آخر الأخبارأخبار محلية

حكومة ما بعد الانتخابات.. تثبيت الستاتيكو الحالي

في المبدأ،  يمكن التأكيد أن القسم الأكبر من قوى السلطة لا يملك أي شيء جديد يمكن أن يضيفه لتصحيح المسار الذي سلكه، فهذه القوى بمعظمها لم تجر اي مراجعة لسياساتها الداخلية وتحالفاتها التي غلفت بغلاف وطني بيد أنها كانت تفاهمات آنية مصلحية تكتيكية. لذلك لا يمكن الحديث عن تموضعات جديدة قد تنبثق عن انتخابات 15 ايار المقبل. فقوى الاكثرية المتحالفة مع بعضها البعض مصلحيا، ستعود إلى  تصفية الحسابات في ما بينها بعد 16 أيار ربطا بتضارب برامجها ومشاريعها على مستوى معالجة الملفات الخلافية ذات الصلة بالأزمات المالية والاقتصادية وعمل القضاء، وبالتالي من الطبيعي ان تعمل انتخابيا لضمان مواقعها بعد 16 ايار  في عملية تشكيل الحكومة وتوزيع الحصص الوزارية. 

 على وقع انشغال الأحزاب والقوى السياسية وقوى التغيير بالانتخابات النيابية، فإن ملف الحكومة على نار حامية ايضاً. القوى المؤثرة في الداخل والدول المعنية بلبنان( فرنسا- ايران- السعودية) بدأت تبحث في مرحلة ما بعد الاستحقاق الانتخابي في ظل تضاؤل احتمالات التأجيل، من أجل الوصول الى تسوية لا تطيل أمد حكومة تصريف الاعمال، علما أن حزب الله وفق المقربين منه بحث مع الفرنسيين في مرحلة ما بعد الانتخابات لا سيما في ما خص تأليف الحكومة الجديدة وسط ترجيجات ان يذهب الجميع إلى تسوية من شأنها أن تفرض على قوى الداخل تلبية الشروط الاقتصادية والمالية المطلوبة من لبنان. 

 
تتحكم عوامل مختلفة بالمشهد وتتصل أولا بخروج الرئيس سعد الحريري من المعادلة السياسية وتأكيد المقربين منه انه لن يعود الى لبنان في المستقبل القريب. وثانيا بالموقف الغربي من لبنان ومدى تمديد التفويض الدولي لفرنسا لإيجاد حل للأزمة اللبنانية، وهذا يعني أن المسار المرتقب لا يزال يكتنفه الغموض، فمفهوم الأكثرية والأقلية في المجلس النيابي هو مفهوم نسبي عصي عن إحداث أي تغيير في قواعد التوازنات السياسية إذا لم يكن هناك قرار خارجي لرسم معالم مشهد جديد في لبنان. 
عندما كلف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومته في تموز الماضي قال إنه يدرك صعوبة المهمة، بيد أنه حصل على ضمانات داخلية وخارجية جعلته واثقاً من أنه سينجز المهمة، علما أن هذه المهمة لم تكن سهلة على الإطلاق فهو حاول منذ اليوم الأول معالجة الخلل في الوضع الاقتصادي والمالي ضمن سياسة الممكن، بيد أن الخلافات الداخلية حالت دون أي تحول جذري، فكل مشاريع القوانين المتصلة بالإصلاحات المالية وذات الصلة بالاتفاق مع صندوق النقد والتي أحالها مجلس الوزراء إلى مجلس النواب لم تقر ورحلت إلى البرلمان الجديد.  وعليه فإن ترؤس ميقاتي، الذي يحظى بغطاء اقليمي ودولي وعربي تعزز مع عودة سفراء دول الخليج، لحكومة ما بعد الانتخابات يبقى رهن الدعم الدولي الذي سيمنح لحكومته وضخها بالمساعدات وتوفير الداعم اللازم لانقاذ لبنان، وسط ترجيحات مصادر معنية بالملف ان يبقى ستاتيكو توازنات الحكومة الحالية حاكما في الحكومة الجديدة التي يفترض وفق الفرنسيين ان توقف مسار لبنان نحو الانهيار وتجري الاصلاحات المطلوبة منها والمنصوص عنها في المبادرة الفرنسية التي سيعاد احياؤها من جديد بعد فوز الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولاية جديدة.

 
ومع ذلك فإن كل الفرضيات مشروعة وسط ضبابية المشهد الدولي. المفاوضات في فيينا تتراوح بين مد وجزر. والوضع في اوكرانيا يتجه نحو المزيد من التصعيد. والخشية وفق المصادر المعنية أن ينعكس المناخ الاقليمي – الدولي على لبنان الذي قد يدخل في فراغ اذا قررت القوى الخارجية ربطه بمستجدات الإقليم والتريث في إنقاذه من الإفلاس مكتفية بتقديم المساعدات الانسانية لأبنائه، والذهاب إلى رمي كرة النار في يد حزب الله الذي قد يجد نفسه مرغما على تأليف حكومة من لون واحد من شأنها ان تعقد الأمور وتزيد الأوضاع سوءا على المستوى المعيشي والاجتماعي وتقطع الطريق على أي تعاف في الأجل القريب. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى