آخر الأخبارأخبار محلية

البلوكات الإسمنتيّة في العازريّة “ظلم للتجار”: لا نفع لها

شوارعٌ خاليةٌ من المارّة. حركة سير معدومة. محلات فارغةٌ تماماً. تجارٌ تبدو على وجوههم علامات اليأس وضيق الصدر، يجلسون أمام محالهم وداخلها بسكون. هذا ليس شارعاً في منطقةٍ نائية، بل هو شارع العازرية التجاري في وسط بيروت الذي ضاق عليه الخناق جرّاء إقفاله بالبلوكات الإسمنتية منذ انطلاقة انتفاضة 17 تشرين 2019

يكاد أصحاب المحلات الكائنة في شارع العازرية في وسط بيروت لا يعرفون المكان الذي يجلسون فيه. الشارع الذي كان يضجّ بالحياة، تحوّل اليوم إلى «موقف كبير للسيارات».

كلّ هذا بات من الماضي. الشارع تغيّر كثيراً، وأبرز ما يفتقده: الموظفين والعمّال الذين خسروا أشغالهم. يقول أحد التّجار إنّ أكثر من 70% من موظّفيه قد خسروا وظائفهم بسبب الكساد الحاصل في البيع والشّراء، ما اضطرّه إلى إغلاق أربعة من محلّاته وتسريح الموظّفين بعد خسائر التّشغيل التي طالته من إغلاق الشّارع. يضيف آخر: «أنا اليوم مضطرّ إلى دفع إيجار المحل من مدّخراتي الشّخصيّة كي لا أخسر مصدر رزقٍ بات خسارةً يوماً بعد يوم، لكن إذا استمرّ الوضع هكذا، بالتّأكيد لن أستطيع الصّمود».

استمارات… ولا مساعدات
يلفت التجّار أيضاً إلى «هرب المستثمرين الأجانب» من المنطقة، إذ اجتمعت أحداث 17 تشرين وما رافقها من تكسير للمحلات مع انفجار مرفأ بيروت ليزيدا من حجم المشكلة، فكان إبقاء الشّارع مغلقاً بمثابة الشّعرة التي قصمت ظهر البعير. علماً أنّ أصحاب المحلات لم يُعوّضوا من قِبل الدّولة أو أي طرف آخر، بل أشار التّجار وأصحاب المحلّات إلى أنّ الجمعيّات غير الحكوميّة باختلاف أنواعها تمرُّ أربع مرّات على الأقل بمحلّاتهم شهريّاً منذ انفجار مرفأ بيروت حتى اليوم وتملأ استمارات، من دون تقديم أيّة مساعدات لأصحاب المحلّات في العازريّة.
هذا الواقع دفع إلى تخفيض ساعات العمل، يخبرنا أحد التّجار: «لقد تراجعت ساعات العمل عندنا من 24 ساعة عمل يومياً إلى 10 ساعات بالحدِّ الأقصى لعدم القدرة على تحمّل تكاليف الكهرباء نتيجة الضائقة الاقتصاديّة التي سبّبها إغلاق الشارع، بالإضافة إلى مشكلات أخرى كتسريح الموظفين في الورديّات الليلية، وانخفاض الإنتاجيّة». في المقابل، هناك محلات أصبحت تفتح أياماً معدودةً في الأسبوع بسبب انعدام حركة البيع، ما لا يتناسب مع طبيعة المنطقة التجاريّة هناك.

تراكمت هذه الضّربات وتحوّلت إلى جمود في حركة البيع والشّراء، فالعجلة الاقتصاديّة تكاد تكون شبه متوقّفة لما أصابها من ركود بعدما كانت أسواق بيروت شرياناً مهمّاً في الدّورة الاقتصادية المثمرة في العاصمة كأهم أسواق في المنطقة وأكثرها حضارة، وكانت تُعدُّ روح بيروت الاقتصادية، وتؤمن فرص عمل للطبقات الفقيرة.

التواصل مع الوزراء
لم يقف تجار بيروت مكتوفي الأيدي تجاه خسارتهم الفادحة، بسبب «إغلاق لا سبب له»، فتواصلوا مع وزير الدّاخلية السابق محمد فهمي لكن مكتبه أجّل الموضوع، ثم جرت محاولة للتّواصل مع وزير الدّاخليّة الحالي، إضافةً إلى وزير الأشغال، فلم يلاقوا نتيجة. وأكّد التجّار مجتمعون على فكرة «أنّ لا أحد في الدّولة بهمّه الأمر بتاتاً».
في المقابل، تنفي بلديّة بيروت مسؤوليّتها وترفع الكلفة عن نفسها إزاء البلوكات التي تغلق الشّارع، قائلةً «إنّ هذا أمر يتعلّق بالأمن، ولسنا نحن والمحافظة المسؤولين عن هذه المشكلة»، كما أكّدت أنّها تحتاج إلى مذكّرة من مديريّة المخابرات كي تستطيع أن تُعيد فتح الشّارع مجدّداً.
كما طرحت جمعيّة تجار بيروت المشكلة عند وزير العمل مصطفى بيرم. وبعد تواصل «الأخبار» مع بيرم أكّد أنه سيسعى جاهداً لحلّ هذه الأزمة، وقد تحدّث سابقاً عن هذه المشكلة مع وزير الأشغال علي حميّة، وسوف يتابع بدوره هذا الملف، مؤكّداً أنه لا طائل من إغلاق الشّارع وقتل الحركة فيه.

التّجار اليوم مع أهالي المنطقة يطالبون اليوم بإعادة فتح الطّريق وإزالة العوائق الإسمنتيّة التي لا نفع لها، بعدما انتهى سبب وجودها مع انتهاء أحداث 17 تشرين 2019. ويؤكّد التّجّار إنّ الدورة الاقتصاديّة إذا ما فُتِحَ الطّريق سوف تتحسّن بشكل ملحوظ، وسوف تزيد المبيعات بنسبة 25% من الأسبوع الأوّل بعد الفتح. وسوف تُعيد كثير من المحلّات فتحَ أبوابها ما يؤدّي إلى إعادة ضخ دم جديد في تلك المنطقة. كما أن حركة السّير سوف تجذب العملاء من جديد بعدما أصبح الشّارع موقفاً للسيارات، ما يعني متنفّساً حقيقيّاً للمنطقة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى