فيديو اعتداء على نساء في مطعم يحيي النقاش حول العنف الممارس على المرأة

نشرت في: 15/06/2022 – 19:02آخر تحديث: 17/06/2022 – 15:04

تم تصوير المشهد بكاميراتي مراقبة واحدة موجودة داخل المطعم وأخرى في ساحته الأمامية. قد يكون المشهد صادما للبعض لذلك قرر فريق التحرير الاكتفاء بنشر صورة ملتقطة منه.

_{صورة ملتقطة من الشاشة لمقطع الفيديو وتظهر فيه امرأة ترتدي الأبيض تحاول مع أصدقائها دفع الرجل الذي يرتدي سترة خضراء اللون. صورة مراقبون فرانس24.}

 

 _{مشهد آخر للحادثة وهذه المرة خارج المطعم، وتساعد امرأة أخرى عندما كانت مطروحة أرضا لكن الرجل الذي يرتدي قميصا أبيض يتوجه نحوها ويقوم بضربها من جديد. صورة مراقبون فرانس24.}

 

ونرى في مقطع الفيديو رجلا يرتدي سترة خضراء يلمس ظهر امرأة ترتدي لباسا أبيض وكانت بصدد تناول الطعام مع صديقتيها. ويدفع هذا الرجل المرأة مرتين بيده قبل أن يسدد لها لكمة على وجهها. ومن ثم يتصاعد العنف في المكان حيث تحاول المرأة التي ترتدي اللون الأبيض الدفاع عن نفسها بإلقاء قوارير على وجه الرجل. وهنا، التحق عدة رجال بالرجل وقاموا بضرب المرأتين حيث ضربت إحداهن بكرسي فيما تم جر الثانية من شعرها إلى خارج المطعم وتم ركلها بالأقدام.

وصورت كاميرا مراقبة ثانية الجزء الثاني من الحادثة خارج المطعم. وعند وجودهم في ساحة المطعم، واصل الرجال الاعتداء على المرأة حيث تم لكمها وركلها بالأقدام. وطيلة هذا المشهد، تعرضت كل النساء اللاتي حاولن فض الاشتباك إلى العنف. حيث تم الرمي بإحداهن على سلم أمام المطعم.

وقد تم توقيف تسعة رجال تورطوا في هذا الاعتداء في 13 حزيران/ يوينو حسب تأكيد وسيلة الإعلام الناطقة بالإنكليزية “غلوبال تايم” التي أوضحت أنه تم نقل ضحيتين من النساء إلى المستشفى لكن حالتهما كانت مستقرة. وفي وسائل الإعلام الصينية على الإنترنت، فإن الموضوع مرتبط خصوصا بتصفية حسابات بين عصابات تهز أمن مدينة تانغشان.

ولكن على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، أحيا مقطع الفيديو الجدل حول العنف المسلط على المرأة في الصين.

وعلى موقع التواصل الاجتماعي ويبو (المعادل لتويتر في الصين)، حصد الوسم المتعلق بفيديو الاعتداء على السيدتين مئات الملايين من المشاهدات في نهاية أسبوع يومي 11 و12 حزيران/ يونيو.

وبالنسبة إلى عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذه الصور تكشف قبل كلي شيء عن أن العنف القائم على النوع الاجتماعي مازال منتشرا بكثرة في البر الصيني. ويقول أحدهم في تعليق نال إعجابا كبيرا في الصين “المشكلة الأساسية في هذا الحدث هو الوضع الاجتماعي للنساء في الصين” وقد حصد هذا التعليق أكثر من 146 ألف علامة إعجاب.

تضامن واسع على الإنترنت

ورأى عدد كبير من النساء أنفسهن في مقطع الفيديو الذي يظهر الاعتداء على سيدتين وعبرن عن تضامنهن معهما عبر منصة ويبو.

منشور تجدون ترجمته أعلاه وقد حصد 146 علامة إعجاب. صورة من موقع ويبو.

 

لم يكن الأمر يتعلق سوى بصديقات التقين بمطعم بعد نهاية يوم عمل لكنهن تعرضن للعنف الشديد لرفضهن الدخول في محادثة. إذا لم نقل شيئا اليوم، نعلم جيدا من سيكون الضحية المقبلة.

تعليقات نشرت على منصة ويبو كرد فعل على المقطع المصور الذي يظهر الاعتداء على السيدتين وقد تم إرفاق التعليق بوسم “فيدرالية نساء تانغشان ترد الفعل على الاعتداء الذي حصل في مطعم شواء” وتجدون ترجمة التعليق الأول والثاني في أسفل الصورة. صورة من موقع ويبو.

“أحب أكل الشواء في المطعم وهو ما يعني أنه كان من الممكن أن أكون الضحية. أحب حضور حفلة مع أصدقائي وهو ما يعني أنه كان من الممكن أن أكون الضحية. إذا ما تعرضت للتحرش وقاومت يمكن أن يكون مصيري مثلهن. لا أملك وسائل للدفاع عن نفسي وهو ما يعني أنه كان من الممكن أن أكون الضحية.”

“المشكلة الرئيسية في هذا الحادث هو الوضع الاجتماعي للنساء في الصين”

فيما لام معلقون آخرون بعض الأشخاص على سلبيتهم وعدم تدخلهم لردع الاعتداء على النساء وهم متواجدون في المكان نفسه. حيث يقول أحدهم “لم يحرك أي رجل قيد أنملة لمساعدة الفتيات” فيما نقرأ في تعليق آخر “لماذا لم يقم أي شخص بالاتصال بالشرطة”.

وعلى منصة ويبو، حاول مستخدمون العثور على مبررات واهية للمعتدين حيث قالوا على سبيل المثال إن الرجال كانوا في حالة سكر مطبق أو أن النساء المعتدى عليهن هن من بدأن بالضرب. وقد عبر عدد كبير من النساء عن غضبهن ونددن بمثل هذه التبريرات. إذ قارنت إحدى المعلقات هؤلاء من الذين يتبنون مثل هذا الخطاب بالرجال الذين اكتفوا بالفرجة والذين ظهروا في مقطع الفيديو.

 حصد هذا المنشور أكثر من 60 ألف علامة إعجاب. وتجدون ترجمته أسفله. صورة من موقع ويبو.

قضيت ليلة كاملة لتصفح التعليقات على ويبو ولم أجد رجلا واحدا يعبر عن الشعور بالأسف لا بل أن بعضهم حاول اتخاذ موقف غريب بتقديم نصيحة للنساء بعدم الرد في حالة تعرضهن لاعتداء.

فهمت حينها لماذا بقي عشرات الرجال الذين كانوا موجودين في المطعم دون حراك واكتفوا بمشاهدة الحادث دون إغاثة عدة فتيات بصدد التعرض لضرب مبرح. وقد كان لهم نفس طريقة تفكير البعض ممن يروجون لنفس الخطاب على الإنترنت.

هل جمعت حفلة الشواء الصغيرة هذه رجالا من أسوأ رجال البلاد وأكثرهم لا مبالاة؟ لا بل يتعلق الأمر بعينة صغيرة من ثقافة ذكورية وأبوية سائدة في المجتمع…

وقد ندد عن كبير من متصفحي وسائل التواصل الاجتماعي بهذا المشهد، مثل هذه السيدة التي تحدثت عن مشكلة عميقة جدا في المجتمع قائلة على منصة ويبو:

لماذا تعلمون الفتيات حماية أنفسهن؟ يجب بالأحرى على هذا المجتمع أن يعلم الرجال كيفية احترام المرأة.

وفي الأيام التي تلت هذه الحادثة، تواترت دعوات احترام النساء على موقع ويبو. ولكن بموازاة ذلك، دعا عدة مستخدمين إلى تفادي قراءة نسوية لهذا الحدث معتبرين أن مثل هذه الحوادث يمكن أن تحدث بين “الرجال والنساء على حد السواء” وطالبوا بتجنب اعتبار ذلك “صراعا بين الجنسين”. وتناول هذا النوع من التعليقات بالخصوص مسألة وجود العصابات المنظمة التي يبدو أنها تحظى بمعاملة تمييزية من قبل السلطات المحلية.

النقاش المعقد بشأن العنف المسلط على النساء

ومنذ وقت طويل، يعتبر موضوع العنف المسلط على النساء محل جدل بشكل دوري في الصين. وفي شهر كانون الثاني/ يناير 2022، كان ما حدث لامرأة تعرضت للتقييد بالسلاسل من قبل زوجها سببا في ضجة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين ودفع رئيس الوزراء لي كيبيانغ إلى تقديم التزام بوضع حد للإتجار بالنساء والأطفال في البلاد.

لكن النقاش بشأن العنف المسلط على النساء ما زال يعاني من سياسة الحجب. حيث يتم حجب عدد كبير من الوسوم المرتبطة بالنسوة على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية. فيما اتهمت بعض النساء رجالا من أصحاب النفوذ السياسي بممارسة العنف الجنسي بحقهن لكنهن أجبرن على  الصمت. وفي إطار النقاش الذي تبع مقطع الفيديو الذي يظهر الاعتداء على السيدات في مطعم الشواء، أعلن موقع ويبو أنه قام بحذف نحو ألف حساب بسبب تغذية الحرب بين الجنسين حسب مقال في صحيفة نيو يورك تايمز الأمريكية. 

في شهر شباط/ فبراير الماضي، أصبح من المستحيل الحديث عن بينغ شواي، لاعبة كرة المضرب الصينية التي وجهت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 اتهامات لنائب رئيس الوزراء السابق زهانغ غاولي باغتصابها. حتى أنها اختفت تماما من الفضاء العام بعد ما قالته في مقطع فيديو نشر على ويبو قبل أن تظهر للعلن من جديد نافية أن وجهت مثل هذه الاتهامات للمسؤول الصيني الرفيع السابق.