آخر الأخبارأخبار دولية

المخرجة مها حاج ترصد “آلام وأوجاع” الفلسطينيين في “حمى المتوسط”

نشرت في: 26/05/2022 – 15:17

بفيلمها “حمى المتوسط” اختارت المخرجة الفلسطينية مها حاج أن تكون أكثر قربا من “آلام وأوجاع” الإنسان الفلسطيني على حد قولها. واستعرضت في عملها السينمائي بـ”نظرة ما” الموازية للمسابقة الرسمية، تفاصيل صغيرة في حياة هذا الإنسان، والتي عادة ما يتم القفز عليها في خضم معاركه الكبرى ضد الاحتلال، دون أن تغفل، طبعا، القضية الفلسطينية التي حضرت بنفس أكثر عمقا في حوار شخصيات الفيلم، لأنها مخرجة ترفض “التقريرية والمباشرة” في السينما. ولا ترى مها حاج أي مشكلة في أن يشاهد الجمهور الإسرائيلي السينما الفلسطينية، بل وتشجع على ذلك، لأنه، بحسبها، “سيتعرف أكثر على معاناتنا، همومنا وأمراضنا وغيرها”. حوار

تحضر السينما الفلسطينية في مهرجان كان باسم المخرجة مها حاج، التي تعد مشاركتها في هذه التظاهرة الفنية هي الثانية. وتشارك حاج في مسابقة “نظرة ما” بفيلمها “حمى المتوسط” القريب جدا من الإنسان الفلسطيني، والذي ابتعدت فيه عن المباشرة في عرض القضية الفلسطينية سينمائيا على الجمهور، وتوخت استحضارها عبر حوار شخصياتها وفي بعض الحالات من خلال أمكنتها.

وهذا الحضور لهموم الإنسان الفلسطيني الحياتية في فليم حاج، جاء في بعض الأحيان بنوع من السخرية اللاذعة، التي تمرر عبرها رسائل مقاومة، منتزعة في الوقت نفسه ابتسامات من الجمهور، كما حصل في مشهد بطل الفيلم وليد عندما رافق ابنه إلى طبيبة روسية لعلاجه، وكان عليه أن يملأ استمارة لهذا الغرض الطبي، تضمنت أسئلة شخصية جدا.

وورد ضمن الأسئلة المطروحة في الاستمارة المذكورة، “نوعية الديانة”، فكان جواب البطل:”فلسطيني”، ما تبسم له الجمهور، فيما رد بأنه “عربي” لما سألته الطبيبة عن جنسيته. وبهذه الأجوبة، حال البطل المشاهد إلى القصائد “الدرويشية” نسبة للشاعر الفلسطيني محمد درويش، بالنظر لعمقها وبعدها الشاعري المشبع بروح القضية الفلسطينية والعربية.

فرغم أعباء الحياة، يظهر الفيلم أن قضية الوطن هي عقيدة لا تتزعزع عند الشعب الفلسطيني. وسيظل متمسكا بها مهما اشتدت نارها في ظل وعي جماعي بها يوحد كل الفلسطينيين. “المستعمر يريد دائما تقسيمنا بين مسيحي ومسلم. جواب وليد في الفيلم كان هو أنه فلسطيني وكفى، بمعنى ليس هناك فرق بين ذا وذاك بالديانة أو غيرها” توضح المخرجة.

المخرجة الفلسطينية مها الحاج © خاص

“حمى المتوسط”

اختارت المخرجة في فيلمها “حمى المتوسط” قصة إنسان فلسطيني له مشاغله الحياتية اليومية كما أي إنسان في العالم، له أحلامه الصغيرة أيضا تحت سقف قضيته الكبرى التي تجمعه مع بقية إخوانه الفلسطينيين. فهذا الإنسان الفلسطيني، بطل الفيلم وليد، رب عائلة متميز، يرعى طفليه بالشكل اللازم، ويحاول أن يجد له مخرجا مهنيا في ميدان الكتابة التي يعشقها.

مارس البطل مهنة مصرفي لمدة من الزمن، وجمع القليل من المال، ليتفرغ لمشروعه الإبداعي في كتابة الروايات، فيما تزاول زوجته مهنة التمريض. وكان عليه أثناء غيابها عن البيت أن يقوم بجميع الأشغال المنزلية. لكن كل هذه الظروف لم يكن يعيشها بنفسية متوازنة. أصيب بالاكتئاب وكان عليه متابعة حصص العلاج لدى طبيبة مختصة دون جدوى.

مع مرور الوقت، سيتعرف على جار جديد، يشتركان معا في نفس الوضع الاجتماعي، أي الزوجة تشتغل فيما يبقى الزوج في البيت. لكن الجار ظل غريبا في عيني البطل، وحاول مرارا أن يفهم علاقاته غير الطبيعية مع أشخاص آخرين، إلا أن هذا لم يمنع من أن تتقوى علاقتهما لحدود بناء صداقة متينة، ستأخذ سياقات مختلفة بل وقاسية فيما بعد.

مهرجان كان 2022

مهرجان كان 2022 © استوديو غرافيك فرانس ميديا موند

قضية أجيال

والفيلم محبوك بطريقة محكمة كقصة إنسانية لرجلين غريبين، يحاول الجمهور على طول العرض أن يفهم شخصيتيهما، يعاني كل منهما من مشاكل نفسية بمستويين مختلفين، دون أعراض ظاهرة عليهما. وإذا كانت المخرجة تطرح متاعب الإنسان الفلسطيني النفسية في الحياة اليومية، فهي لا تحاول أن تبقى في مركز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكنها تلمح إلى أن القضية تبقى حاضرة حتى وإن طغى الهم اليومي على حياة الفلسطينيين.

هي قضية أجيال متعاقبة، بالنسبة للمخرجة، لا يفرط فيها مع توالي السنوات والعقود، هو الألم المغروس في أحشاء هذا الإنسان الفلسطيني مهما كان عمره. وهذا ما يحلينا عليه مشهد نجل بطل الفيلم الذي كان يدعي أنه يشكو من آلام في البطن، يوم الثلاثاء خاصة، وهو يوم موعد حصة الجغرافيا، لكنه في الواقع كان يرفض حضور حصة معلمة تقول إن “القدس هي عاصمة إسرائيل”.

“أردت الحديث عن أمراضنا كفلسطينيين العضوية والنفسية والتي لا تعرف طريقها للعلاج. وليد مريض نفسيا، والطفل يعاني من مرض قد يكون “حمى المتوسط”، لكن هذه الحمى يمكن أن تكون الاحتلال أيضا، الذي يتناقل من جيل لجيل، ولا يهم الفلسطينيين لوحدهم بل منطقة برمتها”، تقول المخرجة مها حاج.

للمزيد: مهرجان كان: “الأيام الحارقة”…عندما يقع القاضي النزيه في فخ مافيا سياسية في تركيا

“أنا مع سينما فلسطينية يشاهدها الجمهور الإسرائيلي”

تناولت مها حاج القضية الفلسطينية من زاوية الإنسان، وطرحت معاركه الكبرى بشكل عرضي لكن قوي، تجنبت فيه المباشرة والتقريرية. “السينما فن، ولا يمكن أن تكون تقريرية ومباشرة. التقارير هي دور الإعلام. وما نعرضه على الجمهور قد يكون معلومات لتعريف العالم بهمومنا كفلسطينيين، لكن ذلك يجب أن يكون في قالب فني راق” تقول مها حاج.

وتحدثت تقارير إعلامية أن مها حاج حصلت على دعم إسرائيلي لإخراج فيلمها السابق الذي شاركت به في نفس المسابقة العام الماضي. وتشرح أسباب ذلك بالقول: “فيلمي الأول اضطررت لأجله أخذ دعم من صندوق السينما الإسرائيلية، لأنه لم يكن لي اختيار آخر، لكن تحدث عن القضية الفلسطينية، علما أنه عندما تحصل على دعم إسرائيلي، فأنت مجبر على تقديم العمل في المهرجانات كفيلم إسرائيلي حتى ولو كان كل شيء في الفيلم عن فلسطين. أما “حمى المتوسط”، حصلت فيه على دعم منتجين، وشاركت به كعمل فلسطيني قح”.

وترى حاج أن “السينما الفلسطينية بخير، وتصنع أفلاما في المستوى، وتشارك في الكثير من المهرجانات، لكنها، للأسف، لا تصل لجميع الناس، فهي تعاني من مشكلات في التوزيع والنقص العددي للقاعات في الأراضي الفلسطينية. ولا أدري إن كان فيملي الجديد سيوزع في إسرائيل، لكن أنا مع سينما فلسطينية يشاهدها الجمهور الإسرائيلي، ليعرف معاناتنا، همومنا، أمراضنا وغيرها”.

وحول مشروعها المستقبلي، كشفت المخرجة الفلسطينية: “في الوقت الحالي أكتب سيناريو فيلم جديد، سأكمله عند عودتي من كان، والدعم المالي لم يعد مطروحا بالنسبة لي، لأن لدي منتجين الآن، أما فكرة العمل أفضل الاحتفاظ بها حاليا لنفسي، والكشف عنها في وقت لاحق”.

 

بوعلام غبشي موفد فرانس24 إلى مهرجان كان


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى