امتحان أول وصمت مطبق.. “ساعة الجدّ” الانتخابية تدقّ!
ويأتي “الامتحان الانتخابي” الأول اليوم، على وقع “صمت انتخابي” بدأ في مرحلته الأولى منذ فجر الخميس، ويستمرّ حتى ليل الأحد، يتوقف خلالها “ضجيج” الحملات الانتخابية، ويتجمّد معها “التراشق اللفظي” بين مختلف المرشحين واللوائح، والذي وصل إلى “ذروته” في الأيام القليلة الماضية، مع تسجيل “استقطاب” غير مسبوق استُحضِرت في سبيله كلّ أنواع “الأسلحة”، بما فيها تلك المفترض أنّها “محرَّمة” بموجب القانون.
وإذا كانت السلطة أتمّت “جاهزيتها” ليومي الجمعة والأحد الانتخابية كما قالت، في ظلّ تضافر للجهود وتنسيق كامل بين وزارتي الداخلية والخارجية، وقد افتتحت الأخيرة أمس غرفة عمليات خاصة لإدارة ومراقبة العملية الانتخابية، فإنّ أسئلة كثيرة تُطرَح حول مدى نجاح السلطة في “تجاوز” التحديات التي تنتظرها، وقد كثرت “الشكاوى” في الساعات الأخيرة، وسط مخاوف من “فوضى”، وتكهنات من “سيناريوهات” لا تخطر على البال!
ظروف استثنائية وتعقيدات بالجملة
يقول العارفون إنّ مجرّد حصول انتخابات المغتربين، في “فرعها” الأول اليوم، يُعَدّ إنجازًا للسلطة السياسية، نظرًا للظروف الاستثنائية وغير الميسّرة التي تحصل خلالها، في ظلّ الوقت الضيّق الذي مُنِح لوزارة الخارجية للعمل، وقد أبدى الوزير عبد الله بو حبيب أكثر من مرّة خشيته من عدم قدرة الوزارة على إنجاز ما هو مطلوب منها في الوقت المناسب، علمًا أنّها المرّة الثانية في تاريخ لبنان فقط التي يشارك فيها جناح لبنان المغترب بالانتخابات النيابية.
ولعلّ ما عزّز من “التعقيدات” التي أحاطت بانتخابات المغتربين تمثّل بـ”الغموض” غير البنّاء الذي رافقها منذ اليوم الأول، فقيل في البداية إنّها لن تحصل لأنّ “حزب الله” لا يريدها، وهو ما لم ينكره مسؤولون رفيعو المستوى في الحزب، متذرّعين بغياب “تكافؤ الفرص”، قبل أن “تضيع الطاسة” عند “جدلية” الدائرة 16 التي أصرّ عليها “التيار الوطني الحر” ورفضها سائر النواب، فكانت محور طعن أمام المجلس الدستوري، كاد “يطيح” بالانتخابات برمّتها.
وإذا كانت وزارة الخارجية تخطّت كلّ هذه “التعقيدات”، إلا أنّ الأمر لم ينته عند هذه الحدود، حيث جاء طلب “سحب الثقة” من الوزير الذي “باغت” تكتل “الجمهورية القوية” الجميع به في الوقت “المستقطَع” في الأسبوع الأخير قبل موعد الانتخابات، ليطرح الكثير من علامات الاستفهام، قبل أن “تطير” الجلسة التي كانت مخصّصة للنقاش به، بسلاح “فقدان النصاب”، علمًا أنّ عددًا من النواب الذين تقدّموا بالطلب، غابوا عن الجلسة المخصّصة لدرسه.
“العبرة في الخواتيم”
لكلّ هذه الأسباب، يقول المتحمّسون للانتخابات، والمحسوبون على السلطة المنظمة للانتخابات، إن فتح صناديق الاقتراع هو بحدّ ذاته “إنجاز”، مقلّلين سلفًا من شأن أيّ مشاكل تنظيمية أو لوجستية يمكن أن تحدث في هذه الدولة أو تلك، لأنّ الأساس هو إجراء هذه الانتخابات، وهو ما تمّ، خصوصًا أنّ الخوف كان أن تحول عراقيل لوجستية دون حصولها، ما كان من شأنه أن يفتح المجال أمام “الطعن” بالعملية الانتخابية برمّتها.
مع ذلك، يشدّد العارفون على أنّ “العبرة تبقى في الخواتيم”، لأنّ حصول الانتخابات مهمّ، لكن الأهمّ منه، يبقى ضمان “الشفافية”، وبالتالي “النزاهة والديمقراطية”، خصوصًا بعد الشكاوى التي رافقت توزيع أقلام الاقتراع، وما أثير عن “تشتت” بين أبناء العائلة الواحدة، ولو برّرته وزارة الخارجية بمعيار “الرمز البريدي”، وهو ما يفترض أن يتثبّت من خلال أداء السلطات المولجة تنظيم الانتخابات في السفارات والقنصليات المعتمدة في الخارج.
وإذا كان وجود مندوبي المرشحين، إضافة إلى المراقبين المفروزين لهذه المهّمة، سواء من جمعيات المجتمع المدني، وعلى رأسها الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي)، أو من المؤسسات الدولية، وفي مقدّمها الاتحاد الأوروبي، “ضمانة”، فإنّ “التحدّي الأكبر” يبقى في ضمان “آليات” نقل الصناديق من الخارج إلى لبنان، في ظلّ تحذيرات من تكرار “سيناريو” العام 2018، حين اضطرت السلطات إلى “تصفير” بعض الصناديق.
لا شكّ أنّ حصول انتخابات المغتربين اليوم يشكّل “امتحانًا أول” للسلطة، في طريقة تعاطيها مع الانتخابات، التي تعهّدت تنظيمها بكل شفافية وديمقراطية واحتراف، لكنّها تشكّل أيضًا “إثباتًا أول” لكلّ المصطادين في الماء العكر بأنّ الانتخابات باتت “أمرًا واقعًا”، لعلّه يضع حدًا لـ”تكهنّات” الإلغاء والتعطيل، أقلّه في الأسبوع الأخير بين مراحل “الصمت الانتخابي”، أسبوع يبدو أنّه سيكون حافلاً، وواعدًا بالمفاجآت من كلّ الأنواع!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook