آخر الأخبارأخبار محلية

العناوين السياسية تتقدم الشؤون المالية والاجتماعية انتخابيا و” المعركة وجوديّة”

انتهت المرحلة الأولى من مراحل الإنتخابات النيابية، وهي مرحلة الترشيحات، ما يسمح بالإنتقال إلى المرحلة الثانية في نيسان، وهي مرحلة إنتهاء مهلة تشكيل اللوائح. ومع هذه المرحلة تصبح الصورة أكثر وضوحًا، ويصبح في الإمكان، والى حد بعيد، توقّع النتائج ورسم الخارطة النيابية الجديدة وتوّزع القوى فيها. 

 وفي إنتظار هذه المرحلة، فإن “بانوراما” الترشيحات تساعد كثيرًا على إستنتاج الخلاصات التالية: 

أولًا، تنامي ظاهرة الإقبال على الترشح، إذ أقفل باب الترشيحات على رقم 1043، وهو رقم تجاوز رقم انتخابات 2018( 976)، وهو الرقم الأعلى الذي يُسجل منذ إتفاق الطائف. 

ويُستدّل من هذا الإقبال من قبل قطاعات ومجموعات غير حزبية أنها إنعكاس لرفض الواقع ورغبة في تغييره. 

ثانيًا، إن كثرة المرشحين في صفوف المجتمع المدني ومن خارج الأحزاب يؤشّر الى وجود حماسة انتخابية وتحيّن لفرصة تغييرية سانحة وممكنة، خصوصًا إذا توصلت قوى التغيير على توحيد رؤاها ومشاريعها الإنتخابية في إطار مجموعات متجانسة وغير متنافسة، بإعتبار أن هذه الإنتخابات هي إمتحان فعلي لهذه القوى وقدرتها على توحيد اللوائح والمعارك كمقدمة لتوحيد البرامج الوطنية. 

ثالثًا، تتجه الأنظار في شكل رئيسي الى الساحة المسيحية كونها الساحة التي ستشهد أم المعارك وتتحدد في ضوئها الأحجام الجديدة للأحزاب والقيادات والمتغيّرات المستجدة شعبيًا وسياسيًا، ومعها تتحدّد معالم المعركة الرئاسية.  

رابعًا، بعد إنسحاب تيار “المستقبل” من المعركة الإنتخابية إختلطت الأوراق على الساحة السنّية، ترشّحًا واقتراعًا. وتعدّى الأمر هذه الساحة ليصل إلى مضمون التحالفات الإنتخابية السابقة التي كانت قائمة بين “المستقبل” و”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” في بعض المناطق، والحزب التقدمي الإشتراكي، وحتى مع حركة “أمل” في دائرتي صيدا وجزين. وهذا الغياب فرض حالًا من الضياع والتشرذّم مسيحيًا ودرزيًا. 

خامسًا، تُضاف إلى هذه العوامل خصوصية الساحة الدرزية التي لم تكن في السابق محط أنظار لإنتفاء المفاجآت فيها، ولأنها كانت الأكثر إستقرارًا وتماسكًا. ولكن الوضع قد تغيّر في هذه الإنتخابات، وبات الوزير السابق وليد جنبلاط يواجه ما يُسّميه “حرب إلغاء”، أو على الأقل “معركة تحجيم” سياسي له من باب الإنتخابات، وتقليص حجمه النيابي ونفوذه السياسي. 

 سادسًا، على رغم خطورة الأزمة الإقتصادية والمالية وتداعياتها الإجتماعية والمعيشية نلاحظ حتى الساعة أن هذه الأزمة لا تحتل صدارة الحملات الإنتخابية، وإنما تراجعت في موازاة تقدم العناوين السياسية، الى درجة جعلت “حزب الله” مثلًا يخوض المعركة بشعارات سياسية واضحة المعالم ضد “النفوذ الأميركي في لبنان وحلفاء سفارة عوكر”، فيما يخوض خصوم الحزب معركتهم ضد “الإحتلال الإيراني للبنان”.  

سابعًا، لم تعد هذه الإنتخابات معركة إثبات وجود أو تكريس شرعية شعبية وسياسية فحسب، وإنما أضفي عليها طابع “المعركة الوجودية”. وعلى هذا الأساس يتصرف الجميع في خطابهم السياسي الذي ذهب الى أقصى درجات التعبئة، على خلفية أنها انتخابات مفصلية وحاسمة. 

 

ثامنًا، حدّدت الأحزاب السياسية الأساسية أهدافها في هذه الإنتخابات على النحو التالي:  

-“التيار الوطني الحر”: الحّد من الخسائر والمحافظة على كتلة وازنة بدعم فعلي وقوي من “حزب الله”. 

– “القوات اللبنانية: إحراز أفضل نتيجة وتصّدر التمثيل المسيحي، وفي أقل تقدير الحفاظ على الحجم الحالي.  

– الحزب التقدّمي الإشتراكي: حيازة أكثر من نصف المقاعد الدرزية على الأقل، وحيازة كتلة نيابية لا تقل عن ثمانية نواب. 

-“حزب الله” وحركة “أمل”: تحديد ثلاثة أهداف، وهي: عدم حصول أي خرق في أي مقعد شيعي، أي الحصول على الـ27 مقعدًا لـ”الثنائي” بالكامل، والتشجيع على أعلى نسبة مشاركة شيعية لا تقل عن الـ55 في المئة، والحفاظ على الأكثرية النيابية الحالية. 

بهذه المشهدية تبدأ مرحلة جديدة، على أن تحدّد التحالفات التي بدأ بعضها يظهر إلى العلن، تمهيدًا لمشهدية أوسع لما هو آتٍ، وهو على ما يبدو لا يحمل في طياته مفاجآت كثيرة. 

  

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى