آخر الأخبارأخبار محلية

عوده: إلهاء الشعب بصغريات الأمور جل ما يقوم به المسؤولون لتمرير مصالحهم

 ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
 
بعد الإنجيل، ألقى عظة دينية، وتابع في كلمته: “التقوى هي الإيمان والحياة المرتبطان بسر التجسد الإلهي. والإنسان الصادق في تقواه، التي تنعكس في حياته محبة وتواضعا وتضحية وخدمة، هو المستقيم الرأي. فإذا اقتصر الاهتداء إلى الأرثوذكسية على التشبه الظاهري بالأشكال التراثية للتقوى، وباستعادة الإنتاجات الفنية الماضية من دون اشتراك جوهري في سر الكنيسة، نكون أمام “ثقافة أرثوذكسية” ناقصة وسطحية. فإذا أعيد مثلا إحياء الفن البيزنطي أو الترتيل البيزنطي بمعزل عن جو الصلاة الخشوعي وعن إرشاد الآباء الشافي، يصبح هذان صورتين عن الماضي لا حياة فيهما ولا قوة، يدلان على الروح المحافظة، ولا يكونان تراثا حيا. إلى ذلك، نجد في الأيقونة والترتيل تعبيرا عن لاهوت الكنيسة كله وعن حياتها. إنهما فنان لاهوتيان نسكيان، لذلك يتطلبان جهدا كبيرا من الناظرين والسامعين. فإنشاد التسابيح ليس هدفه إطراب الناس، بل تليين النفس وإخماد الأهواء، لكي يكتسب الذهن قدرة أوفر على إدراك المعاني الروحية. كذلك الأيقونة، بالصوم الذي تفرضه على العين، تريد أن تميت شهوة اللذات الحسية الدنيوية، وأن توفر، من خلال القديسين، نور حياة أخرى، هي حياة المسيح الذي يصوره الروح القدس في قلوب المؤمنين. إن مركز نمو الحياة المستقيمة الرأي هو قلب الإنسان. وفي القلب المتواضع الذي لا غش فيه تنتصر هذه الإستقامة، لأن فيه يتجلى الله، ويسترجع صورته الساقطة في الإنسان. الحياة المستقيمة الرأي طاعة لوصايا المسيح، ومشاركة في نعمة الأسرار، هدفها انعتاق الإنسان الداخلي من أسر الأهواء، إضافة إلى انعتاق الذهن من الكبرياء والمكر، عله يصبح متواضعا لا يعرف الشر”.

  
وقال: “عيدنا في الأيام الماضية للمعلم، هذا الإنسان الذي يعمل جاهدا من أجل تعليم الأجيال وتغذيتهم بأفضل العلوم، وتنمية مواهبهم وحسهم الوطني والنقدي. لولاه ما استطاع الأهل ولا المسؤولون إيصال أبنائهم إلى المستوى العلمي الرفيع، الذي يقود خطاهم إلى الإبداع والعالمية. وفيما المعلم يقوم بدوره، نجده يعاني كما جميع اللبنانيين صعوبات جمة، ونراه مجبرا على الإعتصام والإضراب من أجل الحصول على أدنى مطالبه، فيما خيرات البلد مهدورة ومنهوبة وليس من يحاسب، وتلاميذ المدارس الرسمية خاصة، وطلاب الجامعة اللبنانية يدفعون الثمن. إن إعادة النظر في التعليم الرسمي، وتنظيمه، وتطويره، وإبعاده عن التجاذبات السياسية والطائفية، وجعله قبلة جميع الطلاب كما في العالم، ضرورة ملحة في أيامنا الصعبة. ألا بارك المعلم الأعظم، ربنا يسوع المسيح، جميع المعلمات والمعلمين، ومنحهم القوة والصبر من أجل متابعة رسالتهم في سبيل خير الإنسان، في بلد لا يضع الإنسان في  أول اهتماماته”.

 
أضاف: “منذ أيام عيدت المسكونة ليوم المرأة العالمي، وفي حين تكرم المرأة عالميا، نجدها فاقدة للكثير من حقوقها في بلدنا أو معنفة ومقموعة. فالمرأة، التي تنشئ الأجيال وتزرع فيها الإيمان والمحبة والأخلاق والفضائل، وتنمي فيها حب الوطن وحب الآخر، مبعدة عن مراكز القرار، وفي بعض الأحيان محرومة من فرصة التعلم أو العمل، وفي معظم الأحيان فاقدة فرصة المساواة في الأجر أو في الحقوق. ألا تستحق منحها دورا قياديا في هذا البلد الذي أفسده الرجال؟ لنتذكر الدور الأهم الذي قامت به المرأة الأسمى من جميع المخلوقات، سيدتنا العذراء مريم، وهو أن تكون والدة للإله. فإذا كان الله أمن امرأة من أرضنا على تربية ابنه الوحيد، ألا يستطيع البشر من الرجال ائتمانها على حقيبة وزارية أو مقعد نيابي أو مركز قيادي؟”
  
وقال: “سئلت فتاة صغيرة: “هل أنت مسيحية أم مسلمة؟” أجابت باكية: “أنا جائعة”. هم المواطن أن يعيش بسلام وأمان، وأن يطعم أولاده ويعلمهم في جو صحي خال من التضليل والتحريض والترهيب، وأن يحظى بكل حقوقه في وطن يحترم مواطنيه ويعاملهم بالعدل والمساواة، وألا يموت على طرقات مظلمة تفتقر إلى أدنى شروط السلامة، وألا يفجر وهو جالس في بيته أو يفقد طفله برصاصة طائشة. هم المواطن أن يكون من اختارهم لتمثيله أمناء على حقه، لا أمناء لمصالحهم وحقوقهم. همه أن يرى بلده حضاريا ومتطورا وصديقا لبلدان العالم، لا يتدخل في شؤونهم ولا يسمح لهم بالتدخل في شؤونه. هم المواطن أن يعيش بكرامة هي حق كل إنسان. على المسؤولين أن يتذكروا قول الرب: “الحق أقول لكم، بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتموه” (مت 25: 40). جل ما يقوم به المسؤولون هو إلهاء الشعب بصغريات الأمور من أجل تمرير مصالحهم. أين أصبح التحقيق في تفجير المرفأ؟ أين محاسبة المحتكرين؟ أين الكهرباء؟ أين أموال الناس التي اكتسبوها بعرق جبينهم وحرمهم الفساد وسوء الإدارة منها؟ أين محاربة الفساد والفاسدين؟ أين إصلاح الإدارات العامة؟”

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى