لا متدرّجين ولا حسابات.. قدر بـ “لا قضاء”؟
ماذا عن المحامي العالق بين دعوى مؤجلة، ومواطن فقد قدرته الشرائية؟ المسألة أعمق حتى من لقمة عيش “مغمّسة” بالدم، بل هي قياس مسار عمل المحامي بورقة بيضاء وحبر مفقود وطابع يباع في السوق السوداء بالإدارات الرسمية. أحوال هذه المهنة المنسوجة بعوامل خارجية حوّلت المحامي إلى “ذليل” السلك تماماً كالقاضي الذي يتقاضى ما يوازي مئتي دولار راتباً شهرياً. هكذا يخضعان معاً لبيروقراطية الدولة، دون مذكرة إخضاع. هذا بالنسبة إلى محيط عمل المحامي خارج المكتب. أما في المكاتب، فقد دخل معظم المكاتب الكبرى في كسروان والمتن وجبيل، مرحلة ترشيد الإنفاق وتشحيل الموظفين كما سائر القطاعات. من هنا يميل معظم المحامين إلى عدم الاستعانة بمحامين متدرجين جدد، بسبب العجز عن تأمين نفقات عملهم وتغطية ولو جزء صغير من مصاريفهم الشخصية. وهذا ما يبرر تقلّص عدد مكاتب المحامين في نقابتهم بنسبة 20% فإما تدمج المكاتب أو يستحوذها مكتب أكبر منها.
سياسة التقشّف في المكاتب، المرتبطة بتقشّف الدولة، التي دفعت الإدارات كلّها المتأثرة بالسلك القضائي إلى الانتقال من إضراب إلى إضراب، خفّضت بنظر المحامي عبدو غصوب (متن) من قيمة الـ15 مليون ليرة التي يمكن أن يتقاضاها كبدل أتعاب، بحيث لم تعد تكفي بضعة أيام على سعر صرف الليرة اليوم.
الحلقة المفرغة التي يدور بها غصوب كما سائر زملائه، حلّها “بتشريج” المقتدرين من الزبائن بالدولار أو القبول بالتقسيط متحوّلاً بذلك إلى مصدر دخل، متخلياً عن الشيكات التي لم يعد معترفاً بها. يسيّر أموره بمبالغ ترسل إليه كبدل أتعاب لاستشاراته عن بعد إلى خارج لبنان، والتي تذهب أيضاً كثمن برامج لتحديث معلوماته ليواكب تطوّر المهنة.
هذا التطوّر المفقود في سجلّات المحاكم وإدارات الدولة دفع المحامي شربل حكيم (كسروان) إلى الاتكال على مدّ شبكة علاقات مع موظفي هذه الإدارات، لينسّق دوام زيارة الإدارة مع دوامهم بهدف توفير البنزين، الذي إن صرف هباء، يضاف على فاتورة الزبون.
الانفتاح على الأسواق الخارجية ليس الحلّ الوحيد المعتمد بين المحامين، بل أيضاً هناك فرص عمل جديدة ظهرت مع وجود ثغرات في النظام المصرفي لزيادة المدخول، إذ على حدّ توصيف ماريو (جبيل) نوعية الدعاوى تغيّرت مع الأزمة الاقتصادية والجديد بها هي تلك التي تحصل مع المقترض من المصرف، الذي يصرّ على تسديد الدين كاملاً على سعر الصرف الرسمي السابق، كما هناك دعاوى بسبب الودائع.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook