آخر الأخبارأخبار محلية

“الخطأ الطبي” جائز وهذا ما ينقصه لا أكثر ولا أقل

للخطأ الطبي قواعد وأصول مساءلة ومحاسبة في كل دول العالم، أما في “جمهورية الأرز السرمدي” فالخطأ الطبي وجهة نظر تتبعها “لو” الشَرطية، و” البقية بحياتكن” أحياناً.
من دون مقدمات، يعطي مصدر حقوقي مثلاً تفصيلياً عن مسار الخطأ الطبي، تعميماً للفائدة لا تكريساً لمبدأ التغاضي عنه:

أصيب شاب بطلق ناري في ساقه عندما كان يلهو بسلاح صيد عن طريق الخطأ، ما استدعى نقله بشكل طارئ الى المستشفى. تم إستدعاء الطبيب الجراح لإجراء عملية بهدف تنظيف وتقطيب الجرح البليغ، وقد تكللت هذه العملية بالنجاح.
بعدها تم نقل المصاب الى غرفة في المستشفى لمتابعة العلاج، حيث قرّر الطبيب الجراح إعطاءه دواءً مضاداً للإلتهابات إختاره من بين أدوية عدة، وطلب من الممرضة إجراء “فحص التحسّس” لهذا الدواء قبل إعطائه للمصاب كونه يعاني من الحساسية.

غادر الطبيب المستشفى وترك الأمر للممرضة التي أجرت فحص التحسّس على الدواء المحدّد وأعطته للمصاب، ثم غادرت الغرفة لتعود بعد فترة وجيزة فتجده قد فارق الحياة، فمن المسؤول عن هذه الوفاة؟ المستشفى أم الطبيب أم الممرضة أم ببساطة القضاء والقدر؟ وما هو حكم القانون؟

الوفاة حصلت بعد أن تعرّض المصاب لنوبة حساسية بسبب
تناوله جرعة من دواء الإلتهابات المعطى له من قبل الممرضة
في المستشفى، أثناء معالجته وبعد إجراء عملية جراحية تكللت بالنجاح.

في هذا السياق، يتحدث المصدر الحقوقي عن أن موجب الطبيب عند معالجته لأي مريض هو موجب “بذل عناية” وليس موجب تحقيق غاية، أي أنه يسعى لشفاء المريض لكنه لا يضمن ذلك، لذا من واجبه أن يتخذ عند ممارسته لعمله أقصى درجات علمه وخبرته ومهنيته في سبيل محاولة شفاء المريض لكنه لا يضمن هذا الشفاء.
أما اذا إرتكب الطبيب أثناء ممارسته العمل الطبي خطأ يتجاوز المعقول، فيجب أن يكون هناك مساءلة قانونية.

الأصول الطبية في الواقعة التي وردت أعلاه كانت تقضي بضرورة إعطاء المريض، بعد العملية الجراحية، مضاداً حيوياً للإلتهابات التي تفشّت نتيجة الجرح، لكن من ناحية أخرى كان يجب إعطاء الدواء الذي ليس له مضاعفات جانبية خطيرة والتي قد تقضي على المريض كما حصل في المثل المُدرَج أعلاه.
فالطبيب الجراح كلّف الممرضة إجراء فحص التحسّس وإعطاء المريض الدواء المناسب ثم غادر المستشفى وترك الأمر للممرضة التي ينقصها العلم الكافي بالرغم من خبرتها، من هنا كان من واجب الطبيب أن يسهر على إجراء فحص التحسّس بنفسه، أو أقله خلال وجوده، ومن ثم أن يسهر، وبمعزل عن نتيجة الفحص، على إعطاء المريض الجرعة وانتظار المدة الكافية لتفاعل الدواء في الجسم كي يتمكن من متابعته عن كثب والقيام بمحاولة إنعاشه في الوقت المناسب بدل أن يغادر المستشفى، خصوصاً أنه من المعروف طبياً، بأنه حتى لو كانت نتيجة فحص التحسّس للدواء سلبية، أي ليس له تأثير على حالة المريض، فمن المتوقع أن يتسبّب الدواء بحصول نوبة حساسية وآثار جانبية خطيرة.

جزائياً، إن فعل الطبيب يدل على قلة إحتراز وعدم مراعاته للأنظمة والقوانين، وهو يقع تحت طائلة قانون العقوبات المادة ٥٦٤ أي التسبب بالوفاة التي تصل عقوبتها الى الحبس حتى ثلاث سنوات، فيكون الطبيب بذلك مسؤولاً عن القتل “غير القصدي” الذي لحق بالشاب، ما يلزمه بالتعويض المادي والمعنوي على أهل الضحية .
أما اذا كانت الدعوى أمام القضاء المدني، فيمكن ملاحقة الطبيب إستناداً الى المسؤولية التقصيرية، نتيجة الخطأ الذي حصل وأدى الى هذا الضرر، وفقاً للمواد ١٢٢ و١٢٣ من قانون الموجبات والعقود، والتعويض سنداً للمادة ١٣٤ وما يليها، أو يمكن ملاحقة الطبيب سنداً الى العقد الذي يربطه بمريضه ،وإلزامه بالتعويضات اللازمة إستناداً الى المادة ٢٩٥ من القانون عينه وما يليها.
هل يمكن تحميل المستشفى أو الممرضة المسؤولية أو جزءاً منها؟
يجيب المصدر الحقوقي بلا، فالممرضة كان عليها تنفيذ أوامر الطبيب، أما بالنسبة الى المستشفى، فإن الطبيب ينفرد بعمله الطبي الفني وهو عمل مستقل ولا شأن للمستشفى بأن تتدخل بعمله، إذ كان من واجب الطبيب متابعة عمله الطبي الى النهاية، لأن مهمته لا تنتهي بإنتهاء العملية الجراحية، بل تتعداها الى متابعة العلاج بكامله تحت إشرافه الى حين زوال الخطر عن المريض، الذي كان يمكن أن يبقى على قيد الحياة لو تمت مراقبته كما يجب وصولاً الى إنعاشه فوراً في حال تدهور وضعه الصحي.
طبيب، ممرضة، طب،مستشفى،جرم،خطأ، جرح،عملية،مريض ، إلتهابات، أدوية،حساسية فحوصات، وفاة،جراحة،شفاء، أصول، مضاعفات، علم، غاية،موجب، تعويض، سجن،تقصير، إهمال ودعوى، هي لائحة إسمية تطول وتتصل كلها بكلمتين ” خطأ طبي” جائز تنقصه المساءلة القانونية لا أكثر ولا أقل.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى