ميقاتي “المستعجل الوحيد”.. ولماذا يُعرقل الآخرون؟
يعرف الذين لم يتعلّموا من تجارب الماضي شيئًا أن ما قام به الرئيس المكّلف نجيب ميقاتي عندما سارع في تقديم التشكيلة الحكومية الممكنة لمثل هذا الظرف هو عين الصواب. ولكن عنجهيتهم حالت دون تمكّنهم من رؤية الحقائق كما هي.
فعلى رغم تجاوب الرئيس نجيب ميقاتي مع رغبة رئيس الجمهورية في إدخال بعض التعديلات على مسودّة تشكيلته الحكومية، بحيث يطال التغيير إسمًا أو إسمين، إستمّر البعض في ممارسة سياسة “قول شيء وفعل عكسه”، من خلال تسريبات غير بريئة لن تسهّل عملية تأليف حكومة لن يتعدّى عمرها الثلاثة أشهر في أفضل الأحوال.
من خلال الدينامية التصاعدية التي تلت الإستشارات النيابية غير الملزمة يتبيّن للمراقب أن الرئيس ميقاتي هو الوحيد المستعجل على تأليف”حكومة الممكن”، أو “حكومة المهام الإستثنائية”. أمّا الآخرون فلا يزالون يناورون وكأنهم في البدايات، أو كأن القديم باقٍ إلى ما لا نهاية. وهذا الأمر يتعارض بطبيعة الحال مع أبسط قواعد الطبيعة القائمة على التجدّد الدائم.
فالإجتهادات القانونية والدستورية كثيرة في هذا المجال، وهي تستند في حيثياتها الأولية على مبدأ La raison d’État، التي إعتمد عليها المشرّعون الكبار في العالم لتبرير ما يمكن إتخاذه من إجراءات إستثنائية غير منصوص عنها صراحة في القوانين والدساتير.
المنطق يقول أن الرئيس ميقاتي هو الوحيد الذي يجب ألا يكون مستعجلًا على التأليف، أو بتعبير آخر يُفترض أن يكون أقّل من غيره إستعجالًا، لأنه وعلى رغم كل العراقيل والصعوبات لا يزال يقوم بدوره الوطني وفق ما يمليه عليه ضميره، وهو مستمر في القيام بأقصى ما يمكن القيام به للحؤول دون المزيد من التدهور.
فبعدما عجّل في اقرار خطة التعافي الاقتصادي والمالي، يعمد اليوم الى ادخال تعديلات بعد المراجعات الدورية مع صندوق النقد الدولي، وهي تنسجم مع ما اسفرت عنه المناقشات في جلسة لجنة المال والموازنة، بحيث يمكن القول أن المعنيين بهذه الخطة يعملون على إعادة رسم بنودها من جديد على أسس متوافق عليها، خصوصًا في ما يتعلق بحقوق المودعين وضرورة المحافظة عليها.
فالتفاوض مع صندوق النقد الدولي بالنسبة إلى الرئيس ميقاتي أولوية مطلقة، لأنه يؤمن إيمانًا ثابتًا بأن التوصّل إلى إتفاق نهائي، بعد الإتفاق المبدئي، هو السبيل الوحيد لبداية سليمة لخطّة النهوض، ولإنتشال لبنان من هوّة أزماته الكثيرة، وهو بالتالي يشكّل المدخل الالزامي لتشجيع عودة الإستثمارات الخارجية الداخلية في مشاريع تنموية أساسية.
فمحاولات تطويق مساعي الرئيس ميقاتي لن تثبط من عزيمته، وهو المستند إلى ما إيمانه بأن الخلاص، وإن كان صعبًا، لا يزال ممكنًا.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook