آخر الأخبارأخبار محلية

“حزب الله” يخوض معركة من نوعٍ آخر… هل ينجح بها؟

أفرزت نتائج الانتخابات في العام 2018، وجوهاً نيابيّة قديمة وجديدة، نالت عدداً قليلاً من الاصوات. منها حاز على أرقام محدودة جدّاً، بفضل لعبة الكسور والحواصل في القانون النسبي. فاستفادت كتل نيابيّة من هذا الموضوع، ووسّعت حجمها في المجلس النيابيّ، على الرغم من أنّ مرشّحين آخرين نالوا أصواتاً أكثر، ولكنّهم خسروا. ولعلّ أبرز دليل على هذه البدعة التي نتجت عن قانون الانتخابات، تتمثل بما حصل في دائرة البقاع الاولى، مع فوز النائب إدي دمرجيان عن لائحة “حزب الله” والنائب السابق نقولا فتوش بمقعد الارمن الارثوذكس في زحلة، بـ77 صوتاً فقط. وهي نتيجة، شكلّت علامة لافتة في الانتخابات النيابيّة.

 

ومن المتوقع بحسب العديد من المراقبين، أنّ يتكرّر هذا الامر، أوّلا، بسبب إنخفاض أعداد الناخبين، وبالتالي، نسبة الاقتراع على إثر الازمة الاقتصاديّة والمعيشيّة. وثانيّاً، بسبب عزوف الرئيس سعد الحريري، وتأييد أغلبيّة مناصري تيّار “المستقبل” لقرار عدم المشاركة في الانتخابات.

 

في السيّاق، تجدر الإشارة إلى أنّه وعلى الرغم من قوّة “الثنائيّ الشيعيّ” في مناطق نفوذه، إلّا أنّه يُلاحظ أيضاً أنّ لديه ثغرة في لوائحه المتينة. فالنواب غير الشيعة فازوا معه بعدد قليل من الاصوات، وهو ما يطرح هذا السؤال. هل هناك خطرٌ بخرق لوائح “حزب الله” و”حركة أمل” بسبب هذا الموضوع؟

 

في الاطار عينه، وعند الحديث عن دائرتي الجنوب الثانيّة والثالثة، وبحسب أرقام نتائج العام 2018، فقد اكتسحت لوائح “الثنائيّ الشيعيّ” الانتخابات، وبفارق هائلٍ عن بقيّة اللوائح المقابلة. وقد نال النواب الشيعة عدداً كبيراً من الاصوات. ولكن، في المقابل، حصد النواب المسيحيون، عددا قليلاً من الاصوات. وهو ما يراه مراقبون ثغرة في لوائح “الثنائيّ” يُمكن إستغلالها، لخرق مقاعده، من قبل المجتمع المدنيّ.

 

ويستبعد مراقبون أنّ تقدر قوى التغيير إنّ أحدثت مفاجأة في الجنوب، بالفوز بمقعد شيعيّ. والمعركة هي على مقاعد “الاقليّات”، إنّ جدر تسميتها. فعلى سبيل المثال، نال النائب الارثوذكسي أسعد حردان 3321 صوتاً، في لائحة تضمّ ركنين أساسيين في “حزب الله”، هما النائبان محمد رعد وحسن فضل الله. وقد نال الاثنين مجموعاً يوازي 83517 صوتاً. ويعمل “الحزب”، ورغم قوّته في دائرة الجنوب الثالثة، على زيادة نسب التصويت، لقطع الطريق أمام الطامحين. ولكن، ينصحه مراقبون بتوزيع أصواته الشيعيّة على المرشحين: السنّي، والدرزيّ والارثوذكسيّ، لحسم المعركة الانتخابيّة، وعدم ترك الفرصة سانحة أمام أيّة لائحة مضادّة. ورغم أنّ موضوع خرق لائحة “الثنائيّ الشيعيّ” غير منطقيّ، يُحذّر المراقبون من أنّ تنسحب الازمة الاقتصاديّة على القرى الشيعيّة، وتتدنّى نسبة التصويت، فينخفض الحاصل، وتزيد حظوظ المجتمع المدنيّ بالفوز بمقعد غير شيعيّ، وخصوصاً إنّ اجتمعت بلائحة موحّدة. فقد نالت في العام 2018، 13526 صوتاً في أربع لوائح. ما يعني، أنّها لو اجتمعت، فهي بحاجة لـ4000 صوتٍ لتحقيق خرقٍ تاريخيٍّ.

 

كذلك، في دائرة الجنوب الثانيّة، حاز النائب الكاثوليكي ميشال موسى على 4162 صوتاً، والنائب الشيعيّ علي عسيران على 2203 أصوات فقط، على الرغم من أنّ لائحة “الامل والوفاء” تضّم رئيس مجلس النواب نبيه بري. والجدير بالذكر، أن الحاصل كان حوالى 19 الف صوتٍ، ولائحة “معاً نحو التغيير” التي دعمها الحزب “الشيوعيّ” نالت 11481 صوتاً. ويُشير مراقبون إلى أنّه يجب على قوى التغيير في دوائر الجنوب، التركيز بعد “ثورة 17 تشرين” على المشاريع الاقتصاديّة التي تفضي إلى فرص عملٍ، وتحسين أوضاع المواطنين، وليس التصويب على “حزب الله” و”أمل” وسلاح المقاومة. وبهذه الطريقة، تنال أصوات جديدة، تزيد من فرصها للفوز بمقعدٍ نيابيّ.

 

ويبقى “حزب الله” يواجه مشكلة في المقاعد المسيحيّة في دائرة بعلبك – الهرمل. فمع القانون النسبيّ، أصبحت مهمّته صعبة نوعاً ما في مجاراة “القوات اللبنانيّة” بالاصوات التفضيليّة عن المقعد المارونيّ. ويلفت مراقبون إلى أنّ التشنّج السياسيّ بينه، وبين “القوات”، انتقل إلى مواجهة بينهما في دائرة البقاع الثالثة، وبشكلٍ خاص على النائب المارونيّ. فهو و”التيّار الوطنيّ الحرّ” لا يستطيعان تأمين الفوز بالمقعدين المسيحيين من جهة. وتعمل “القوات” على إعداد مفاجأة في الاغتراب، وزيادة حاصل ثانٍ، لخرق مقعد الروم الكاثوليك. وهو ما لا يستبعده مراقبون، مع الزيادة الكثيفة في أعداد المنتشرين المسيحيين في هذه الدائرة.

 

وكما أنّ “حزب الله” يواجه مشكلة في مقاعد “الاقليّات” في مناطق نفوذه، يجد نفسه أيضاً، في موقع الاقليّ في كسروان – جبيل. وهو يسعى مع “الوطنيّ الحرّ” بالفوز بالمقعد الشيعيّ، وضمّه بعد محاولات كثيرة إلى كتلته النيابيّة. وبحسب مراقبين، فإنّ المقعد الشيعيّ ستحسمه أرقام الحواصل والكسور، تماماً كما حدث في العام 2018. فإنّ فاز “التيّار” فمقعدين مارونيين أو ثلاثة، يكون النائب الشيعيّ من حصّة اللوائح الاخرى. وبالتالي، يفشل “حزب الله”، وخصوصاً إنّ تمثّلت “القوات” أو “الكتائب” بنائبٍ شيعيّ. وتجدر الاشارة إلى أنّ النائب الشيعيّ الراحل مصطفى الحسيني نال فقط 256 صوتاً، بفضل لعبة الكسر، على الرغم من أنّ المرشّح الشيعيّ على لائحة “القوات” محمود عواد نال 787 صوتاً، ومرشّح “الحزب” ربيع عواد 891 صوتاً.

 

إذاً، يخوض “حزب الله” ومعه “حركة أمل” معركة مقاعد “الاقليّات” للحفاظ على حجم كتلتهما النيابيّة، وتنوّعها. والاوّل يعمل بعد انسحاب الحريري، على تعزيز موقعه وحلفائه في الشارع السنّي، للفوز بالاكثريّة النيابيّة، وزيادة تمثيله في مجلس الوزراء، وإيصال رئيس للجمهوريّة من رحم قوى الثامن من آذار.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى