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب، التمسّك بالموقف الدبلوماسيّ، ورفض أي عمل خارج إطار المفاوضات التي يقودها هوكشتاين. وفي هذا السيّاق، يرى مراقبون أنّ “حزب الله” أراد تارة الخروج عن الدولة، وبعث رسائل لاسرائيل، وتارةً، التعبير عن عدم رضاه عن كلّ ما يُنقل عن التنازل عن حقوق لبنان النفطيّة. فقد أصابت مسيّراته وفق المراقبين، الاقربين إليه، وأوّلهم رئيس الجمهوريّة ميشال عون، ومن خلفه الذين يتواصلون مع المفاوض الاميركيّ.
وإذ يتخوّف مراقبون من أنّ تستثمر إسرائيل بحادثة “كاريش”، لزيادة مطالبها والضغط على “حزب الله” داخليّاً في لبنان، عبر وقف المفاوضات لبعض الوقت، أو الاعلان عن بدئها باستخراج الغاز، يُنتظر أنّ يُعلن “الحزب” عن موقفه الجديد تجاه الحدود البحريّة الجنوبيّة. ويسأل المراقبون: “هل يُبدّل من وجهة نظره ويرفض الحلّ الدبلوماسيّ، علماً، أنّ لديه الكثير من علامات الاستفهام حوله، أم يُجدّد موقفه الداعم للمسار الرسمي، والاكتفاء بتهديده إسرائيل عبر قدرته العسكريّة الجويّة؟”
ويقول مراقبون إنّه صحيحٌ أنّ “حزب الله” أراد توجيه إشعاراً لرفضه لما يقوم به هوكشتاين، إلّا أنّ رسائله يجب التوقّف عندها، وخصوصاً في الجانب الاسرائيلي. فقد نجح بإرسال 3 مسيّرات، ووصلت إلى أهدافها، وسط بلبلة داخل جيش العدّو، بعد فشله بالتخلّص منها بسرعة. ويلفت المراقبون إلى أنّ “الحزب” أصبحت لديه قدرة وتكنولوجيا عبر الطائرات المسيّرة، بالوصول إلى أهداف داخل العمق الاسرائيلي، بحراً وجوّاً وبرّاً، إنّ من خلال الاستطلاع على غرار ما يقوم به العدّو يوميّاً، من خروقات للاجواء اللبنانيّة، وإنّ من خلال الضربات العسكريّة.
ويُشير مراقبون إلى نقطة أساسيّة، وهي أنّ إسرائيل تمرّ بأزمة سياسيّة كبيرة، حالت دون تشكيل حكومة، وحلّ “الكنيست” بانتظار الدعوة لانتخابات تشريعيّة، وتعيين رئيس وزراء لتصريف الاعمال. فرغم تصعيد الجانب الاسرائيلي أكثر من مرّة، وتهديده بالردّ القويّ على “حزب الله”، ولبنان، يعتبر المراقبون أنّ هذه الخطوة غير دقيقة حالياً. فالعدّو منشغل بتنظيم سياسته الداخليّة. ومن ناحيّة أخرى، تبقى جبهة قطاع غزة قابلة للانفجار في أي لحظة. فهناك تخوّفٌ إسرائيليٌ من إشتعال كافة الجبهات من حوله، في ظلّ غياب القرار السياسيّ، وعدم قدرة جيشه على مجاراة الوضع في غزة وفي جنوب لبنان في الوقت عينه، إنّ تطوّر إلى تصعيد عسكريٍّ.
ويرى مراقبون أن زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال الاسرائيليّة يائير لابيد لفرنسا، كانت ملفتة. وتناول مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، موضوع الحدود البحريّة. ويقول المراقبون إنّ إسرائيل لجأت الى تهديد “حزب الله” من باريس في الشكل، لكنها، أرادت أن يتدخّل ماكرون في تهدئة الامور، كي لا تتطوّر إلى عمل عسكريّ. ففرنسا لاعب أوروبيّ أساسيّ في الساحة اللبنانيّة. وقد أكّد سيّد الاليزيه أمام ضيفه الاسرائيليّ على أنّ الاستقرار في لبنان محوريّ لفرنسا. فوجّه رسالة له أنّه لا يوافق على أي تصعيد من الجانب الاسرائيليّ، من شأنه أنّ يزعزع الوضع الامنيّ في لبنان، على الرغم من المصالح المشتركة التي تجمع باريس وتل أبيب، وخصوصاً في الاتّفاق النوويّ الايرانيّ.
كذلك، يوضح مراقبون أنّ إسرائيل تُركّز على إنجاح المفاوضات البحريّة، لتفتح سوقاً نفطيّاً جديداً على أوروبا، وخصوصاً بعد الحرب الاوكرانيّة – الروسيّة، ورغبة الدول الاوروبيّة بإيجاد مصّدرٍ جديدٍ للغاز، بديل عن روسيا، لسدّ حاجاتها الاستهلاكيّة الكبيرة. فوجدت تل أبيب من خلال الوصول لاتّفاق مع لبنان، وإستقدام سفن للتنقيب عن الغاز في “كاريش”، وسيلة للتسريع في المفاوضات، التي قد تنتهي قريباً. لذا، بالنسبة إليها، فإنّ الشقّ الاقتصاديّ، أهمّ من تفلّت الاوضاع في المنطقة إلى مواجهة عسكريّة، نتائجها غير معروفة.
في المحصّلة، يتّضح أنّ “حزب الله” برز كرابحٍ بعد إطلاقه المسيّرات. على الصعيد السياسيّ، وصلت رسالته إلى المعنيين أنّه يُعارض ما يقوم به هوكشتاين، وهو قادرٌ أنّ يُفرمل المحادثات غير المباشرة ساعة ما يشاء، من خلال التصعيد العسكريّ. أمّا ميدانيّاً، فأثبت أنّه عزّز قدراته الحربيّة، من الصواريخ المضادة للسفن والمسيّرات. وأصبحت إسرائيل تُدرك أنّ أي خروج عن المفاوضات ومطالب لبنان، وإطلاق أعمال إستخراج الغاز، سيكون لها أثماناً باهظة عليها، أكثر من حرب تموز 2006.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook