هل تتّفق قوى المعارضة على مقاربة “موحّدة” لاستشارات التكليف؟!
بانتظار أن يحسم رئيس الجمهورية ميشال عون أمره، ويدعو إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد، يبدو أنّ الغموض “البنّاء” لا يزال يحيط بالاستحقاق المرتقب، لكون الكثير من الكتل السياسية، ولا سيما في صفوف المعارضة، تعلن جهارًا أنّها لم تتّفق على اسم مرشحها بعد، مكتفية بالحديث عن “مواصفات” تمّ تحديدها، يرى البعض أنّها “فضفاضة” بعض الشيء.
يبدو هذا حال نواب “التغيير” مثلاً، الذين يقول العديد منهم إنّ البحث لم يصل بعد إلى مرحلة “الأسماء”، وإن كان بعضهم يطرح في الإعلام بعض الأسماء التي لا يبدو أنّها تلقى “الإجماع”، لكنّه أيضًا حال قوى معارضة أخرى، على غرار “القوات اللبنانية” التي قالت إنّها تترك أمر التسمية للساعات الأخيرة، وإن كان البعض يلمح إلى أنّها تنتظر موقف النواب “التغييريين” لتبني على الشيء مقتضاه.
في المقابل، تُرصَد “تباينات” في صفوف القوى “الحليفة”، حيث يبدو أنّ “الثنائي الشيعي” مثلاً يغرّد في وادٍ، فيما “التيار الوطني الحر” يغرّد في وادٍ آخر، ما يدفع البعض إلى الحديث عن “فرصة” قد تكون مُتاحة للمعارضين لفرض خيارهم، إذا ما اتّحدوا، فهل مثل هذا الأمر وارد؟ وهل يمكن لقوى المعارضة بمختلف أفرعها، من نواب تغييريّين ومستقلين وقوى وأحزاب تقليدية أن تتّفق على مقاربة “موحّدة”؟!
“إنفتاح” لافت
الأكيد أنّ “انفتاحًا لافتًا” يُرصَد بين القوى المعارضة بمختلف أفرعها، رغم التجربة الأولى التي لم تكن “مشجّعة” في انتخابات رئيس البرلمان ونائبه وهيئة المكتب، فضلاً عن التجربة الثانية في انتخابات اللجان ورؤسائها ومقرّريها، حيث تحاول العديد من الأحزاب والشخصيات إعادة ترتيب “الاستراتيجيات والتكتيكات” تفاديًا لتكرار “السيناريو” نفسه في استشارات التكليف، والأهم منه، في انتخابات الرئاسة المفترضة خلال أشهر.
في هذا السياق، رُصِد في الأيام القليلة الماضية حِراك لافت للنواب المستقلّين في أكثر من دائرة، وحكي عن تشكيل نواة لوائح في أكثر من مكان، تجمعهم تحت راية موحّدة، وإن لم تصل إلى خواتيم سعيدة، كما لفت الانتباه أيضًا تقارب متجدّد بين بعض القوى المعارضة، على غرار حزبي “القوات” و”الكتائب”، بعد اهتزاز العلاقة بينهما إلى حدّ كبير في السنوات الماضية، ووصولها إلى حدّ التخوين والاتهامات المتبادلة.
تبقى “العقدة الأساس” بالنسبة إلى هذه القوى المعارضة مع نواب “التغيير” الذين لا يزال جزء واسع منهم يرفض مقاربة الأمور من باب “المصلحة”، متمسّكًا بـ”البراغماتية” التي يقوم عليها شعار “كلن يعني كلن” الذي نقله من ساحات التظاهر إلى ساحة النجمة، وهو يعتبر أنّ “القوات” مثلاً جزء أساسيّ من “كلن يعني كلن”، وبالتالي فمن غير الوارد التحالف معها، ولو أنّ هناك من يتحدّث عن “تباينات” بين النواب في هذا المجال.
المهمّة “صعبة”
رغم ذلك، ثمّة من يتفاءل خيرًا بإمكانية الوصول إلى “حلّ وسط” مع نواب “التغيير”، سواء عبر “استنساخ” سيناريو انتخاب غسان سكاف نائبًا لرئيس المجلس، بعد تفوّق الرأي المؤيد لتبنّي ترشيحه، أو عبر “تكتيك” جديد، أوحت به “القوات اللبنانية” إلى حدّ ما، وذلك من خلال رمي الكرة في ملعب “التغييريين”، فإذا رفضوا تبنّي مرشّح الأحزاب التقليدية المعارضة، لا مانع من أن تتبنّى هذه الأحزاب مرشحهم، إن كانت المواصفات “السيادية” تنطبق عليه.
لكنّ هذا السيناريو دونه عقبات أساسيّة وجوهريّة، يرى البعض، أولاً لأنّ قوى المعارضة قد تتعرّض لهزيمة جديدة، شبيهة بهزيمة سكاف، لأنّها قد لا تكون قادرة على تأمين الأكثرية المطلوبة في مجلس النواب، طالما أنّ نسبة من النواب المحسوبين على المعارضة قد تغرّد خارج السرب، وهناك من يلمح في هذا السياق إلى أنّ “الحزب التقدمي الاشتراكي” مثلاً قد يكون له اعتباراته الخاصة، وكذلك نواب ما يُعرف بـ”قدامى تيار المستقبل”.
من هنا، يعتقد كثيرون أنّ المهمّة ستكون “صعبة”، في الشكل كما في المضمون، على نواب المعارضة، أولاً لجهة الاتفاق على موقف موحّد، وثانيًا لجهة تحقيق الفوز في حال الاتفاق، علمًا أنّه لم يعد خافيًا على أحد أنّ شريحة واسعة من هؤلاء النواب تفضّل البقاء في صفوف المعارضة في الوقت الحاليّ، علمًا أنّ هؤلاء يشيرون إلى أنّ الرئيس ميشال عون لن يوقّع على مراسيم حكومة لا ترضيه، ما يفرغ أي محاولات للقفز فوقه من مضمونها.
من الآن وحتى موعد الاستشارات التي تأخّرت عن ميعادها، ستبقى التكهّنات سيدة الموقف، على أن تتبلور الصورة النهائية عند “ساعة الجدّ”، وسط علامات استفهام كثيرة عن جدوى الركون إلى المناكفات، في مرحلة هي بلا شكّ استثنائية وثقيلة، والحكومة المُنتظرة لن تعمّر سوى لأشهر معدودة، لتنتهي مهمّتها مع انتخابات رئاسية منتظرة، وإن كان كثيرون يعتقدون أنّ مهمّتها ستبدأ عندئذ، باعتبار الفراغ “تحصيلاً حاصلاً”!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook