إيمانويل ماكرون يقدم نفسه للمرة الثانية كمرشح لـ “العمل”
نشرت في: 11/03/2022 – 16:22
يستعمل المرشحون للانتخابات الرئاسية الفرنسية كلمات وعبارات تبدو عادية، إلا أنها تحمل في غالب الحالات دلالات مقصودة وأهداف منشودة. فالرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، المرشح لعهدة ثانية في انتخابات 10 و24 أبريل/نيسان 2022، يشدد على مصطلح “العمل” كقيمة رمزية يرفعها ضمن أبرز شعارات حملته ويقدم نفسه للمرة الثانية كمرشح لـ “العمل”. فما السر وراء هذه الخطوة؟
ركز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة وجهها للفرنسيين في 3 مارس/آذار، معلنا ترشحه لولاية ثانية، على قيمة “العمل”، قائلا إن “الاستقلال [بالنسبة إلى الدول والحكومات] مرتبط بالقوة الاقتصادية”، وبالتالي “فعلينا العمل أكثر وعلينا الاستمرار في تخفيض الضرائب التي تثقل كاهل العمل والإنتاج”.
وأضاف: “علينا أيضا مواصلة الاستثمار في مجالي الإبداع والبحث كي لا نخضع لتكنولوجيات تُفرض علينا في حياتنا اليومية مستقبلا […] فنحن مطالبون باستعادة طاقتنا الإنتاجية من خلال العمل/الشغل لأجل الحفاظ على نموذجنا الاجتماعي”.
أشار إيمانويل ماكرون في رسالته عدة مرات لمصطلح “العمل”، مشيدا بأبرز إنجازاته خلال عهدته الأولى التي امتدت من مايو/أيار 2017 وتنتهي في 24 أبريل/نيسان إما بفوزه بولاية ثانية وإما بتسليمه السلطة لمرشح آخر، كما تضمنت مقترحاته في حال إعادة انتخابه في قصر الإليزيه.
للمزيد- منازل وأراض وحسابات بنكية…ممتلكات المرشحين للسباق باليورو
وهذا ما ينذر بأن تكون “قيمة العمل” في قلب حملته الرئاسية التي انطلقت قبل بضعة أيام وتتواصل في الأسابيع المقبلة، وهو ما تطرق إليه في 7 مارس/آذار خلال أول زيارة له كمرشح عندما قال في ضاحية بواسي الباريسية إن “الجواب الأول لتحسين القدرة الشرائية هو العمل”.
ما هو مصدر مفهوم “العمل” كقيمة مجتمعية؟
لقد تحولت نظرتنا للعمل على مر الوقت والزمن، كما تؤكد عالمة الاجتماع دومينيك ميدا. فهي تشير لثلاث مراحل أساسية: الأولى في القرن الثامن عشر عندما كان العمل وسيلة للإنتاج، والثانية في القرن التاسع عشر حيث كان يتعبر ركيزة الإنسان، وأخير في القرن العشرين لدى تحوله إلى محور وجوهر المجتمع محددا توزيع الأرباح والرواتب كما الحقوق والضمانات (الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية…).
للمزيد- ما ملامح الانتخابات الرئاسية الفرنسية منذ 1965؟
وأصبح العمل خلال الحرب العالمية الثانية بين 1939 و1945 إيديولوجية. ففي فرنسا، أراد نظام فيشي بزعامة المارشال بيتان والمتعامل مع النازيين أن يطوي صفحة “الجبهة الشعبية” [تحالف اليسار الذي ضم الاشتراكيين والشيوعيين والراديكاليين، والذي حكم فرنسا بين مايو/أيار 1936 وأبريل/نيسان 1938] التي اتهمها بأنها المسؤولة عن خسارة الجيش الفرنسي أمام العدو الألماني في يونيو/حزيران 1940، لاسيما بسبب اعتمادها نظام عمل قائم على أربعين ساعة في الأسبوع وإجازات مدفوعة.
اعتمد نظام فيشي شعارا وطنيا يمجد العمل ويتشكل من ثلاث كلمات: “العمل، العائلة، الوطن”. وبعد الحرب، أصبح العمل “ضرورة” ملحة لإعادة بناء البلاد، ثم لعب دور الحكم في الخلاف الإيديولوجي بين اليمين (ذات التوجه الليبرالي) واليسار (الاشتراكي). فقد استعمله اليمين كـ “قيمة” متعارضة مع “قيمة” اليسار القائمة على “مجتمع المساعدة” الذي لا يكترث بالشغل ويعتمد على الإعانات الاجتماعية التي تضمنها الدولة.
مارس السلطة بتوجه يميني لأغراض إيديولوجية واستراتيجية
يترشح إيمانويل ماكرون هذه المرة كما ترشح قبل خمس سنوات، أي بصفته مرشح “العمل” بنية ضمان أصوات اليمين المعتدل، لكن الظرف قد تغير بالنسبة إليه. ففيما تم انتخابه في 2017 على أساس برنامج انتخابي وسطي قال يومها إنه من اليمين ومن اليسار، مارس السلطة بتوجه يميني لأغراض إيديولوجية واستراتيجية على حد سواء.
للمزيد- ما هي انشغالات الناخب الفرنسي؟
فقد اعتبر إيمانويل ماكرون بأن الحزب الوحيد الذي من شأنه الوقوف بينه وبين عهدة ثانية هو حزب “الجمهوريون” (اليمين الجمهوري المعتدل)، متيقنا بأن اليسار المتشتت واليمين المتطرف غير قادرين على إقناع الفرنسيين للتصويت لصالحهما. انطلاقا من هذه المعطيات، ركز خطابه الرئاسي على مصطلحات ومفاهيم “العمل ” والجهد والجدارة لأجل توسيع قاعدته الانتخابية لداعمي وأنصار مرشحة اليمين فاليري بيكريس.
أعده للعربية: علاوة مزياني
مصدر الخبر
للمزيد Facebook