هذا هو مَن يسيىء إلى رئيس الجمهورية؟
هذه الإساءة للعهد ولرئيسه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة على رغم أن الأيام المتبقية منه قليلة.
ونُسأل: كيف يمكن أن يكون المسرّبون قد اساءوا إلى رئيس الجمهورية وهم ممن يفترض انهم من “أهل البيت” ؟
الجواب هو في غاية البساطة، كان هدفهم الرئيس نجيب ميقاتي، لكن حقدهم أصاب الرئيس ميشال عون.
فالرئيس ميقاتي قام بما يمليه عليه ضميره الوطني وأدّى واجبه الدستوري بما إرتأه مناسبًا مع الظروف القاسية، وفي أسرع ما يمكن حيث لم يكن أحد يتوقّع منه هذه السرعة. فالوقت ثمين. وكل يوم تأخير في عدم التوصل إلى صيغة حكومية سريعًا يكبّد الخزينة خسارة تُقدّر بـ 25 مليون دولار. وهذا ما لا يمكن القبول به في بلد ينهار شيئًا فشيئًا وفي شكل تدريجي.
فبعدما قدّم تصورّه الحكومي إستنادًا إلى ما خبره من أداء الوزراء، الذين نجحوا إلى حدود ما سمحت به ظروف البلاد غير الطبيعية، أصبح هذا التصّور في عهدة رئيس الجمهورية.
بطبيعة الحال، فقد أطلع الرئيس عون معاونيه ومستشاريه على الصيغة التي إقترحها الرئيس المكّلف كما ينص عليه الدستور. ولكن “بعض” هؤلاء المستشارين والمحسوبين أكثر على غير الرئيس لم تعجبهم التشكيلة، وقرروا تسريب هذه المسودّة، بقصد التشويش على ما يمكن أن يستجدّ من إيجابيات في المناقشات الثنائية بين الرئيسين عون وميقاتي.
وبذلك أساء هؤلاء المسرّبون، ومن حيث لا يدرون أو يقصدون، إلى مقام رئاسة الجمهورية أولًا، وإلى إمكانية التفاهم بين الرئيسين حول تشكيلة متقاربة في النظرة والأهداف ثانيًا.
حجّة الذين سرّبوا التشكيلة إلى الإعلام، وهي حجة لا “تقلي عجّة” بطبيعة الحال، أن الرئيس المكّلف الذي سارع في تقديم تصورّه إنما تقصدّ من خلاله عدم التوصّل إلى نتيجة عملية يعرف مسبقًا أن رئيس الجمهورية سيرفضها “لما فيها من إستفزاز واضح لفريق سياسي معيّن، خصوصًا في حقيبتي الطاقة والإقتصاد والتجارة”.
عندما أراد الرئيس ميقاتي تقديم هكذا صيغة إنما أراد أن يأكل عنبًا، من دون أن يقصد بذلك إستهداف الناطور.
لكن عندما يكون أداء هذا الناطور مغايرًا لكل الأعراف ومعاكسًا لسير الأمور في شكلها الطبيعي يصبح تغيير الناطور جزءًا متكاملًا من خطّة النهوض، التي أول ما تستلزمه إنسجامًا بين أعضاء الحكومة المقترحة، من حيث التضامن الكلي في ما بينهم، والعمل معًا وفق خطّة محدّدة الأهداف في مرحلة حرجة، بحيث تأتي قرارتها متكاملة مع ما تقتضيه مصلحة المواطن في الدرجة الأولى.
فالمسرّبون أخطأوا مرّة جديدة في التقدير، خصوصًا أن أجواء الرئيس المكّلف توحي بأن التفاهم مع رئيس الجمهورية لا يحتاج إلى الكثير من الوقت والأخذ والعطاء، لأن الرجلين مقتنعان بأن الوقت لا يعمل لصالح لبنان.
نصيحة إلى هؤلاء إذا كانت تفيد معهم: خيطّوا بغير مسلّة ضرب العلاقة الجيدة القائمة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف. تنظيف المنزل الداخلي الرئاسي من “الطارئين والطفيليين” بات أكثر من ضرورة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook