بين الزعامات والبطريركية… أي دور ممكن للرابطة المارونية؟
وبغض النظر عن النتائج التي لا يمكن التعويل عليها، نظرا لأن الأرقام غالبا ما يتحكم بها القانون الانتخابي بالاضافة الى سلة متغيرات قد يتم قياسها عبر نسبة الاقتراع او الصوت التفضيلي او غيرها من المؤشرات التي يبنى عليها لفهم بنية الشارع المسيحي.
وبعيدا عن هذه المعطيات، تأتي انتخابات الرابطة المارونية، التي من المفترض ان تتم في التاسع عشر من الجاري، لتضيف استحقاقا على الاستحقاقات الكثيرة التي تزدحم على “أجندة” الطائفة المارونية.
وفي هذا الاستحقاق تتنافس 3 لوائح مكتملة وموزعة بشكل يتماهى بنسبة كبيرة مع التركيبة السياسية المارونية الحالية وبالتالي يمكن الحديث عن تنافس واضح المعالم بين القوى المسيحية الأساسية التي سبق لبكركي ان حددتها عبر طرحها مفهوم “الأقطاب المارونية”.
وبشكل أساسي، يخوض “التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” هذه المعركة بالاضافة الى بقية الأطراف السياسية التي لا تقل أهمية وحضورا عنهما.
واللوائح الثلاثة (“موارنة من اجل لبنان” للمحامي بول كنعان، ولائحة “التجذر والصمود” للسفير خليل كرم، و”رابطة لبكرا” لرجل الأعمال غسان الخوري) تهدف الى خدمة المجتمع الماروني ومعه المجتمع اللبناني بشكل عام، نظرا لان الرابطة ومنذ تأسيسها سعت لأن تلعب دورا وطنيا يحاكي الدور الريادي للموارنة.
وفي هذا الاطار، اكد مصدر مطلع على اجواء انتخابات الرابطة المارونية لـ “لبنان 24” أن “ما يبدو لافتا هو الجوّ التنافسي العائد الى صفوف الرابطة والذي كان قد غاب عن انتخاباتها لاكثر من 10 سنوات، فأجواء التنافس والديمقراطية التي تشبه طبيعة الانسان الماروني عادت الى صلب الرابطة.
من هنا لا يمكن توقع ما سينتج عن انتخابات الرابطة ولا يمكن تحديد الفائز، اذ ان العملية الانتخابية هي نخبوية بامتياز، والناخب في الرابطة على الرغم من انتمائه السياسي والحزبي والمناطقي، يبقى ما يميزه هو قدرته على حسن الاختيار وفقا لعدة معايير ينتقيها عن ادراك ومعرفة دقيقة.
لذلك وعلى الرغم من الصبغة السياسية التي تسيطر على اللوائح، وعلى الرغم من الحديث عن رص صفوف للصوت الماروني المعارض، وتوزيع محتمل للصوت الماروني الموالي، فانه لا يمكن التكهن بشكل دقيق ما ستؤول اليه الأمور، كما لا يمكن الحديث عن نفس معارض وآخر موال بما تحمل الكلمتان من معنى دقيق، اذ ان طبيعة اعضاء الرابطة تجعلهم يتمتعون بهامش لا بأس به من الحرية في خياراتهم”.
ويضيف ” انتخابات الرابطة المارونية لهذه الدورة تتميز بحضور اسماء وازنة وفاعلة على أكثر من صعيد، كما تتميّز بامكانية الوصول الى مجلس تنفيذي متنوّع، يبعد الصبغة السياسية عن المجلس التنفيذي، كما من المتوقع ان يقدم المجلس الجديد على حلّ مجموعة من المشاكل التي عرفها المجلس الحالي والتي ظهرت الى العلن عبر بعض الاستقالات وبعض الدعاوى القانونية”.
ويستبعد المصدر ان ” يكون لانتخابات الرابطة تأثير مباشر على الانتخابات النيابية المقبلة” معتبرا ان ” لهذه الانتخابات خصوصيتها ولا يمكن اعتمادها كمؤشر عن الجوّ الماروني العام في البلاد”.
اذا، في زمن الصوم الكبير الذي تنتهجه الكنيسة المارونية وفي زمن كثرة الكلام والخطابات الذي ينتهجه اهل السياسة من الموارنة، تطل انتخابات الرابطة المارونية، لتطرح علامات الاستفهام حول الدور الممكن لهذه الرابطة، فانشغال الرابطة في السنوات الماضية بتقديم مساعدات عينية ومادية وحصص غذائية لبعض الموارنة وعلى الرغم من اهميته يبدو غير كاف، لا بل يبدو خارجا عن متطلبات الأزمة الحياتية الحادة.
من هنا، لا بد للمجلس الجديد من ان يرفع نظره ليرى ويلتمس حاجات الموارنة الفعلية، فهم وعلى الرغم من تمسكهم بالحياة، يعانون كغيرهم من الأزمة الاقتصادية ومن غير المجدي القول ان الرابطة لا يمكن ان تحلّ مكان الدولة، ففي وقت الأزمات ان لم تثبت الروابط الجدوى من وجودها يصبح السؤال عن استمراريتها ضروري وأكيد.
كما لا بد للمجلس الجديد ان يرفع نظره ويوسع دائرة اهتمامه فيدرك ان للموارنة انتشارا أبعد بكثير من الدائرة الجغرافية المحاذية للصرح البطريركي.
ولا بد للمجلس الجديد من أن يعرف انه سيكون مجلسا لرابطة تشهد صفوف طائفتها الشابة اكبر نزف عبر تاريخ لبنان الكبير متمثلا بأعداد كبيرة من المهاجرين وطالبي وراغبي الهجرة.
وفي انتظار التاسع عشر من أذار وما سيقدم للرابطة والموارنة، يبقى ان نستعيد المقولة الشهيرة التي مفادها أن ” دور بكركي يتقدم عند تزعزع حضور القيادات المارونية والعكس صحيح، نسترجع هذه المقولة لنسأل عن الدور الممكن للرابطة في ظل وجود بكركي والزعامات المارونية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook