دقّة المرحلة عزّزت الصف الحكومي على أولويّة صندوق النقد
القليلة الفاصلة عن موعد الإنتخابات النيابية، وأن تضامن مكوّناتها قد بات
أمراً محسوماً، وكذلك دينامية العمل فيها قد تجدّدت في الأيام الماضية،
انطلاقاً من واقع وقراءة شبه موحّدة لدى كل الأطراف بأن الواقع العام،
خصوصاً على المستوى المالي والمعيشي، قد تجاوز مرحلة تستطيع فيها الحكومة
المعالجة بشكل سريع، خصوصاً وأن أزمة أوكرانيا والحرب فيها، قد زادت من
مستوى التحدّيات أمام الحكومة التي تحمل في الأساس أعباء عدة، أبرزها في
الوقت الحالي عنوانين، أولهما إجراء الإنتخابات النيابية، وثانيهما توقيع
اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وتجزم المصادر الوزارية نفسها، أن
العنوانين سيسلكان طريق التنفيذ، وليس إقرار قانون «الكابيتال كونترول» في
مجلس الوزراء بالأمس، إلا الدليل على أن قطار الحلّ قد انطلق، ومحطّته
المقبلة ستكون مذكرة تفاهم أولية مع الصندوق، من المفترض أن يتم التوصل
إليها في حال حقّقت جولة المفاوضات التي بدأت يوم الثلاثاء الماضي وتستمر
لإسبوعين النتائج المرجوة.
أما على صعيد العنوان الثاني، فتقول
المصادر الوزارية، أن كل الأطراف السياسية على يقين بصعوبة المرحلة،
وبخطورة ترك التوتر يسود على الصعيد السياسي في ظل الأزمات المتعدّدة
الأوجه التي تُسجّل أمام الحكومة، كما أمام المواطنين. وبالتالي، فإن إجراء
الإنتخابات النيابية، في ضوء هذا الوضع، هو مهمة ضرورية كونها تسمح لأي
حكومة مقبلة بالتفرّغ لاحقاً لمعالجة ووضع خيارات عدة موضع التنفيذ. مع
العلم أن أبرز هذه الخيارات، هو العمل على الإصلاح وتحقيق الإجراءات
المطلوبة من أجل التقدّم باتجاه التلاقي مع متطلّبات صندوق النقد، وتنفيذ
خطة التعافي التي يجري العمل عليها في الوقت الراهن.
أما على صعيد
الحوار الذي بدأ مع صندوق النقد، والذي دخل مرحلة جديدة، فتكشف هذه
المصادر، عن أن النوايا حتى الساعة هي في التوصّل إلى اتفاق مع الحكومة
اللبنانية، مع الأخذ بالإعتبار كل الوقائع التي تُسجّل بشكل يومي على صعيد
الأوضاع المالية والإقتصادية والإجتماعية، وبالتالي فإن كل هذه العناصر،
تدخل في النقاش الذي بدأ أخيراً، لا سيما وأن الطرفين يحرصان على أن تكون
عملية التفاوض شفّافة وواضحة للرأي العام، كما للقوى السياسية كافة، من أجل
أن تكون ردود الفعل لاحقاً متّفقة على كل ما سيتم تناوله في البرنامج الذي
يحرص لبنان على توقيعه مع صندوق النقد للحصول على الدعم المالي المطلوب،
للخروج من الأزمة المالية الحادة.
وإذ تشير هذه المصادر، إلى أن ما
من خلاص للبنان إلا عبر الإتفاق مع صندوق النقد، فهي توضح أن المرحلة
الراهنة، وإن كانت مرحلة انتخابات نيابية وتعبئة شعبوية، لا يجب أن يتم
إغفال مستوى خطورتها، كون لبنان يقف على مشارف حقبة خطيرة وغير مسبوقة في
تاريخه، وتتجاوز تحدّي الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان لعشرات السنين.
وبالتالي،
خلصت المصادر الوزارية ذاتها، إلى توجيه الدعوة لكل الأطراف السياسية في
الحكومة وخارجها، وعلى اختلاف انتماءاتها السياسية والحزبية، إلى عدم
اعتماد أية خطابات إنتخابية تصعيدية، لأن المصلحة الوطنية تصبح أحياناً
مهدّدة بفعل الإنقسامات السياسية والشعارات الطائفية والكلام المذهبي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook