آخر الأخبارأخبار محلية

التكليف والتشكيل… لماذا لا يحدد الدستور مهلة زمنية لهما؟

اعتاد المواطن اللبناني ان يعدّ ساعاته ويمرر ايامه وفقا لمبدأ “الوقت الضائع”، فالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة خففت من قدرة الوطن والمواطن على الانتاج والنجاح والابداع والاستثمار وتحقيق الأحلام والطموحات.

ومن الأوقات الضائعة التي أضيفت الى الروزنامة اللبنانية، نذكر الأيام والاسابيع التي توضع البلاد فيها في مرحلة انتظار رئيس الجمهورية حتى يقوم بدعوة النواب الى استشارات نيابية ملزمة، كما نذكر الأشهر التي تجمّد فيها البلاد بانتظار ان تخرج التشكيلة الحكومية من عنق زجاجة المشهد اللبناني المتخبط.
لذلك، أصبح السؤال مشروعا عن السبب الذي جعل المهل الزمنية الخاصة بالتكليف والتشكيل مفتوحة وغير محددة.

في هذا الاطار، تحدث الأستاذ المحاضر في القانون في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتور رزق زغيب لـ”لبنان 24″ مؤكدا انه “منذ العام 1926 اي عند وضع الدستور اللبناني، أشار النص الدستوري الى ان رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويعيّن من بينهم رئيسا ويقيلهم، لكن الممارسة ومنذ تشكيل الحكومة اللبنانية الأولى جاءت غير مطابقة ومخالفة للنص الدستوري المذكور، فنشأ عرف مخالف للنص قوامه استدعاء رئيس الجمهورية للنواب واستشارتهم وأخذ رأيهم بمن يرونه مناسبا ان يكون رئيسا للحكومة ومشكلا لها بالتعاون معه.
اذا، هذه الممارسة بدأت في العام 1926، لكن في حينها لم تكن الاستشارات النيابية ملزمة، اذ ان رئيس الجمهورية يجريها بناء على رغبة منه وقد يأخذ بنتائجها او لا يأخذ فيها، وفي غالبية الاستشارات قبل الطائف ونظرا للهيبة التي تمتع بهما رئيس الجمهورية، كان معظم النواب يطلبون منه تسمية رئيس الحكومة وفقا للتطلعات التي يراها مناسبة.

مع اتفاق الطائف في العام 1989، كانت هناك عدة طروحات وافكار لتعزيز موقع رئاسة الحكومة ودور رئيسها، لذلك حوّلوا العرف السائد ما قبل الطائف الى نص دستوري، اي انه تم تحويل الاستشارات التي يجريها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس للحكومة من غير ملزمة الى ملزمة وتم تدوينها في الدستور، والمقصود بعبارة ملزمة انه لا يمكن تسمية رئيس للحكومة دون استشارة النواب كما انه لا يمكن الخروج عن الاسم الذي يسميه العدد الأكبر من النواب. (اجراء الاستشارات الزامي ونتائجها ملزمة أيضا)”.
وأضاف زغيب “لم يقم المشترع بوضع مهلة زمنية محددة لرئيس الجمهورية حتى يدعو الى الاستشارات النيابية الملزمة، اذ انه بمجرد اعتبار الحكومة مستقيلة سيقوم الرئيس باختيار الوقت المناسب لتوجيه الدعوة الى النواب، وهنا يظهر المشترع حرصه على ترك هامش من الحرية لرئيس الجمهورية حتى يتمكن من تقدير الظرف واختيار الوقت المناسب.
لكن ووفقا للتجربة لا يمكن لرئيس الجمهورية ان يأخذ مهلة لا نهاية لها او طويلة الامد قبل ان يقوم بالدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة،وقد يكون الرئيس ميشال عون هو الرئيس الوحيد الذي تمهّل 50 يوما قبل الدعوة للاسشارات وذلك بعد استقالة الرئيس سعد الحريري اثر اندلاع (ثورة 17 اشرين)، ويذكر ان هذه الاستشارات افضت الى تسمية الرئيس حسان دياب لتشكيل الحكومة”.
ورأى الدكتور زغيب انه “وفقا للطائف، وبعد اجراء رئيس الجمهورية للاستشارات النيابية الملزمة وبعد الاخذ بنتائجها، يدعو من سماه النواب لتشكيل الحكومة.
في هذا الاطار، لا بد من الذكر ان النص الأساسي للطائف، اورد المشرع فيه مدة زمنية تتراوح بين شهر وشهرين يجب خلالها على الرئيس المكلف تشكيل حكومته، لكن هذه المادة سرعان ما تغيّرت او بالاحرى الغيت بعد ان اعترض عليها الرئيس صائب سلام، معتبرا انها تشكل نقطة ضعف بالنسبة لموقع رئاسة الحكومة، اذ ان وضع مهلة زمنية لتشكيل الحكومة قد يمكّن رئيس الجمهورية وبحال عدم رضاه عن الرئيس او تشكيلته من الاطاحة به وبالحكومة.
وبناء عليه، لا يحدد الطائف مدة زمنية يتوجب على الرئيس المكلف تشكيل حكومته خلالها، لكن في العلم القانوني هناك مبدأ دستوري عام يقول بأهمية وضرورة استمرار السلطة، وبالتالي وعلى الرغم من غياب نص دستوري يحدد المهلة الواجب تشكيل الحكومة خلالها، لا يجوز ان تتخطى فترة التشكيل المدة المعقولة والممكنة وفقا للأوضاع العامة والظروف التي تعيشها البلاد”.
اذا، وفي ظل غياب مادة دستورية تحتم على رئيس الجمهورية الدعوة الى استشارات نيابية ملزمة خلال مهلة محددة، وفي ظل عدم تحديد مدة زمنية يقوم خلالها رئيس الحكومة المكلف تشكيل حكومته، يبقى التعويل على احترام الرؤساء للمبادىء القانونية العامة التي تؤكد اهمية استمرار عجلة السلطة وتقديرهم بصفتهم رجال دولة المصلحة العامة للبلاد والعباد لاسيما في الفترات التي تكثر فيها الأزمات والمشكلات.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى