“تيندر” و”إيليز” وتطبيقات أخرى لحث الشباب الفرنسي على المشاركة في التصويت
نشرت في: 13/03/2022 – 18:07
قبل أقل من شهر من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في 10 أبريل/نيسان المقبل، تعمل بعض التطبيقات مثل “تيندر” و”إليز” وأدوات إعلامية أخرى لحث الشباب على المشاركة في عملية التصويت. يأتي ذلك في وقت ازدادت المخاوف من ارتفاع نسبة المقاطعة وسط هذه الفئة من المجتمع كما كان عليه الحال خلال انتخابات 2012 و2017. فهل ستنجح هذه التطبيقات في إقناعهم بضرورة التصويت بعدما فشل جل السياسيين والمرشحين؟
تميزت الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي نظمت في 2012 و2017 بعزوف كبير للناخبين، لا سيما لدى فئة الشباب. فيما عرفت الدورات الأولى من نفس هذه الانتخابات نسبة كبيرة من المقاطعة بحجة أنها لا تغير من الوضع الاقتصادي والاجتماعي شيئا.
من جهة أخرى، أظهرت دراسة قام بها المعهد الوطني للإحصائيات أن أقل من شابين من أصل عشرة صوتا في 2017 في جميع الدورات سواء كان خلال الانتخابات الرئاسية أو التشريعية.
وللحيلولة دون تكرار هذا السيناريو “الأسود” في الانتخابات الرئاسية التي سيتم اجراؤها في 10 و24 أبريل/نيسان المقبل، وهو ما يمكن أن يضعف الديمقراطية في فرنسا بشكل أكبر، تم إطلاق تطبيقات عديدة لتوعية الشباب على ضرورة التصويت والمشاركة في الحياة الديمقراطية عبر هذه العملية.
فمنذ 17 فبراير/شباط الماضي ولغاية 8 أبريل/نيسان المقبل، وحدت كل من الشركة التي أطلقت تطبيق “تيندر” الأمريكي المخصص للتعارف والعلاقات الغرامية على الإنترنت والمنظمة غير الحكومية “لقد صوت” جهودهما وقامتا بإطلاق حملة إعلامية لحث الشباب على تسجيل أسماءهم على القوائم الانتخابية والتصويت في الانتخابات. فيما اعتمدت الحملة على شعار “إذا كنت تشارك في لقاءات للتعرف على أناس جدد قرب منزلك، فعليك إذن أن تنتخب قرب منزلك”.
العزوف عن التصويت، خلل ديمقراطي كبير
بشكل ملموس، عندما يتصفح مستخدمو تطبيق “تيندر” لمشاهدة صور البنات أو الرجال الذين سجلوا أنفسهم في هذا التطبيق، يظهر فجأة إعلان على الصفحة وعلى شكل شريط فيديو حول موضوع الانتخابات الرئاسية.
وفي حال أراد مستخدم التطبيق التعرف أكثر على هذا الموضوع، فبإمكانه التوجه مباشرة إلى موقع المنظمة غير الحكومية ” لقد صوت” للحصول على جميع المعلومات التي يبحث عنها. فهذا الموقع (لقد صوت) هو الذي يجمع كل المعلومات المتعلقة بالانتخابات ابتداء من تسجيل أسماء المصوتين في القوائم الانتخابية لغاية يوم التصويت وكيفية التصويت واختيار المرشحين.
هدف هذه الاستراتيجية هو جلب عدد أكبر من الشباب للمشاركة في الانتخابات. وفي تصريح لفرانس24، قالت فلور بلونديل غوبيل الرئيسة المساعدة لمنظمة “لقد صوت”: “مشكل عزوف الشباب عن التصويت في الانتخابات موضوع قديم. نحن نتحدث عنه منذ 40 عاما على الأقل. الانتخابات الإقليمية الأخيرة عرفت مقاطعة كبيرة من قبل الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة. كان بمثابة صدمة كبيرة بالنسبة لنا”.
وتابعت: “حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة بإمكانها أن تعرف نفس المشكلة. فبعض مراكز استطلاعات الرأي تتوقع مقاطعة كبيرة من قبل هذه الفئة. هناك خلل ديمقراطي في فرنسا”.
تطبيق “تيندر” لا يريد أن يتحول إلى أداة سياسية
هذا، وأشارت دراسة أجراها معهد استطلاعات الرأي والتسويق في فرنسا والعالم، وجود إمكانية أن يقاطع 59 بالمئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاما الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ووصفت فلور بلونديل غوبيل الشراكة التي أقامتها المنظمة غير الحكومية (لقد صوت) التي تعمل فيها وتطبيق تيندر بـ”الإيجابية لأن 50 بالمئة من الشباب يستخدمون هذا التطبيق”، مضيفة أن “إدخال مواضيع سياسية وأخرى تتعلق بالانتخابات في موقع مخصص للقاءات بين الشباب أمر جيد وبإمكانه أن ينعش الديمقراطية”.
وليست هذه المرة الأولى التي يقتحم فيها تطبيق “تيندر” عالم السياسة في فرنسا. بل سبق أن شارك في حملات سابقة مثل حملة “الموافقة الجنسية” التي أطلقتها وزارة الصحة الفرنسية السنة الماضية بهدف توعية الشباب بخصوص العلاقات الجنسية وضرورة الحصول على الموافقة قبل الخوض في أية علاقة.
تطبيق “تيندر” شارك أيضا في توعية الشباب الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2020. نفس الشيء وقع أيضا في ألمانيا في 2021 والبرازيل في 2018 وبريطانيا في 2019. لكن على الرغم من ذلك تجب الإشارة إلى أن تطبيق “تيندر” لا يريد أن يتحول إلى تطبيق يهتم بالقضايا السياسية.
شبح مقاطعة الانتخابات الرئاسية لا زال واردا
وإضافة إلى تطبيق “تيندر”، تم إطلاق تطبيق آخر في فرنسا يدعى “إليز” لنفس الغرض ألا وهو توعية الشباب بضرورة التصويت في الانتخابات حسب توماس فيتيلو، أستاذ في العلوم السياسية بمعهد الأبحاث في معهد العلوم السياسية بباريس.
وقال فيتيلو لفرانس24: “كل هذه الأدوات التي غالبا ما تطلقها جمعيات غير حكومية وجامعيون ووسائل إعلام تهدف إلى مساعدة الناخبين في ترويض كل المعلومات التي يمكن الحصول عليها خلال الحملة الانتخابية وفهمها بشكل جيد والتعامل معها”.
من جهته، أضاف ستيوارت شو، مدير الدراسات السياسية والاجتماعية في معهد “فيافوس” لسبر الآراء أن: “ظهور هذه التطبيقات والأدوات الإعلامية الجديدة يبرهن بأن هناك رغبة في سد الفجوة الموجودة بين الشباب والسياسة”، منوها إلى أن هذه “التطبيقات لا تقترح حلولا سحرية”.
وأردف: “عندما ترى في 2021 أن هناك فقط 10 بالمئة من الشباب الذين يؤمنون بأن السياسيين يشاركون في تحسين أوضاع العالم مقابل 40 بالمئة في 1968، لا أدرى إذا كان بإمكان أي تطبيق ما أن يغير هذا الوضع”.
ولا يزال شبح المقاطعة مثل تلك التي شهدتها الانتخابات الإقليمية في 2021 حيث عزف عن التصويت ما يقارب عن 66,67 بالمئة من الشباب الفرنسيين (ما بين 18 و24 عاما) المسجلين في القوائم الانتخابية في أذهان السياسيين.
تطبيقات قد لا تغير من موقف الشباب إزاء الانتخابات والسياسة عامة
وتظل التوعية السياسية للشباب هي الهدف الرئيسي الذي تريد هذه التطبيقات القيام به. وكانت دول أوروبية أخرى سباقة في استخدام هذه التطبيقات، على غرار هولندا وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا. وها هي الآن تصل فرنسا في ظرف سياسي يتسم ببروز عدد من الأحزاب اليمينية المتطرفة وسياسيين ومرشحين جدد لا ينتمون إلى الطبقة السياسية التقليدية.
فهل ستقنع التطبيقات والأدوات الإعلامية الجديدة الشبان على العودة إلى صناديق الاقتراع؟ فحسب مركز البحوث السياسية في معهد العلوم السياسية بباريس، الذي أطلق في 2012 تطبيقا يدعى “البوصلة الرئاسية” لحث الشباب على التصويت، فالنتائج لم تكن في المستوى المطلوب.
فمن بين 4000 شاب تم استطلاعهم، ثلث منهم أجابوا بأن تطبيق “البوصلة الرئاسية” لم يؤثر عليهم ولم يشاركوا في التصويت”.
فهل سينجح “تيندر و “إليز” والتطبيقات والأدوات الأخرى حيث فشلت تطبيقات قبلها؟ الجواب قد يأتي على مرتين. الأولى خلال الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية المقررة في 10 أبريل/نيسان القادم والثانية في 24 من نفس الشهر.
طاهر هاني
مصدر الخبر
للمزيد Facebook