آخر الأخبارأخبار محلية

على رغم تأجيل زيارته… البابا لن يسمح بأن يدفع لبنان ثمن تسويات “الكبار”

لم تعد مسألة تأجيل زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس للبنان، والتي كانت مقررة في 12 و13 حزيران المقبل، مثار جدل وأخذ وردّ، بعدما تبين أن هذا التأجيل سببه صحي كما أعلن رئيس اللجنة الوطنية التي كانت مناطة بها مهمة التحضير للزيارة الوزير وليد نصار وكذلك مدير الصحافة في الفاتيكان، وبالتالي ليس لأسباب لها علاقة بالوضع السياسي، كما يتردد. 

ولكن وعلى رغم كل هذه التأكيدات فإن هذا التأجيل، في رأي البعض، سيكون له إنعكاسات سلبية، حتى ولو لم يكن أحد لا في الدوائر الفاتيكانية ولا في لبنان أراد ذلك، ولكن للضرورات الصحية أحكامًا. 
ومع هذا، كان يأمل اللبنانيون، جميع اللبنانيين إلى أي طائفة إنتموا، أن يحمل قداسة البابا في زيارته للبنان مشروع حلّ لأزماتهم السياسية والوجودية والإقتصادية والمعيشية، بالتفاهم والتنسيق مع الدول الفاعلة، صاحبة القرار في المنطقة، التي قد تتمخّض  عن لقاءات فيينا، وإن تعثّرت قليلًا، بعض الحلول، التي يخشى البعض أن تكون، في جزء كبير منها، على حساب لبنان وهويته وكيانه ووجوده. 

ولكن لا يستبعد بعض المحللين أن يكون لقرار التأجيل الصحي “خلفيات” سياسية إستنادًا إلى ما تجمّع لدى دوائر الفاتيكان المعنية بوضع لبنان والمنطقة من معلومات ومعطيات، وذلك وفق منطق هؤلاء المحللين، وفق الترتيب التالي: 
أولًا، يأتي هذا القرار بتأجيل الزيارة البابوية قبل ايام من الإستحقاق النيابي الكبير، وبعد يوم واحد على إقتراع المغتربين في دولة الأمارات العربية وفي القارة الأفريقية والدول الغربية، ومن بينها إيطاليا.  
وفي الإعتقاد أنه إذا أتت نتائج هذه الإنتخابات غير معبّرة عن توجهات شريحة واسعة من اللبنانيين، الذين يصنّفون أنفسهم في “الخانة السيادية” ويرفعون شعارات عالية السقوف في وجه سلاح “حزب الله”، فإن ما يخشاه بعض الممسكين بالقرار السياسي في الفاتيكان أن يتخذ بعض أحزاب السلطة من زيارة البابا حجّة لتكريس نتائج هذه الإنتخابات في المحافل الدولية كأمر واقع جاء تعبيرًا “عن إرادة شريحة واسعة من اللبنانيين”. 

ثانيًا، أمّا إذا حصل العكس وإنتخب اللبنانيون المقيمون كما إنتخب اللبنانيون المغتربون، وأغلبيتهم صوتوا لـ”التغيير”، فإنه يُخشى أيضًا أن يُتهم الفاتيكان، من خلال هذه الزيارة، بالوقوف مع فئة من اللبنانيين ضد فئة أخرى، خصوصًا أن سياسته بالنسبة إلى لبنان تقوم على وقوفه على مسافة واحدة من الجميع، مع دعوته الدائمة والثابتة إلى الحوار الإيجابي والمنفتح بين الجميع توصلًا إلى قناعات وطنية مشتركة. 
ثالثًا، ثمة من يظّن أن بعض المؤثرّين على الساحة السياسية في لبنان، ومن بينهم رجال دين، نصحوا الدوائر الفاتيكانية المعنية بضرورة تأجيل الزيارة، وذلك خوفًا من تفسيرات خاطئة لدى البعض لأبعاد هذه الزيارة، خصوصًا أنها تأتي عشية الإنتخابات الرئاسية، ولئلا يُقال أن الفاتيكان يؤيد وصول هذه الشخصية على حساب شخصية أخرى. 
رابعًا، تعتقد بعض المصادر أنه تجمّعت لدى الكرسي الرسولي من بعض بعثاته الديبلوماسية في العالم بعض المعطيات، التي ترجّح ذهاب المنطقة إلى خيارات جذرية، ولذلك فإنه من المستحبّ تأجيل أي خطوة لقداسة البابا، ومن بينها زيارته للبنان، وذلك خشية أن تؤخذ على غير مراميها وأهدافها.  
على أي حال، فإن قداسة البابا الذي لم يتوان عن التعبير عن محبته للبنان في كل المناسبات لن يسمح بإستفراده، وبأن يكون “فرق عملة” في حسابات الكبار، وهو لن يألو جهدًا لبذل أقصى المستطاع حتى يبقى النموذج اللبناني مثالًا يُحتذى. 
وفي هذه المناسبة لا يسع اللبنانيين سوى توحيد صلواتهم على نية قداسته وشفائه السريع ليعود مجدّدا إلى الأرض التي يحبها وهي أرض القديسين والأبطال والشهداء.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى