آخر الأخبارأخبار محلية

دولرة القطاعات الإقتصادية.. والفوضى المرتقبة

 يبدو ان الدولرة ستجتاج الأسواق والقطاعات الأساسية في البلد، وليس بعيدا أن تصل السوبرماركت إلى تسعير بضاعتها من مواد غذائية وغيرها بالدولار اذا استمر الواقع على ما هو عليه. فقطاع المحروقات إلى الدولرة والافران قد تلي المحطات والحبل على الجرار. وكان قد سبق ذلك تطبيق المؤسسات السياحية  التسعير بالدولار ربطا بتعميم وزير السياحة وليد نصار خاصة وأن فصل الصيف سيكون واعدًا  من الناحية السياحيّة وعدد الوافدين سيكون كبيرًا من دون أن تفرز الوزارة مراقبين أو ما يعرف بالشرطة السياح لمراقبة المطاعم والمقاهي والملاهي التي  تضع سعر الصرف الملاءم لها وعلى الزوار الالتزام عندما تحين ساعة دفع الفاتورة.

لقد اصبحت دولرة القطاعات واقعًا لا يُمكن تجاهله مع رفع ما يسمّى بالدعم من قبل مصرف لبنان. هذا الدعم بحسب الخبراء ما هو إلا تأمين الدولارات من قبل المركزي للتجار بأسعار أقلّ من سعر السوق السوداء، وبالتالي فإن رفع الدعم يعني  وقف إعطاء الدولارات من قبل مصرف لبنان للتجار.
في ظل الفوضى التي تُرافق عملية الدولرة ، يجد المواطن نفسه ضحية جشع التجار والخلّل الفاضح في الرقابة وهو ما يعني خسارة إضافية على المواطن الذي تآكلت قدرته الشرائية بفعل الإرتفاع الصاروخي للدولار في مقابل الليرة في السوق الموازية.

بعض المعنيين يبررون اهمية الدولرة لكونها تصب في مصلحة المواطن من ناحية أن السعر المعلن بالدولار الأميركي (وهو أمر مُخالف للقانون) يتمّ تحويله على السعر القائم في السوق الموازية من خلال التطبيقات والتي لا تعطي سعرًا موحدًا. لكن  المشكلة تكمن في ان المواطن الذي لا يمتلك دولارات ويريد دفع الثمن بالليرة اللبنانية يقع ضحية  جشع التجار الذين يستحصلون منه، على سعر مُرتفع أعلى من السوق الموازية. وإذا كان الدفع بالدولار، فإن التاجر يقوم برد  المبلغ المتبقي لصاحبه بالليرة اللبنانية وفق سعر أدنى من سعر السوق الموازية.

في أحد المراكز التجارية على نهر الموت، يتواجد شخصان بشكل شبه دائم في طوابق المركز لخدمة الزبائن، وتحت جسر الكولا،هناك العديد من حاملي الشنط يعرضون خدماتهم على المواطنين وفي الضاحية الجنوبية وتحديدا في منطقة الصفير يتكرر المشهد ، وكل ذلك تحت أنظار الأجهزة الرقابية والأمنية.

يقول الباحث الإقتصادي وأستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة، ل “لبنان24” أن “عملية دولرة الإقتصاد ناتجة بالدرجة الأولى عن الهيكلية الإستيرادية للإقتصاد. وإذا كان المصرف المركزي قد إستنزف جزءًا كبيرًا من إحتياطاته لهذا الدعم، إلا أن الفساد الذي يشكلّ الصيارفة والتجار أعمدته الأساسية هو الذي جعل تداعياته كارثية على المواطن”. ويُضيف “لا يُمكن السيطرة على سعر صرف الدولار في مقابل الليرة اللبنانية من دون إجراءات على المدى القصير وعلى المدى المتوسط إلى البعيد. فعلى المدى القصير هناك حاجة لإقرار قانون الكابيتال كونترول وتشديد الرقابة على الإٍستيراد وعلى التهريب وذلك بهدف التقليل من إستنزاف الكتلة النقدية بالدولار. أما على المدى المتوسط إلى البعيد، فهناك حاجة إلى عملية تحفيز للإقتصاد من خلال الإستثمارات بالإضافة إلى لجم العجز في المالية العامة وإجراء إصلاحات أساسية في القطاعات الإقتصادية. إلا أن هذا لم يحصل ولا تُشير المُعطيات إلى أنه سيحصل في المدى القريب”.

وعن المرحلة المقبلة مع ازدياد الدولرة واقترابها من مستويات المئة في المئة يقول عجاقة “إنها الفوضى بكل ما للكلمة من معنى. هناك شبه إستحالة للسيطرة على الدولار حتى ولو رغبت الحكومة بذلك نظرًا إلى حجم وعمق تفشي الفساد في المجتمع ، وبالتالي لا أحد يعلم كيفية استعادة الحكومة  السيطرة على الوضع. ناهيك عن الصعوبة في الإستحصال على نتائج فورية في حال تمّ أخذ القرارات الصائبة والسبب يعود إلى الإنيرثيا  (Inertia)للماكينة الإقتصادية التي يتطلب توجيهها  وقتًا لا يمتلكه الشعب اللبناني”.

إذن، البلد يتجه إلى مرحلة من الغموض، ولا خلاص له من هذا الغموض إلا بتشكيل حكومة سريعًا بعيدا عن شروط  القوى السياسية علّ الإتفاق مع صندوق النقد الدولي يُشكّل باب خلاص للأزمة.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى