آخر الأخبارأخبار محلية

السجالات تتصاعد.. هل يريد “الوطني الحر” تأليف حكومة؟!

رغم مرور نحو أسبوع على تقديم رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي الصيغة الحكومية التي يراها “مناسبة”، وإبدائه كلّ “الانفتاح” على مناقشتها مع رئيس الجمهورية ميشال عون وإدخال بعض التعديلات “المعقولة” عليها إن لزم الأمر، يبدو أنّ البلاد دخلت عمليًا “أزمة تأليف” حقيقية، يغذّيها “التيار الوطني الحر” ببيانات ومواقف تبدو “شعبوية” في الظاهر، لكنّها تضع البلاد مرّة أخرى في الباطن، “أسيرة” بعض الشروط والمطالب.

 

في جديد “التيار”، الذي سبق أن أعلن “تعفّفه” عن المشاركة في الحكومة، قبل أن “ينقلب” على إعلانه، عبر التمسّك بحصص من هنا ووزراء من هناك، والذي لم يتوانَ عن إبلاغ المعنيين سلفًا أنّه لن يمنح الحكومة الثقة في نهاية المطاف، بيان صوّب فيه بشدّة على الرئيس المكلف، ليخلص إلى دعوته إلى “الخروج من قرار عدم التأليف وتشكيل حكومة بحسب الأصول والدستور”، وفق تعبير “التيار”.

 

وفي حين بدا كلام “التيار” هذا مستغربًا وبعيدًا عن الواقع، باعتبار أنّ الرئيس المكلَّف هو من سارع إلى تقديم تشكيلة حكومية في وقت قياسيّ، ومن اختار الانطلاق من “تركيبة” الحكومة الحاليّة منعًا لهدر الوقت، فإنّ تساؤلات تُطرَح في الاتجاه المضاد، عمّا إذا كان “التيار” الذي يضع العصيّ في الدواليب، هو من لا يرغب بتشكيل حكومة “أصيلة” جديدة، ربما لغاية في نفس يعقوب، وفق ما يقول البعض.

 

“عقدة العقد”

 

تحت عنوان “وحدة المعايير”، التي يستعيدها “التيار” كلما أراد افتعال “عقدة”، يعترض “العونيون” عبر مصادرهم وقياديّيهم على التشكيلة التي قدّمها الرئيس المكلَّف، ولكن بشكل رئيسي على “انتزاع” حقيبة الطاقة منهم، متناسين وفق ما يقول خصومهم إنّ “المعيار” الأول يجب أن يكون “الأداء” الذي قدّموه في وزارة احتكروها لمدّة 17 عامًا، فكانت النتيجة تدهورًا غير مسبوق في قطاع الكهرباء وتعطيلاً لكلّ خطط الإنقاذ، خلافًا لكلّ الوعود.

 

هكذا، عادت وزارة الطاقة، كما في كلّ مرّة لتشكّل “عقدة العقد”، فـ”التيار الوطني الحر” متمسّك بها، لاستكمال ما بدأه ربما، أو لإخفاء ما يمكن إخفاؤه، وفق ما يقول خصومه، وإن حاول “تليين” موقفه بالقول إنّه مستعدّ للتخلّي عنها، مشترطًا لذلك الحصول على حقيبة الماليّة، وهو العالم بـ”استحالة” ذلك، في ظلّ إصرار الثنائي الشيعي عليها، من باب “التوقيع الثالث”، وعدم القدرة على خوض “معركتها” في الوقت الضيّق المُتاح في الظرف الراهن.

 

يعتبر “العونيون” أنّ ما ينطبق على “المالية” يجب أن يسري على “الطاقة”، ويسألون لماذا يتمّ تكريس الأولى لحركة “أمل”، مع تغيير اسم الوزير بناءً على “تسمية” رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حين تُنتزَع حقيبة الطاقة منهم، ولا يقدَّم لهم بديل، ولا يتمّ التشاور معهم حول ذلك من الأساس، علمًا أنّهم ألمحوا مرارًا وتكرارًا بأنّهم لا يريدون التمثّل في الحكومة، فإذا بهم يفرضون الشروط والشروط المضادة، على حكومة يقولون إنّهم لن يمنحوها ثقتهم.

 

ما المصلحة؟!

 

يثير التمسّك بـ”عقدة الطاقة”، معطوفًا على عودة الحديث عن “الشراكة الدستورية”، التي يؤكّد المحسوبون على الرئيس المكلّف، أنه يحترمها، بدليل “انفتاحه” على رئيس الجمهورية، وحفاظه على “التواصل” معه، العديد من الأسئلة عن فحوى موقف “التيار الوطني الحر” الحقيقي، وما إذا كان يريد عمليًا تأليف حكومة، خصوصًا أنّ الحكومة العتيدة هي التي ستستلم صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال حصول الفراغ الرئاسي الذي “يبشّر” به كثيرون.

 

يقول المحسوبون على “التيار” إنّ الأخير يريد بطبيعة الحال ولادة حكومة أصيلة قبل انتهاء “العهد”، تحسّبًا لاحتمال الفراغ في رئاسة الجمهورية، لكنّهم يعتبرون أنّ هذه الحكومة بوصفها “آخر حكومات العهد”، يجب أن تكون “كاملة المواصفات” فعلاً، وتنطبق عليها “المعايير” التي تمسّك بها “التيار الوطني الحر” طيلة السنوات الفائتة، وهو لن يقبل ما يصفه بـ”استضعافه” اليوم، عبر استغلال ذلك من أجل “فرض الشروط” عليه، وجرّه لتقديم “تنازلات”.

 

لكنّ هذا الموقف يبدو “شعبويًا” أكثر منه حقيقيًا بالنسبة إلى خصوم “التيار”، الذين يتحدّثون عن “ازدواجية” لديه، فهو لم يسمّ الرئيس المكلف، ويبشّره بأنّه لن يعطي الثقة لحكومته، التي يرفض المشاركة فيها، لكنّه يريد في الوقت نفسه فرض الحصص والوزراء فيها، ما يدفع هؤلاء إلى التساؤل عن وجود “قطبة مخفية”، قد تكمن في “الاجتهادات الدستورية” التي عادت لتطفو إلى السطح في الساعات الأخيرة، حول مدى “جواز” استلام حكومة مستقيلة صلاحيات الرئيس.

 

بالنسبة إلى كثيرين، قد لا يكون “بريئًا” الحديث المتجدّد عن “دستورية” استلام حكومة تصريف أعمال لصلاحيات رئيس الجمهورية في حال عدم انتخاب خلف له خلال المدّة الدستورية. يخشى هؤلاء أن يكون قرار “التيار” بعدم تأليف حكومة، ورمي الكرة في ملعب الآخرين، وهو ما يترجمه بأدائه ومواقفه، مرتبطًا بمثل هذه الاجتهادات، التي قد تتيح له “مَخرَجًا للتمديد” سبق للرئيس أن نفاه جملة وتفصيلاً! 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى