الحرب في أوكرانيا تهدد سكان أفريقيا بالمجاعة والفقر وغلاء الأسعار
نشرت في: 18/03/2022 – 16:40
مع دخول الحرب الأوكرانية أسبوعها الرابع، تفاقمت التداعيات الاقتصادية في أفريقيا من نيجيريا إلى مالاوي، ما يثير مخاوف من انتشار الفقر وتفشي المجاعة خاصة في ظل ارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد الأولية الزراعية والأسمدة والحبوب المستوردة، والنفط والغاز.
بعد نحو أربعة أسابيع من بدء الحرب في أوكرانيا، بدأ الأفارقة يشعرون بتأثير التداعيات الاقتصادية للأزمة عليهم، فارتفعت أسعار الوقود والحبوب والأسمدة في القارة السمراء، من نيجيريا إلى مالاوي، ما يثير مخاوف من تفاقم الفقر فيها.
وارتفعت أسعار النفط العالمية إلى مستويات لم تسجّلها طيلة عقد تقريبًا، متجاوزة 100 دولار للبرميل بعد وقت قصير من هجوم روسيا على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، ما وجه ضربة قوية للعديد من الشركات جنوب الصحراء.
وللتذكير، تُعَدّ كلّ من أوكرانيا وروسيا من الموردين الرئيسيين للقمح والحبوب لأفريقيا، بينما تعتبر روسيا منتجًا رئيسيًا للأسمدة.
وحسبما تفيد مكاتب وكالة الأنباء الفرنسية المنتشرة في القارة الأفريقية، بدأ تأثير الحرب والعقوبات الغربية على روسيا يُترجم إلى ارتفاع بأسعار المواد الأولية الزراعية والحبوب المستوردة.
فالخبّاز جوليوس أديوالي من لاغوس، يعتبر أن أزمة ارتفاع سعر الوقود كارثة. وباتت شبكة الكهرباء الهشّة في نيجيريا تزوّد مؤخرًا السكان بساعات قليلة من التيار الكهربي يوميًا، ما أجبر أديوالي على الاعتماد على المولّدات التي تعمل بالديزل لتوليد الطاقة، غير أن سعر الأخير يرتفع أيضا.
وفيما كان الموظّفون في المخبز يكدّسون أرغفة الخبز، قال أديوالي: “لا ضوء منذ الأمس ونحن نعمل باستخدام كهرباء المولّد”. وأضاف “زادت تكلفة الإنتاج بشكل كبير جدًا”.
ونيجيريا هي أكبر منتج للنفط في أفريقيا وأكبر اقتصاد فيها، لكن طاقة تكريرها قليلة. وتدعم الحكومة تكلفة البنزين، غير أن الديزل ووقود الطائرات يُباعان بسعر السوق.
ومن جهتها، حذّرت عدة شركات طيران محلية هذا الشهر من أنها مضطرة لإلغاء رحلات جوية عدة بسبب شحّ في الوقود للطائرات. وكان الديزل يُباع في نيجيريا بنحو 300 نيرة نيجيرية (0,72 سنتًا) للتر الواحد، لكنه أصبح الآن يُباع بـ730 نيرة (1,75 دولارًا) للتر.
وأمام هذا الوضع ، قال الرئيس الإقليمي لاتحاد المصنعين النيجيريين لانري بوبولا لوسائل إعلام محلية “لا أعلم كيف سنتأقلم لأن 70% من الأعمال تجري باستخدام الديزل”. وتابع “تعمل بعض الشركات أيضًا لساعات محدودة على الديزل لأنها لا تستطيع تحمّل تكلفة مولّدات طيلة اليوم”.
“الحرب في أوكرانيا تعني الجوع في أفريقيا”
وتعتبر المحللة في مجموعة “يوريجا غروب” لتحليل المخاطر السياسية آماكا أنكو أنه في حال استمرت الأزمة؛ فستخسر الدول الأفريقية التي تعد من كبار المستوردين للوقود والحبوب، فيما سيربح مصدّرو هذه السلع.
وتشير إلى أن هناك أيضًا دولًا مثقلة بالديون مثل غانا ستعاني من ارتفاع تكاليف الاقتراض مع انخفاض اندفاع المستثمرين للمخاطرة.
وقد يستفيد مُنتجو الغاز مثل تنزانيا والسنغال ونيجيريا من تحرّكات أوروبا لإنهاء الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية، حسبما ترى دانيال ريسنيك من معهد بروكينغز للأبحاث. لكنها تعتبر أن التحدّي المباشر هو معاناة العائلات الأفريقية التي يكافح الملايين منها لتأمين معيشتها.
ومن جانبها، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا الأحد: “الحرب في أوكرانيا تعني الجوع في أفريقيا”. وسيفاقم ارتفاع الأسعار انعدام الأمن الغذائي في إثيوبيا التي تشهد نزاعًا والتي يعيش فيها نحو 20 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية.
تضخّم متفاقم
وتفيد مكاتب وكالة الأنباء الفرنسية بأن التضخم يزداد في أنحاء كثيرة من القارة الأفريقية.
وفي كينيا، بات شوال دقيق القمح يُباع الآن مقابل 150 إلى 172 شلن كيني (1,3 إلى 1,5 دولار أمريكي)، مقارنة بأقل من 140 شلن في شباط/فبراير.
وعادة ما يحصل ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا جنوب الصحراء على خُمس وارداته من القمح من روسيا و10% أخرى من أوكرانيا، بحسب الحكومة. وفي العاصمة الأوغندية كمبالا، تسببت الأزمة الأوكرانية بارتفاع أسعار الصابون والسكر والملح وزيت الطهي والوقود.
وصرح وزير المالية الأوغندية دافيد باهاتي: “إن معظم السلع الأساسية منتجة محليًا لكن بعض المكونات مستوردة وتتحدد أسعارها بفعل الصدمات في الأسواق الدولية”.
وتشير ريتاه كاباكو (41 عامًا) وهي مساعدة في متجر في كمبالا: “تنفق عائلتي المكوّنة من أربعة أشخاص معدّل 5,000 شلن لتوفير الطعام والأساسيات، لكن لم يعد ذلك كافيًا … أصبحت أنفق الآن أكثر من 10,000 شلن”.
“ضحايا كلّما اندلعت حرب”
ومع تحذيره من التضخم الناجم عن الأزمة في أوكرانيا، رفع البنك المركزي في موريشيوس سعر الفائدة الرئيسية إلى 2%، في أول ارتفاع منذ العام 2011. وذكر رئيس الحكومة في موريشيوس برافيند كومار جوغناوث في خطاب متلفز “من المؤسف أنه، بعد أن صفت السماء بعد كوفيد-19، ظهرت غيوم إضافية”.
وفي العاصمة الصومالية مقديشو، ارتفعت أسعار الوقود وزيت الطهي ومواد البناء والكهرباء. وصرح التاجر محمد عثمان “قبل أسبوع، كان سعر غالون زيت الطهي من 20 لترًا 25 دولارًا، واليوم أصبح 50 دولارًا. وكان سعر لتر البنزين 0,64 دولارًا واليوم يبلغ 1,80 دولارًا. إنه أمر جنوني”.
وفي جنوب القارة الأفريقية، ارتفعت أسعار الخبز وزيت الطهي في مالاوي بمعدل 50%. وذكر فاتساني فيري، وهو مدقق حسابات كان يشتري الخبز في العاصمة ليلونغوي، “هذه الحرب لا تعنينا وليس من العدل أن ندفع مثل هذا الثمن الباهظ”. وتابع: “لا يمكننا أن نكون ضحايا كلّما اندلعت حرب في مكان ما في العالم”.
فرانس24/أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook