هل تشكل استقالة كتلة النواب الصدريين تحديا خطيرا لنظام ما بعد صدام حسين؟
نشرت في: 16/06/2022 – 16:04
زادت استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي الأحد من تعقيد الوضع السياسي في البلاد، بعد ثمانية أشهر على انتخابات تشريعية أجريت في أعقاب مظاهرات غير مسبوقة هزت البلاد، للمطالبة بإصلاحات جدية. وفي ظل هذا الوضع السياسي الجديد، تطرح تساؤلات كثيرة حول السيناريوهات الممكنة مع هذا التحول المفاجئ في المشهد البرلماني والسياسي العراقي، ما قد يشكل تحديا خطيرا لنظام ما بعد صدام حسين.
لم تفلح القوى العراقية في الخروج من أزمة سياسية صعبة، دخلتها البلاد منذ مرور ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية، بل زادت استفحالا وغموضا مع الاستقالة الجماعية لنواب الكتلة الصدرية من البرلمان، بطلب من زعيمها السياسي والروحي مقتدى الصدر، الذي وصف الخطوة بأنها “تضحيةً مني من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول”.
وجرت الانتخابات التشريعية المبكرة في خريف 2021 كمحاولة من الحكومة لإظهار حسن النية في إصلاح البلاد، تجاوبا مع مطالب الشارع في مظاهرات غير مسبوقة شهدتها البلاد في 2019، ووجهت بقمع شرس، قتل فيه 600 شخص.
وفشل النواب في استثمار الثمانية الأشهر الماضية من عمر البرلمان الجديد في تشكيل حكومة، والانتقال إلى مرحلة النظر الجدي في الرهانات المستقبلية، حيث أخفق البرلمان في ذلك بثلاث محاولات، كان من المفترض أن ينتخب فيها رئيس جديد، ويعين فيما بعد رئيس وزراء من الأغلبية البرلمانية، وفق ما ينص عليه الدستور. وتخطت هذه المحاولات المهل المسموح بها.
وأمام هكذا وضع، أعلنت الكتلة الصدرية الأحد استقالتها من البرلمان، ليؤكدها الإثنين رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أثناء زيارته إلى عمان، مشيرا إلى أن استقالة نواب الكتلة الصدرية نافذة، وسيخلفهم من جاء بعدهم في نتائج الانتخابات الأخيرة من حيث عدد الأصوات المحصل عليها.
الخطوة المقبلة؟
عن هذه الخطوة يتحدث الحلبوسي: “سنمضي بالإجراءات القانونية، وحسب قانون الانتخاب وآليات العمل الانتخابي، سيعوض الخاسرون (الذين حصلوا على العدد) الأعلى (من الأصوات) في كل دائرة انتخابية بدلا من السيدات والسادة من نواب الكتلة الصدرية الذين استقالوا للأسف”. قبل أن يضيف “الخطوات القادمة قد تمضي سريعا. نسعى إلى تشكيل حكومة تتحمل القوى السياسية مسؤولية مخرجاتها وإدارتها وسيبقى التقييم أمام الشعب”.
وتمركز الصراع طيلة الثمانية أشهر الماضية منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في المعسكر الشيعي المنقسم بين تيار صدري يعادي إيران، والذي يرأس تحالف “إنقاذ وطن” مع كتلة “تقدم” السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، ويتوفر على كتلة هي الأكبر في البرلمان (155 نائبا).
ومن جانب آخر، “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران الذي يقول إنه يمتلك كتلةً تضم نحو 100 نائب، كان يدفع باتجاه تشكيل حكومة توافقية تضم الأطراف الشيعية كافة، كما جرى عليه التقليد السياسي في العراق منذ سنوات، إلا أن هذا التوجه ظل يرفضه التيار الصدري، وإن كان زعيمه لم يشرح أسباب الانسحاب من البرلمان والحياة السياسية عامة.
تشكيل حكومة…الرهان الصعب
وتطرح جملة من الأسئلة حول مآلات الوضع السياسي في البلاد بعد هذه الاستقالة لصدريين، التي فاجأت الكثير من القوى في العراق. ويخشى البعض أن تؤدي إلى تظاهرات ولربما إلى عنف سياسي في بلد تضم فيه معظم الأحزاب فصائل مسلحة.
ويبدو أن تشكيل حكومة مع انسحاب الكتلة الصدرية من المشهد البرلماني ليس بالأمر الهين. فهي خطوة ينظر لها البعض أنها تمثل تحديا خطيرا لنظام ما بعد صدام حسين، وخاصة لخصوم هذا التيار المدعومين من قبل طهران. وإن كان نظريا، يمكن الآن تشكيل حكومة لتحل محل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها والتي تواصل تصريف الأعمال.
فاستقالة التيار الصدري من البرلمان، “لا تعني بالضرورة انسحاب كلي من الحياة السياسية العراقية”، وهذا ما يشدد عليه الباحث في شؤون الشرق الأوسط الألوسي مصعب، معتبرا إياها “ترجمة لفشل مقتدى الصدر في فرض سيطرته على البيت الشيعي”.
وعن هذا الكيان السياسي الشيعي الموالي لإيران، يضيف الأسولي، أن “الإطار التنسيقي هو مجموعة من الأحزاب السياسية المقربة من إيران، ترفض الإصلاح السياسي وتدعم استمرار الأوضاع الراهنة، معظمها يمثل جماعات مسلحة داخل العملية السياسية، ولا يملك أي من أعضاء الإطار التنسيقي برنامج أو رؤيا سياسية” حسب رأيه.
بوعلام غبشي
مصدر الخبر
للمزيد Facebook