آخر الأخبارأخبار محلية

هدف “حزب الله”… الاكثريّة للابقاء على السلاح

أيّام قليلة تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابيّ في الخامس عشر من أيّار. ومعظم شعارات القوى “السياديّة” بشكل خاصّ، إضافة إلى قوى التغيير، هي نزع سلاح “حزب الله”، ووضعه كبند أوّلٍ على الطاولة لمناقشته. وقد استقطب هذا الخطاب العديد من المقترعين، الذين يرون في أنّ السلاح هو مشكلة أساسيّة في لبنان. وراح البعض إلى وضعه في خانة “تغطيّة منظومة الفساد”. في السيّاق، خرج الامين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله يوم الاثنين، وشدّد أمام أهل الجنوب خصوصاً، على أنّ سلاح المقاومة لا يُمكن نزعه، لأنّه الضمانة في حماية لبنان. فالجيش بحسب قوله غير قادر على الدفاع عن البلاد أمام أيّ تهديدٍ إسرائيليّ. ولغة نزع السلاح ليست بجديدة، وتتجدّد عند كلّ استحقاق إنتخابيّ، لجذب الجمهور.

من هنا كثّف نصرالله، إطلالاته الاعلاميّة، لحثّ الشارع الشيعيّ على التهافت إلى صناديق الاقتراع، ورفع نسب التصويت. فوحدها البيئة الجنوبيّة، بحسب مراقبين، تُدرك أهميّة سلاح “حزب الله”، نظراً لما عانته من إحتلال وتأثير الحرب مع العدو الإسرائيلي عليها. لذا، اختار نصرالله محطة الجنوب، ليُذكّر أنصاره، كما خصومه بأهميّة السلاح، للدفاع عن لبنان. كذلك، لاقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي نصرالله، ودعا خلال كلمته يوم أمس مناصريه للاقتراع بكثافة للتأكيد على “التمسّك بالمقاومة نهجاً وثقافة وسلاحاً إلى جانب الجيش والشعب”.

ويقول مراقبون إنّ كلمة نصرالله العاليّة السقف، التي رفض فيها تسليم السلاح، تأتي بعد إنتخابات الاغتراب. فصحيحٌ أنّ نسب الاقتراع كانت مرتفعة، إلّا أنّ عدد الناخبين لم يكن كبيراً. والخوف عند “حزب الله”، كما يُضيف المراقبون، في أنّ تكون هذه الاصوات ذهبت إلى “القوّات اللبنانيّة” و”الكتائب”. فهما الفريقان القادران على إزعاج “الحزب” في مجلس النواب، في موضوع السلاح، وخصوصاً إذا نجحا بزيادة عدد نوابهم، على حساب نواب “التيّار الوطنيّ الحرّ”. فقوى التغيير مشتتة في عدّة لوائح، وفرص وصولها للحاصل ضئيلة، من دون توّجه المقيمين للاقتراع لها، في ظلّ الانقسامات السياسيّة الحادّة في البلاد.

كذلك، بدا لافتا في الدول العربيّة، وبوجه خاصّ في السعوديّة ودول الخليج، حيث الاغتراب السنّي الكبير، إرتفاع نسب التصويت. ورغم أنّه من المبكر الحديث عن الارقام ومن اختار الناخبون، إلّا أنّ ما جرى، يدّل على أنّ الناخب السنّي شارك أكثر من المتوقع، على الرغم من مقاطعة تيّار “المستقبل” للانتخابات النيابيّة. فإذا صبّت الاصوات السنّية في دائرة بيروت الثانيّة بشكل خاصّ للائحة التي يدعمها الرئيس فؤاد السنيورة، فإنّ هذا الواقع سيزيد من صعوبة تأمين “الثنائيّ الشيعيّ” لمقاعد “المستقبل” الستة. وإذا انسحب هذا الامر في 15 أيّار، سترتفع نسبة المشاركة السنّية، بوجه “حزب الله” وسلاحه، في صناديق الاقتراع، كما في مجلس النواب. ويعتبر مراقبون أنّ الواصلين السنّة الجدد، إضافة إلى الكتل المسيحيّة، والدرزيّة المعارضة للسلاح، ستفتح نقاشاً حاداً، ربما يأخذ البلاد إلى إنقسامٍ طائفيٍّ، وسياسيٍّ كبيرٍ في الشارع. ويُشير المراقبون إلى أنّه لهذا السبب، ذكّر نصرالله بأنّه لا يزال وحليفه الرئيس برّي، على ثوابت الامام المغيّب موسى الصدر. وأهمّها العيش المشترك. فهذه رسالة واضحة للخصوم، بأنّ الاقتراب من سلاح المقاومة، سيُفجرّ الاوضاع.

في الاطار عينه، شدّد نصرالله على أهميّة قيام الناخبين باختيار ممثليهم، إنطلاقاً من مشروعهم المعيشيّ، القادر على معالجة المشاكل الاقتصاديّة، والمعيشيّة، وتأمين الدواء، والكهرباء والمياه… فهذه ملفات تتقدّم على الصعيد الشخصيّ لكلّ مواطن على موضوع السلاح. ولم يكتفِ نصرالله بهذه المواضيع، بل تخطّاها وهدّد إسرائيل بأنّ السلاح وحده يحمي الثروات الطبيعيّة. وربط بين النفط، وحمايته من جهة، وبين أهميّة بقاء سلاح المقاومة، لاستخراجه من البحر، وحلّ المشاكل الاقتصاديّة التي يمرّ بها لبنان، وفتح باب التصدير إلى الدول الاوروبيّة، التي تمرّ بفترات صعبة بسبب الغاز الروسيَ والحرب الاوكرانيّة.

وشدّد نصرالله على أنّه لضمان السلاح، وصولاً إلى تحقيق الاهداف الاقتصاديّة القادرة على معالجة الاوضاع المتردّية في البلاد، يجب “المقاومة سياسيّاً”، أيّ عبر تأمين الاكثريّة النيابيّة في مجلس النواب، وإعطاء الغطاء الشرعيّ الاكثريّ لسلاح “حزب الله”، للمحافظة على “المقاومة العسكريّة”. فمن دون فوزه وحلفائه بأكبر عدد من النواب، وإيصال رئيسٍ لمجلس النواب، كما رئيس للجمهوريّة من قلب الثامن من آذار، فإنّ الامور ستكون صعبة عليه، وسيستغل الخصوم هذا الامر لطرح موضوع السلاح على طاولة النقاش.

ويلفت المراقبون إلى أنّ كلمة رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ”، النائب جبران باسيل كانت لافتة من بعبدا، بعد خطاب نصرالله. فانتقد كلّ من يحاول الايحاء بأنّ لبنان “مُحتل إيرانيّاً”، في رسالة واضحة وداعمة لحليفه “حزب الله” وسلاحه. فلم تخل كلماته ولا تغريداته اليوميّة من أنّ “الميليشيا” بحسب قوله، التي تُهدّد لبنان، تتمثل بـ”القوّات” وليس بـ”الحزب”.

ويعتبر مراقبون أنّ المشهديّة الشعبيّة الكبيرة التي حشدها “حزب الله” في صور، من المتوقع أنّ تكون هي عينها في خطابات نصرالله، في كافة الدوائر الانتخابيّة التي يخوض فيها “الحزب” الانتخابات. فوجّه الاخير بحشده الكبير رسالة واضحة، وهي أنّ قاعدته الشعبيّة الحاضنة لسلاح المقاومة سليمة وإلى إزدياد، وستترجم في صناديق الاقتراع، بزيادة نسب التصويت ورفع الحواصل، وسيفوز على أساسها بالاكثريّة النيابيّة مع حلفائه. ويرى المراقبون أنّ إطلالة نصرالله على الجماهير في بيروت، لها دلالاتها على صعيد دعوة مناصريه للاقتراع بكثافة، وخصوصاً في دائرة بيروت الثانيّة، حيث من المتوقع غياب، أقلّه، نصف الشارع السنّي عن العمليّة الانتخابيّة، وتوسيع الكتلة السنّية الحليفة له، التي تدعم مشروع “حزب الله”، وسلاحه.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى