أولى عثرات نواب “التغيير”
ثانياً، لا يملك هؤلاء النواب ترف الوقت للخروج من حالة الفورة الشعبية إلى العمل البرلماني، والتعامل معه على أسس سليمة ومن قلب النظام وليس الانقلاب عليه. فما يصح في الشارع لا يصح داخل المجلس بطرح شعارات واقتراحات تمسّ النظام وأعرافه، كما الحديث عن تغيير رئيس المجلس النيابي وطائفته. وثمة مسؤولية يفترض بهؤلاء أن يتمتعوا بها، قبل الدخول في متاهات تكسر الأعراف والأسس التي تقوم عليها تركيبة النظام. فهذا يتخطى الإطار التغييري ليصبح أقرب إلى الخفّة السياسية.
ثالثاً، على «التغييريين» تحديد أولويات المرحلة المقبلة التي تبدأ بانتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس، وتسمية رئيس حكومة ومن ثم تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية. كل هذه الاستحقاقات هي جوهر السياسة الداخلية ولبّها الحقيقي في مرحلة مصيرية يبنى عليها مستقبل النظام اللبناني وديمومته. ولا يمكن لهؤلاء، مهما تعددت الآراء في ما بينهم، أن يتعاملوا مع هذه العناوين وكأنها تأتي في مرتبة جانبية أو هامشية بعد أفكار اجتماعية وبيئية لا تتقدم كأولوية في النقاش حول مصير لبنان كبلد أولاً وآخراً. وطريقة مقاربة استحقاق انتخاب رئيس المجلس ونائبه لا تبشّر بكثير من الخير. والاصطفافات التي تحوم حول موقع نائب رئيس المجلس تعطي فكرة عن كيفية مقاربة رئاسة الحكومة لاحقاً، كاسم رئيس الحكومة، من دون الأخذ في الاعتبار التوازنات المحلية والإقليمية، لإسقاط بعض الأسماء ذات الوقع الرنّان، وحين يتحول البعض مستوزراً أو طامحاً للعب دور خارج الإطار الضيق، وحين تشتد العصبيات لتصير أكثر حدّة.
رابعاً، لم يقترع اللبنانيون اليوم على قاعدة عناوين اقتصادية وإنمائية. ومن السذاجة أن يعتقد «التغييريون» أنهم وصلوا من أجل تشريع شعارات اجتماعية وبيئية. المعركة بعنوانها الأساسي كانت بين حدّين سياسيين، المعارضة والموالاة.
مجلس عام 2022 حساس وخطر بالمعنى السياسي، وخريطة تشكّله المتشابكة الحالية تزيد من خطورته. والنواب «التغييريون» هم، أولاً وآخراً، في مواجهة كتل سياسية تطحنهم في معركة المواجهة السياسية المقبلة. وسيكونون أمام امتحانات سياسية صعبة، بعدما انتهت احتفالية الانتصارات، وإلا سيكون مصيرهم كما مصير آخرين وصلوا عن طريق قوى سياسية من دون أن يتركوا بصمة في المجلس، ولم يحملوا لقب النائب سوى لمرة واحدة. والأمثلة كثيرة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook