انتخاب الرئيس أولوية البرلمان المقبل
كتب محمد شقير في” الشرق الاوسط”:
تتباين الآراء في استقراء العناوين السياسية التي يُفترض أن تتصدر مرحلة ما بعد إجراء الانتخابات النيابية اللبنانية ، إذ تتراوح بين رأي يعطي الأولوية لانتخاب رئيس جمهورية جديد قبل انتهاء الولاية الرئاسية للحالي العماد ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل لتأمين الانتقال السلمي للسلطة، وبين آخر يدعو للإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة فور إنجاز الاستحقاق النيابي في موعده الدستوري بذريعة أن هناك ضرورة لتشريع الإصلاحات التي من دونها لا يمكن إخراج لبنان من التأزم الذي يحاصره، خصوصاً أنها الممر الإلزامي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يبدي كل استعداد لمساعدته للنهوض من الوضع الكارثي الذي أوصله إلى قعر الانهيار.
لكن من السابق لأوانه، كما يقول مصدر وزاري بارز لـ«الشرق الأوسط»، الخوض منذ الآن في ملف تشكيل الحكومة الجديدة قبل الوقوف على ما ستحمله الانتخابات النيابية من نتائج، «للتأكد مما إذا كان البرلمان العتيد سيضم وجوهاً نيابية تتمثل فيها القوى التغييرية للمرة الأولى، أم إن التركيبة النيابية ستكون نسخة طبق الأصل عن البرلمان الحالي ».
ويلفت إلى أنه «لا بد من التوقف أمام الاستحقاق الأول الذي ينتظر البرلمان المنتخب، ويتعلق بإعادة تكوين السلطة؛ بدءاً بانتخاب رئيس جديد للبرلمان»، ويسأل: «هل يُعاد انتخاب الرئيس بري لولاية جديدة بأصوات أكثرية نيابية من لون واحد يضاف إليها النواب المنتمون إلى (اللقاء النيابي الديمقراطي)، فيما الكُتل النيابية المسيحية سارعت إلى الإعلان عن امتناعها عن انتخابه».
ويضيف المصدر الوزاري أن «الثنائي الشيعي» يبدي ارتياحه المسبق لنتائج الانتخابات النيابية، و«سيعيد ترشيحه بري لرئاسة البرلمان، ولن يكون من منافس له؛ لأن (الثنائي)، كما تروج أوساطه، سيُطبق سيطرته على المقاعد النيابية المخصصة للطائفة الشيعية وعددها 27 مقعداً، وهذا ما سيقطع الطريق منذ الآن على الرهان على مرشح شيعي لمنافسته»، ويقول إن «التيار الوطني» و«إن كان يدخل حالياً في المزايدة على حزبي (الكتائب) و(القوات اللبنانية) بعدم انتخابه بري، فإنه سيضطر إلى تعديل موقفه فور انتهاء الانتخابات باتجاه ترك الحرية لنوابه في انتخاب رئيس جديد للبرلمان».
ويرى المصدر نفسه أن هناك ضرورة لاستكشاف موقف رئيس الجمهورية ميشال عون لاختبار مدى استعداده للمجيء بحكومة غير الحكومة الحالية، «خصوصاً أنه لم يبق من ولايته الرئاسية سوى 5 أشهر ونصف يبدأ احتسابها فور إنجاز الاستحقاق النيابي».
وفي هذا السياق، هل لعون مصلحة بأن تتحول الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف أعمال لما لباسيل من نفوذ على معظم الوزراء المسيحيين؟ أم إنه سيوافق على أن يودع ولايته بحكومة جديدة لا تجيز لوريثه السياسي حرية التصرف؟ علماً بأن ضيق الوقت قد لا يسمح بالخوض في تجربة حكومية جديدة لن تكون تركيبتها على قياس عون استجابة لطموحات باسيل ولا يعود إلى «حزب الله» التحكم في مصيرها.
لذلك، يقول المصدر الوزاري إن «ضيق الوقت لم يعد يسمح بتشكيل حكومة جديدة حتى لو كانت الطريق معبدة أمام ولادتها؛ نظراً إلى أن المجلس النيابي سيتحول قبل شهرين من انتهاء ولاية عون إلى هيئة ناخبة تبقى جلساتها مفتوحة إلى حين انتخاب رئيس جديد، وبالتالي لا يحق لها طوال هذه الفترة الالتفات إلى أي عمل آخر».
وقد يكون المخرج الوحيد أن تتحول الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف أعمال ويحق للبرلمان الانعقاد كما جرت العادة للتشريع؛ إنما للضرورة، ولم يعد هناك من ضرورة سوى إقرار الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد لتفعيل التفاوض معه من دون إبرام الاتفاق النهائي الذي يبقى عالقاً إلى حين تشكيل أول حكومة في عهد الرئيس المنتخب.
وعليه؛ فإن الأولوية ستُعطى منذ الآن وقبل انتظار النتائج التي ستحملها الانتخابات النيابية إلى انتخاب رئيس جديد بعد أن بادرت قوى المعارضة على اختلاف انتماءاتها السياسية والطائفية إلى فتح المعركة الرئاسية على خلفية قرارها بعدم انتخاب رئيس ينتمي إلى محور الممانعة يتيح لـ«حزب الله» السيطرة عليه لضمان احتفاظه بسلاحه شرط أن يكون على القياس السياسي لعون ويُحسن تدوير الزوايا ولا يُقحمه في اشتباكات سياسية متنقلة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook