لقاء بايدن – بن سلمان: حرب أوكرانيا وأزمة النفط تدفع واشنطن لإحياء علاقاتها التقليدية بالسعودية
نشرت في: 15/06/2022 – 12:12
بعد أسابيع من الأخذ والرد، تأكدت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية وبالتالي لقاء ولي عهد المملكة محمد بن سلمان. وتأتي هذا الزيارة المرتقبة بعد فتور واضح في العلاقات بين البلدين منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض والذي وصف السعودية خلال حملته الانتخابية “بالدولة المنبوذة” رافضا التواصل مع بن سلمان الذي يعد الحاكم الفعلي للمملكة. لكن حسابات الرئيس الأمريكي بشأن التعامل مع السعودية تغيرت بارتفاع أسعار النفط وخصوصا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
منذ تسلم جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة قبل عام ونصف، مرت العلاقات السعودية الأمريكية بأسوأ فترة لها منذ التحالف التاريخي بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية. وتجاهل بايدن التعامل مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة. لكن الرئيس الديمقراطي يتجه إلى إعادة العلاقات إلى طبيعتها بعد تأكد اللقاء بين الرجلين خلال زيارة بايدن للسعودية.
وكشف البيت الأبيض الثلاثاء تفاصيل جولة بايدن في الشرق الأوسط التي سينتقل خلالها في رحلة تاريخية مباشرة من إسرائيل إلى السعودية حيث سيلتقي الأمير محمد بن سلمان.
وبعد أسابيع من التكهنات حول جولة بايدن في المنطقة، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي سيزور بين 13 و16 تموز/يوليو إسرائيل والضفة الغربية والسعودية.
وستكون هذه زيارته الأولى إلى الشرق الأوسط كرئيس. وسيلتقي القادة الإسرائيليين والسعوديين، ويشارك في قمة لمجلس التعاون الخليجي في السعودية.
وسيلتقي بايدن خلال زيارته السعودية في 15 و16 حزيران/يوليو الملك سلمان وولي العهد الذي سيبحث معه خصوصا مواضيع ذات صلة بمصادر الطاقة المتجددة والأمن السيبراني والأمن الغذائي والطاقة، وفقا لبيان صادر عن السفارة السعودية في واشنطن.
وأضاف البيان أن “الشراكة بين بلدينا هي أكثر أهمية من أي وقت مضى لتعزيز السلام والازدهار والاستقرار في العالم”.
قمة مشتركة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين
يوم 16 يوليو 2022
🇸🇦🇴🇲🇦🇪🇧🇭🇶🇦🇰🇼🇪🇬🇯🇴🇮🇶🇺🇸 pic.twitter.com/VmCogBp40o— وزارة الخارجية 🇸🇦 (@KSAMOFA) June 14, 2022
ما اسباب الفتور؟
تعود أصول الفتور في العلاقات الثنائية إلى قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل سفارة المملكة في إسطنبول. وكانت إدارة بايدن قد رفعت، بعد شهر واحد من وصولها إلى السلطة، السرية عن تقرير استخباراتي خلص إلى أن محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي وهو أمر لطالما نفته السلطات السعودية.
واكتفت إدارة بايدن منذ ذلك الوقت ببعض الاتصالات الهاتفية مع الملك سلمان بن عبد العزيز البالغ من العمر 86 عاما. إذ صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي حينها أن الرئيس الأمريكي سيتحدث مع نظيره الملك سلمان وليس مع ولي العهد.
استمر هذا التجاهل الأمريكي لعدة أشهر قبل أن تضغط واشنطن على الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي للرفع من إنتاجها النفطي لمجابهة ارتفاع الأسعار بعد انتهاء الركود المرتبط بجائحة كورونا. الرد السعودي حينها كان بالتواصل مع موسكو والاتفاق على عدم زيادة الإنتاج ما فُهم حينها على أنه رسالة من بن سلمان على عدم تواصل واشنطن معه مباشرة.
ولعل أكبر دافع للقاءالمرتقب بين الرجلين هو الهجوم الروسي على أوكرانيا ورغبة واشنطن في تحريك تحالفاتها التقليدية لعزل موسكو دوليا. فواشنطن سعت من أجل تحقيق هذا الهدف إلى عقد مصالحة حتى مع خصومها في فنزويلا لتعويض التخلي عن النفط الروسي. وهنا يمكن للسعودية المساعدة في عزل موسكو من خلال حرمانها من العائدات المهمة للنفط بعد تعويض حصتها في السوق العالمية. فيما تبقى السعودية بقدراتها الإنتاجية العالية الأقدر على تغطية العجز في سوق الطاقة الذي سيخلفه حظر النفط الروسي.
وتواترت في الفترة الأخيرة مؤشرات عن اقتراب عودة العلاقات إلى طبيعتها بينها زيارة نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان شقيق ولي العهد إلى واشنطن منتصف أيار/مايو ولقاؤه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن. وقال في تغريدة على تويتر إنه ناقش خلالها “أوجه التعاون الإستراتيجي في المجالات الدفاعية والعسكرية القائمة والمستقبلية بين بلدينا الصديقين”.
كما زار وفد من الكونغرس السعودية الشهر والتقى ولي العهد السعودي في جدة في زيارة من المرجح أنها تناولت ترتيبات زيارة بايدن إلى المملكة.
حول تطور العلاقات الأمريكية السعودية، حاورت فرانس24 أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس خطار أبو دياب المتخصص في شؤون الأشرق الأوسط.
فرانس24: ما دوافع هذا التحول في موقف إدارة بايدن بشأن التعامل مع السعودية وهل يعيد لقاء بن سلمان التحالفات التقليدية الأمريكية في المنطقة خصوصا بعد الهجوم الروسي لأوكرانيا؟
خطار أبو دياب: العلاقات الأمريكية السعودية قديمة ومتجذرة منذ تأسيس المملكة، وتقوم على الأمن مقابل الطاقة. لكن ذلك لم يمنع من حدوث تباينات عدة على مدى العقود الماضية. قطيعة الحزب الديمقراطي مع بن سلمان جاءت في إطار مزايدات ضد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب. يتضح الآن أن واشنطن -وبعد أن أرادت التراجع في منطقة الشرق الأوسط منذ 2012 والتوجه لآسيا والمحيط الهندي- استنتجت أنها تركت وراءها فراغا ملأته روسيا والصين وحتى دول أوروبية حليفة لها. فيما أعادت الحرب في أوكرانيا أهمية المنطقة في توازنات الطاقة العالمية وجعلت واشنطن تعي أن الرياض اتخذت مواقف بعيدة عن مصالحها خصوصا الاتفاق النفطي أوبك+ مع روسيا. ولذا فإن هذا التغيير يتجاوز العلاقة الشخصية بين بايدن وبن سلمان بل لمصالح استراتيجية بين البلدين.
ما المكاسب التي سيحققها بن سلمان من استعادة مكانته لدى واشنطن؟
هناك تصور خاطئ بأن كل سياسات الرياض تصنع في واشنطن والوضع لم يكن كذلك حتى في أحسن فترات العلاقات الثنائية. أظن أن فشل محاولات عزل أو احتواء ولي العهد السعودي يعود إلى حاجة الولايات المتحدة إلى ترتيب العلاقة فيما تدرك القيادة السعودية أهمية الولايات المتحدة بالنسبة لها. ولكن في المقابل، التطبيع المرتقب لن يعود إلى التجانس الموجود سابقا في ظل اتخاذ الرياض قرارا بتنويع العلاقات خصوصا وأن معظم صادرات النفط السعودي تذهب إلى آسيا مقابل تراجعها نحو الولايات المتحدة. موقع بن سلمان لن يحدده الرئيس الأمريكي بل فرصه في خلافة والده وقدرة بلاده في الحفاظ على تأثيرها في توازنات الطاقة العالمية.
ما تأثير اللقاء المحتمل بين بايدن وبن سلمان على الحزب الديمقراطي الذي ترفض أوساط فيه التقارب مع السعودية؟
هناك نقاش داخلي أمريكي بشأن التقارب مع السعودية بما في ذلك انتقادات في وسائل الإعلام الأمريكية. وأظن أن المصالح العليا هي التي ستطغى خصوصا مع تطورات الوضع في أوكرانيا. فمسعى الولايات المتحدة لعزل بوتين وروسيا لم يقابل بالاستجابة من جنوب الكرة الأرضية على غرار الهند ودول عربية بما فيها الخليج وإسرائيل أيضا التي أبقت على قنوات اتصال مع روسيا على الرغم من أنها حليفة تقليدية للولايات المتحدة. أعتقد أن بايدن سيعود إلى الواقعية السياسية، بالرغم من أن بن سلمان ليس من دعاة الليبرالية الديمقراطية لكن الوضع في السعودية واضح: إما جناح متنور في العائلة المالكة يقوم بعزل المتشددين أو وصول المتطرفين إلى الحكم.
عمر التيس
//platform.twitter.com/widgets.js
مصدر الخبر
للمزيد Facebook