آخر الأخبارأخبار دولية

هل يمكن اعتبار خسارة اليمين المتطرف “انتصارا مدويا”؟


نشرت في: 25/04/2022 – 15:00

على الرغم من الخسارة التي مني بها في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي أجريت الأحد، حقق اليمين المتطرف الفرنسي انتصارا “مدويا”، وفق وصف مرشحته مارين لوبان. وحصد هذا الصف السياسي بشكل غير مسبوق حوالي 42 بالمئة من الأصوات. وهذه النتيجة تقوي من طموحاته في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران، إذ يرغب في إقامة قوة برلمانية مضادة لماكرون. فهل يتمكن من ذلك؟

حقق اليمين المتطرف الأحد في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، في شخص مرشحته مارين لوبان، إنجازا غير مسبوق. واعتبرت لوبان أنه يشكل “انتصارا مدويا”، على الرغم من خسارتها في هذا الاستحقاق لكن بنسبة عالية من الأصوات التي حصدتها.

وتمكنت لوبان، 53 عاما، من الحصول على حوالي 42 بالمئة من الأصوات، وبالتالي إيصال اليمين المتطرف إلى مستوى تاريخي من الشعبية، ما قد يغير الخريطة الحزبية في البرلمان في الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها في يونيو/حزيران، ويقلص من حظوظ الرئيس المنتخب في الحصول على أغلبية مريحة.

وحققت لوبان نتائج تاريخية في أقاليم ما وراء البحار لاسيما في جزر الأنتيل وغويانا ولا ريونيون ومايوت (59,10%)، على خلفية أجواء تحد للسلطات واحتجاج على الشهادة الصحية.

وصرحت لوبان الأحد أن ما حصدته من أصوات في هذا السباق الرئاسي، يعبر عن “رغبة” بإقامة “سلطة قوية مضادة لإيمانويل ماكرون“. وأعلنت أنه “هذا المساء، نبدأ المعركة الكبيرة من أجل الانتخابات التشريعية”.

بُعد اجتماعي للحملة الانتخابية

وتقلدت لوبان المسؤولية الحزبية في 2011 حين كان حزبها، الذي أسسه والدها جان ماري لوبان، يحمل اسم الجبهة الوطنية قبل أن تغيره إلى التجمع الوطني في 2018. ومنذ تزعمها لهذا التنظيم السياسي الذي ظل يمثل معسكر اليمين المتطرف في المشهد السياسي الفرنسي، حاولت إضفاء صورة جديدة عليه خاصة على مستوى الخطاب في سياق ما يعرف بتبديد شيطنته.

وتجاوز “التجمع الوطني” في الحملة الانتخابية لهذا الاقتراع الرئاسي الموضوعات التقليدية لدى اليمين المتطرف مثل الهجرة والإسلام والأمن، وركز بشكل كبير على القدرة الشرائية، ما ساعده على استقطاب فئات من الناخبين الفرنسيين لا تصوت عادة لليمين المتطرف، وأعطت لوبان بعدا اجتماعيا لحملتها الانتخابية ورفضها بقاء ماكرون في الإليزيه لولاية جديدة.

لكن “التجمع الوطني” لم يبتعد في العمق عن الأفكار التي ظل يروج لها طيلة السنوات الماضية بشأن الملفات التي تعد من “اختصاصه” الانتخابي، وحافظت برامجه على نفس المضمون بخصوص الهجرة والإسلام. وهذا ما تؤكده لوكالة الأنباء الفرنسية الباحثة في معهد العلوم السياسية في باريس سيسيل آلدوي، المتخصصة في دراسة اليمين المتطرف، التي تعتبر أن برنامج لوبان “لم يحِد على الإطلاق عن أسس الجبهة الوطنية مثل الهجرة والهوية الوطنية، إلا أنها اختارت مفردات أخرى لتبريره”.

وتوضح أن لوبان باتت “تهاجم الإسلام وتريد الحد بشكل جذري من الهجرة غير الأوروبية تحت ذرائع العلمانية والقيم الجمهورية، وحتى النسوية”. وخلصت دراسة لمؤسسة جان جوريس نشرت حديثا، إلى أن مواقف لوبان بشأن الهجرة باتت أكثر تشددا.

وتتمسك لوبان بأحد الشعارات التاريخية لليمين المتطرف في فرنسا، وهو ما يعرف بـ”الأولوية الوطنية”، التي تعطي الأسبقية في الاستفادة من جميع الخدمات للفرنسيين أولا قبل المهاجرين، وتريد أن تدرجها في الدستور.

رهان على الانتخابات التشريعية

يراهن اليمين المتطرف مجتمعا، حزبا “التجمع الوطني” و”الاسترداد”، على الانتخابات التشريعية “للثأر” سياسيا من ماكرون، والتي سيخوضها بمعنويات مرتفعة بحكم النتائج التي حصلها في هذه الانتخابات. وقالت لوبان أثناء إقرارها بالهزيمة في الاستحقاق الرئاسي: “نطلق هذا المساء المعركة الانتخابية التشريعية الكبيرة”، وسط تصفيق حار من مناصريها.

وستمر سبعة أسابيع بالضبط إلى حين حلول موعد الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المقررة في 12 حزيران/يونيو، والتي اعتبرها مساء الأحد زعيم حزب “فرنسا الأبية”، يسار راديكالي، جان لوك ميلنشون الذي حل في المركز الثالث في الجولة الأولى، بأنها “دورة ثالثة” للانتخابات الرئاسية.

لكن التحدي الذي يواجه اليمين المتطرف خاصة “التجمع الوطني” هو أنه لا يتمتع بحلفاء في المشهد السياسي الفرنسي بإمكانهم دعمه في الوصول إلى السلطة. فعلى الرغم من تغلغله في المجتمع شعبيا وفق ما تظهر نتائج الانتخابات، إلا أنه لا يشغل سوى ستة مقاعد في البرلمان.

ويبدو تحالف “التجمع الوطني” في الانتخابات التشريعية المقبلة مع حزب “الاسترداد” المحسوب بدوره على اليمين المتطرف صعب التحقق، وإن كان زعيم الأخير إيريك زمور قد دعا إلى تشكيل تكتل بين الطرفين، إلا أن صراعه مع لوبان لا يساعد على بناء سياسي من هذا النوع.

وخسرت لوبان للمرة الثالثة في مسيرتها السياسية انتخابات رئاسية. ولم تفلح في كسر “السد المنيع” الذي يشكله في كل مرة الفرنسيون منعا لانتصار اليمين المتطرف في فرنسا. لكن بحصولها على نتيجة مرتفعة، تضع لوبان عائلتها السياسية وأفكارها الراديكالية بشكل أكبر في صلب الساحة السياسية الفرنسية.

 

فرانس24


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى