كيف يمكن قراءة تغير الموقف الإسباني اتجاه ملف الصحراء الغربية؟
نشرت في: 21/03/2022 – 18:20
شكل الموقف الإسباني الجديد الداعم للطرح المغربي حول الصحراء الغربية تحولا لافتا في السياسية الإسبانية، التي التزمت نوعا من الحياد اتجاه هذه القضية. وتقترح الرباط خطة حكم ذاتي تحت سيادتها بينما تدعو البوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير. فكيف يمكن قراءة هذا التحول في الموقف الإسباني؟
قررت إسبانيا، وبشكل لافت، التخلي عن موقفها التاريخي الملتزم بالحياد بشأن قضية الصحراء الغربية، لتعلن دعهما العلني وللمرة الأولى لموقف المغرب، معتبرة أن مبادرة الحكم الذاتي المقدمة في العام 2007 من جانب الرباط، “هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع” بين الحكومة المغربية وجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء بشكل تام.
وتقترح الرباط التي تسيطر على ما يقارب 80% من هذه الأراضي الصحراوية الغنية بالثروات ومياهها المليئة بالأسماك، خطة حكم ذاتي تحت سيادتها بينما تدعو البوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير. يذكر أن الصحراء الغربية كانت سابقا تحت الاستعمار الإسباني، لذلك ارتأت مدريد تاريخيا التزام الحياد نظرا لحساسية القضية.
إنهاء أزمة وفتح أخرى
هذا الموقف أتى ليطوي صفحة خلاف بين إسبانيا والمغرب بدأت بعد استقبال مدريد لرئيس جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في نيسان/أبريل 2021 للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا. فبعد هذه الخطوة، شهدت كل من سبتة ومليلة التابعتين للسيادة الإسبانية، تدفق موجات كبيرة من المهاجرين الراغبين بالدخول إلى أوروبا. وقد ربط العديد من المحللين بين موجات الهجرة هذه، والتوتر المغربي – الإسباني.
لكن تزامنا مع عودة العلاقات بين المغرب وإسبانيا، والتأكيدات أن سفيرة الرباط لدى إسبانيا ستعود إلى مدريد، أشعل الموقف الإسباني أزمة جديدة مع الجزائر لحركة البوليساريو. فقد عبرت الحكومة الجزائرية عن غضبها بإعلانها السبت سحب سفيرها لدى مدريد احتجاجا على دعم إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، رغم تأكيد السلطات الإسبانية إبلاغها مسبقا الجزائر موقفها الجديد والتشديد على أنه “بالنسبة لإسبانيا، الجزائر هي شريك استراتيجي ذو أولوية وموثوق نرغب في الحفاظ على علاقة مميزة معه”.
“الرهانات الاقتصادية كانت الأقوى”
في هذا الإطار، أشار أستاذ العلاقات الدولية عبد الرحمن مكاوي إلى أن “إسبانيا أعادت التفكير بسياستها اتجاه المغرب، وقد قدمت تنازلا للحكومة المغربية في ملفات حساسة، وهو ما ذهبت إليه أيضا ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة“.
وأوضح المكاوي أن إسبانيا تنظر إلى أن الصحراء الغربية تتحول إلى “منطقة اقتصادية مهمة”، إضافة إلى أن “مدريد تستفيد من الاستثمارات الضخمة التي ضخت وخاصة في إقليم وادي الذهب وملف الصيد البحري”. لذلك اعتبر مكاوي أن “الرهانات الاقتصادية لمدريد كانت أقوى في اتخاذ هذا القرار التي اعتبرت مفصلية في علاقتها مع المغرب”.
إلى ذلك، لفت المكاوي إلى أن الأزمة الأخيرة أدت إلى عدم التزام الطرف المغربي بمواجهة موجات الهجرة نحو إسبانيا، لكن عودة التوافق بين البلدين سيسمح بإعادة تفعيل التعاون الأمني وسيعود بقوة بوسائل تكنولوجية متطورة.
“ضغط أمريكي غير مباشر على الجزائر”
من جانبه، ربط عضو مؤسس مركز دراسات أحمد بابا مسكي بباريس د. محمد بن خروف الموقف الإسباني الجديد بالتطورات الأخيرة على الساحة الدولية خصوصا بعد اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، “التي تحتم على كثير من الدول أن تحدد قطبها”، معتبرا أن “واشنطن فرضت على بعض الدول الأوروبية أن تحدد موقفها إذا كانت إلى جانبها أو إلى جانب روسيا”.
كما رأى بن خروف أن “إسبانيا تحاول بدورها الضغط على الجزائر لتغير موقفها وتنضم إلى القطب الغربي، خصوصا بعد زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان إلى الجزائر، لبحث إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز الذي يمر إلى إسبانيا عبر المغرب، وهو الأمر الذي لم تقبله الجزائر”، وفقا لخروف الذي فسر الموقف الإسباني على أنه ضغط أمريكي غير مباشر على الجزائر.
يذكر أن خطي غاز يربطان إسبانيا والجزائر: خط “ميدغاز” الذي يربط مباشرة بين البلدين، أما الثاني “خط غاز المغرب العربي – الأوروبي” فيمر عبر المغرب، وقد قررت الجزائر عدم تجديد عقد تشغيل هذا الخط مع المغرب الذي انتهى في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ولفت بن خروف إلى أن “تداعيات الحرب الأوكرانية قد تنتقل إلى أماكن أخرى في العالم، قد تكون الصحراء الغربية واحدة منها”.
فؤاد المطران
مصدر الخبر
للمزيد Facebook