هل سيتمكن ميلنشون من كسب رهان الانتخابات التشريعية الفرنسية عبر تحالفه وبرلمانه الجديد؟
نشرت في: 05/06/2022 – 15:48آخر تحديث: 05/06/2022 – 16:58
بعد الاتفاق الذي وقعته أحزاب اليسار والذي أدى إلى ولادة “الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد” بزعامة جان لوك ميلنشون، قرر هذا الأخير تعزيزه ببرلمان داخلي يضم 500 عضو. فما هي أهداف هذا البرلمان وما هي صلاحياته؟ وهل هو برلمان مؤقت أم سيستمر في أعماله بعد نهاية الانتخابات التشريعية المقبلة بفرنسا؟
بعد أن فرض نفسه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة حيث حل ثالثا حاصدا نحو 22 بالمئة من الأصوات، يبحث زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون عن استراتيجية جديدة رابحة لفرض نفسه كرئيس للحكومة الفرنسية من خلال الفوز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية التي ستجري في 12 و19 من شهر يونيو/تموز المقبل.
ميلنشون ولكي يقوي حظوظه للظفر بمنصب رئيس الوزراء، اقترح على الأحزاب التي تنتمي إلى اليسار الفرنسي بتشكيل تحالف كبير لخوض غمار التشريعيات ومنهم الحزب الاشتراكي والخضر والشيوعيين، فضلا عن بعض الحركات اليسارية. وللوصول إلى هذا المبتغى، أطلق ميلنشون حركة اسمها “الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد” لمواجهة الحزب الرئاسي الحاكم واليمين المتطرف.
“فرض أفكار اليسار في النقاش السياسي العام“
وأكد ميلنشون أن هذا التحالف الجديد لا يهدف إلى “محو الفوارق الموجودة بين الأحزاب أو المساس بالهوية السياسية لكل حزب، بل يراد منه فقط تشكيل قوة يسارية تكون قادرة على فرض أفكارها في الجمعية الوطنية والتصدي لسياسة الرئيس ماكرون، لاسيما في مجال الاقتصاد”.
ولوضع كل الحظوظ بجانب هذا التحالف، اقترح أيضا ميلنشون تأسيس ما سماه بـ”برلمان الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد” معينا أوريلي تروفيه رئيسة لهذا البرلمان بعدما كانت منخرطة في جمعية “أتاك” التي تنشط في فرنسا من أجل فرض العدالة الضريبية والبيئية والاجتماعية.
وفي أول خطاب له أمام برلمان هذا التحالف بباريس، قال زعيم حزب “فرنسا الأبية“: “برلمان الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد بدأ ينشط ويعمل لكن استمراريته غير مضمونة”، داعيا جميع أعضائه إلى تكثيف الجهود لـ”فرض أفكار اليسار في النقاش السياسي العام” وإقناع الفرنسيين بضرورة “التصويت لصالح مرشحي هذا التحالف”.
وأضاف ميلنشون: “من المستحيل تغيير المجتمع الفرنسي بشكل أعمق وأساسي بدون انخراط شعبي كثيف لهؤلاء الفرنسيين. أتمنى كثيرا أن ينجح هذا البرلمان ويكون بنّاء ويتسم بنوع من “الوقاحة” والجرأة إزاء السلطة الحاكمة حتى إذا كنا نحن من سيملكون هذه السلطة”.
توقع حصول تحالف اليسار على 165 إلى 195 مقعدا في الجمعية الوطنية
هذا، وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى احتلال “التحالف الشعبي والبيئي والاجتماعي الجديد” المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد في الجمعية الوطنية المقبلة إذ يتوقع أن يفوز ما بين 165 و195 مقعدا.
من ناحيتها، ذكرت أوريلي تروفيه بأن هدف البرلمان هو “بناء ثقافة سياسية مشتركة للفوز بالمعركة الثقافية وإعطاء الأولوية للإنسان وحث قوى المال على التراجع”.
وبعدما كان هذا البرلمان يتكون من ثلاث مئة عضو في بداية إنشائه، اتسعت دائرته ليشمل اليوم على خمس مئة عضو وذلك بعد التحاق نقابات عمالية ومنظمات غير حكومية وجمعيات فنية وبعض الأكاديميات به. فيما بات هدفه أيضا توسيع دائرة النقاشات حول البرنامج السياسي والاقتصادي الذي اقترحه تحالف أحزاب اليسار والاستراتيجية التي تسمح لهذا التحالف بالفوز بأغلبية الأصوات.
” حزب ميلنشون لا يراعي المعايير الديمقراطية“
لكن هذا التحالف واجه انتقادات عديدة من قبل بعض المسؤولين في الحزب الاشتراكي، أمثال الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند الذي تحدث عن “استحالة تطبيق برنامج التحالف الجديد بسبب ارتفاع تكلفته المالية”.
أما المفكر السياسي توماس غينوليه (مناضل سابق في حزب “فرنسا الأبية”) فلقد كتب في مقال نشرته جريدة “لوفيغارو” الأسبوع الماضي أن حزب ميلنشون لا يراعي المعايير الديمقراطية وأن هذا الزعيم لم ينتخب أبدا على رأس هذا الحزب بل فرض نفسه بنفسه”.
وبخصوص برلمان هذا التحالف، فأضاف غينوليه بأن “الإدارة المركزية للحزب هي التي تقترح بمفردها النصوص والقوانين التي يجب الانتخاب عليها ولا يحق لأعضاء البرلمان إجراء تعديلات عليها”.
وأنهى: “تسيير حزب فرنسا الأبية تسيير دكتاتوري.، فهو لا يحل المشاكل الداخلية إلا بالبيروقراطية أو عبر إبعاد المناضلين الذين يخالفونه الرأي”. فهل سينجح تحالف اليسار الجديد في انتزاع غالبية المقاعد في الجمعية الوطنية المقبلة وإنهاء سيطرة الحزب الحاكم على زمام السياسة في فرنسا؟
من سيفوز بأغلبية المقاعد في الجمعية الوطنية المقبلة؟
وتجرى الانتخابات التشريعية الفرنسية كل خمس سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية. وهي الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي إلى جانب مجلس الشيوخ. وتكتسي هذه الانتخابات أهميتها في كونها تحدد الأغلبية البرلمانية في الجمعية الوطنية، وهي أغلبية لها وزن في المصادقة على مشاريع القوانين من عدمها، وبالتالي فإن لها تأثير مباشر في رسم سياسة البلاد.
يتنافس المرشحون في هذا الاستحقاق من أجل نيل مقاعد الجمعية الوطنية، وعددها 577 مقعدا والتي تمثل الدوائر الانتخابية الفرنسية في كامل فرنسا، وقد باتت هذه الانتخابات تجرى بعد أسابيع من الرئاسيات بمقتضى قانون صدر عام 2001 كي تتزامن الفترة التشريعية مع الولاية الرئاسية.
وعقب فوز ماكرون بالانتخابات الرئاسية في شهر نيسان/أبريل الماضي، يأمل حزبه (حزب النهضة -الجمهورية إلى الأمام سابقا) في الفوز هو أيضا بأغلبية مطلقة مجددا مثلما حدث في الولاية الأولى لماكرون. وإذا لم يتمكن الحزب الحاكم وحليفه من الحصول على أغلبية المقاعد، فسيضطر ماكرون لعقد اتفاق للتوصل لائتلاف حاكم مع أحزاب أخرى. مما قد يعقد حكمه طيلة عهدته الجديدة.
طاهر هاني
مصدر الخبر
للمزيد Facebook